السلطة تشكل لجنة تحقيق في «سرقة أعضاء» ضحايا الانتفاضة الأولى

عائلاتهم تقول إن الجثث كانت تصل ليلا «مخيطة وشبه محشوة بالقطن»

TT

وحدهم الفلسطينيون الذي رافقوا الانتفاضة الأولى، لم يفاجأوا بالضجة الكبيرة التي رافقت تقارير سويدية، اتهمت إسرائيل بأنها كانت تسرق أعضاء الضحايا الفلسطينيين، إبان الانتفاضة الأولى التي انطلقت عام 1987، بل تقتلهم أحيانا لهذا الغرض.

وكان معروفا آنذاك أن غالبية من كان يسقط بالرصاص الإسرائيلي كان يحتجزه الجيش، ويأخذه إلى مشرحة معروفة باسم أبو كبير في بلدة أبو ديس قرب القدس، وبعد أيام تستدعى عائلته وتتسلم جثمانا مخيطا من أعلى الرقبة إلى أسفل البطن، وهو ما ترك انطباعا شبه موثوق لدى هذه العائلات بأن الإسرائيليين «سرقوا» الأعضاء الصالحة من هذه الجثث.

وأعلنت الحكومة الفلسطينية أمس أنها شكلت في الجلسة الأسبوعية الأخيرة في رام الله، لجنة ثلاثية، تضم وزراء الداخلية والصحة والخارجية، للتحقيق في ملف «سرقة الأعضاء». وجاءت خطوة السلطة رغم النفي الإسرائيلي.

وقال حسن أبو لبدة، أمين عام مجلس الوزراء، إنه على ضوء نتائج عمل هذه اللجنة ستتخذ السلطة مواقفها قبيل التحرك على مختلف الصعد الدولية والحقوقية.وظلت عائلات هؤلاء الضحايا، حتى بعد 20 عاما، تطالب بتشكيل لجان للتحقيق في المسألة، بل إن بعض هذه العائلات أبدى استعدادا لإعادة نبش القبور.

وقالت عائلة بلال غانم الذي قتل في 13 مايو (أيار) 1992، في بلدة أمّاتين قرب نابلس، إنهم مستعدون لإعادة فتح قبر نجلهم، لفضح إسرائيل. وقالت العائلة إن جثمان بلال سُلم لهم فارغا من قبل إسرائيل.

وقال أحمد اللحام من نابلس لـ«الشرق الأوسط» إن جثمان أخيه نعيم، الذي قتل في اشتباك مسلح عام 1992، سلم كذلك فارغا بعد التشريح، «وكان مليئا بالقطن، ودفن سرا».

وهذا ما قاله أيضا ممدوح، نجل سميح خروشة، الذي قتل مع بداية الانتفاضة، متهما إسرائيل بأنها سرقت أعضاء أبيه، مطالبا بفتح تحقيق في الحادثة.

وعند سؤاله كيف عرف، قال إن جسمه كان مخيطا وفارغا، ومملوءا بالقطن. وطبعا لم ير ممدوح جثمان أبيه، الذي دفن بدون مشاركة العائلة، لكنه قال إن من نقل جثمانه من المشرحة أكد هذه المعلومات.

وقبل أيام، نشر هاني العقاد من غزة قصة عن أحد أقاربه، وهو نور الدين العقاد الذي اغتيل عام 1992 في مدينة خان يونس جنوب القطاع، ويقول «إن قوات الاحتلال ورغم تأكدها من استشهاد نور الدين إلا أنها نقلت جثته معها، وبعد مرور عدة أيام اتصلت بذويه لتسليمهم الجثة ليلا».

وكان الدكتور العقاد واحدا من عشرة أشخاص شاركوا في الدفن، وقال «أردنا أن نغير الكيس البلاستيكي الأسود إلى الكفن العادي الذي جلبناه معنا، وللمفاجأة رأيت الشاب مخيطا بشكل عشوائي من الحلق وحتى آخر البطن، وبطنه كأنه فارغ لا يوجد به شيء، والغريب أن الخياطة كانت بشكل طولي لم تتعمد مداخل الرصاص ولم تتعمد البحث عن أسباب الوفاة أو التشريح».

وقال آخرون إن الإسرائيليين اقتلعوا عيون أبنائهم، بعد أن تعمدوا إعدامهم وليس اعتقالهم، والروايات في الضفة وغزة لا تنتهي، بل إن بعض المراقبين والباحثين أشاروا كذلك إلى أن احتجاز إسرائيل لجثث فلسطينيين وعرب في «مقابر الأرقام» يعزز نظرية سرقة الأعضاء.

وقال عبد الناصر فروانة، وهو مختص بشؤون الأسرى «إن إسرائيل تصر على رفضها الإفراج عن قرابة 300 جثة تحتجزها بمقابر الأرقام منذ سنوات طويلة».