لبنان: الحريري مُصر على حكومة الشراكة.. وتوقعات بإعلانها قبل 23 سبتمبر

«حزب الله» و«أمل» يتضامنان مع عون: المعارضة لا تدخل الحكومة إلا مجتمعة

الرئيس اللبناني ميشال سليمان خلال اجتماعه مع الوزير زياد بارود (تصوير: دالاتي ونهرا)
TT

استمر التجاذب قائما حول موعد إعلان التشكيلة الحكومية الجديدة في لبنان في ضوء استمرار التباين بين الرئيس المكلف، سعد الحريري، ورئيس تكتل «التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون، حول حصة هذا التكتل الذي برز أمس «تضامن» من قبل حليفيه الشيعيين، «حزب الله» وحركة «أمل»، معه بإعلانهما أنهما لا يدخلان الحكومة من دونه، ردا على ما تطالب به القوى المسيحية في «14 آذار» من المضي بإقرار التشكيلة الحكومية، ولو من دون موافقة عون.

وفيما كرر الرئيس المكلف التزامه تأليف حكومة وحدة وطنية، سرت موجة «استنتاجات» لم يؤكدها الرئيس المكلف ولم ينفها عن احتمال إعادة تشكيلة حكومية يقدمها إلى رئيس الجمهورية قبل سفر الأخير إلى نيويورك في 23 سبتمبر (أيلول) الحالي، بغض النظر عن توصله أو عدم توصله إلى اتفاق مع عون.

وأشار عضو كتلة «المستقبل» النيابية، النائب أحمد فتفت، إلى أن أمام رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري مدة أسبوعين لتشكيل الحكومة قبل سفر رئيس الجمهورية ميشال سليمان، منبها إلى أنه «من الطبيعي أن يبادر الحريري إلى التعامل مع سليمان على التأليف وفق صيغة 15 ـ 10 ـ 5، وإن لم تنل هذه الصيغة تأييد جميع الأفرقاء».

وانتقد وزير السياحة، إيلي ماروني، ما يحكى عن أن رئيس الحكومة المكلف، سعد الحريري، سحب يده الممدودة، مؤكدا على أنه لو كان الحريري بصدد سحب يده الممدودة لتشكلت حكومة أكثرية منذ زمن بعيد. ولفت إلى أن الحريري، وفي خطاباته الأخيرة، أصر على «مواقفه الموضوعية»، معتبرا أن المعطيات، ومنذ التكليف لم تتغير، وأن المواقف الإقليمية والداخلية ما زالت على حالها. وأضاف: «لا مؤشر اليوم على أن الحكومة قد تبصر النور قريبا». وفيما أشار ماروني إلى أن رئيس الجمهورية، العماد ميشال سليمان، يستبعد أي ولادة للحكومة قبل 23 سبتمبر (أيلول) موعد انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة، اعتبر أنه قام بواجبه لجهة دعوته الجميع للتعالي والترفع عن مصالحهم الشخصية في سبيل المصلحة الوطنية. وقال: «لكن الحل ليس بيده، وحتى ليس بيد الحريري». وكشف أن كلا من طرحي تجزئة الوزارات وحكومة الأقطاب قد تم التداول بهما وحتى بصيغ أخرى للخروج «من النفق الذي نمر به». وقال: «التجزئة من الحلول المطروحة ولكنها قد تحتاج لقانون، لذلك من المستبعد تطبيقها في الحكومة المنتظرة، كما أن حكومة أقطاب طرح في حال تم التوافق عليه قد يكون مخرجا لنا».

وأعربت حركة «اليسار الديمقراطي»، عن «قلقها من السياسات التعطيلية الهادفة إلى إبقاء البلاد في حالة إدارة للأزمة، وذلك عبر التمسك بشتى أنواع العقبات والشروط للحؤول دون تشكيل الحكومة». معتبرة أنه «بات مكشوفا منطق الاستخدام والتستر وراء العماد عون ومطالبه الذاتية».

وفي المقابل، أكد وزير الصحة العامة، محمد جواد خليفة، المقرب من رئيس البرلمان، نبيه بري، أن «أي حكومة لن يكون لها معنى إذا لم تكن حكومة وحدة وطنية يشارك فيها الجميع في مواجهة الاستحقاقات على مختلف المستويات ومن أجل تجنب إعادة إنتاج الأزمات. وشدد على أن «التنسيق متواصل بين أقطاب المعارضة»، مشيرا إلى أن «حزب الله وحركة أمل لن يدخلا إلى الحكومة إلا يدا بيد مع التيار الوطني الحر». ووصف كل ما يقال حول العلاقة بين رئيس المجلس النيابي، نبيه بري، ورئيس التيار الوطني الحر، ميشال عون، بـ«الشائعات»، مؤكدا أن «الاتفاق بين الاثنين ثابت».

ودعا عضو كتلة «حزب الله» النائب، علي فياض، إلى «عدم المراهنة على الفصل بين أفرقاء المعارضة»، مشددا عبر «صوت المدى» على أن «حزب الله» متضامن مع «التيار الوطني الحر» ولن يدخل الحكومة من دونه. ورد عضو الكتلة نفسها، النائب نواف الموسوي، أسباب الأزمة الحكومية إلى «مواصلة معركة إلغاء رئيس تكتل (التغيير والإصلاح)، النائب العماد ميشال عون، التي كانت بدأت في الانتخابات النيابية»، معتبرا أن هناك رغبة لدى الحلفاء المسيحيين للرئيس المكلف سعد الحريري بإقصاء التيار الوطني الحر، والعماد ميشال عون، عن الحكومة، ويريدون من الحريري أن يخوض معركتهم التمثيلية.

وشدد الموسوي على أهمية الحوار بين الحريري وعون، لافتا إلى أن المسافة عن تشكيل الحكومة ليست ببعيدة، واعتبر أن أي حوار يفترض أن يقترن بعاملين، الأول: الاعتراف بما يمثل العماد عون، والتخلي عن الشطب والإلغاء، والثاني: الإقرار بحكم الأكثريات الطائفية، وليس حكم الأكثرية بالمطلق. وأضاف أن هواجس التيار الوطني مشروعة بدليل خطوات عدة، كما حصل في خلال التشكيلات القضائية.

وفي الإطار نفسه قال عضو كتلة عون، إبراهيم كنعان: «إن الأصول الديمقراطية والدستورية المعتمدة في تأليف الحكومات لا تقول باحتكار مواقع ووزارات من قبل طرف معين، بل تعني تداول المواقع والمسؤوليات». وقال: «نحن لسنا في وارد التحدي اليوم، وعندما تحدينا العالم وكل التحالفات الإقليمية والدولية التي أسقطت لبنان، لم نكن نعد الكراسي ونوزع الحقائب أو المغانم على الحلفاء والأنصار».

ورد عضو كتلة الرئيس بري، النائب أنور الخليل، صوم الأخير عن الكلام إلى أنه «لا يريد أن يدخل في موضوع تشكيلها وأسباب تأخر هذا التشكيل»، وسأل: «لماذا لا تشكل هذه الحكومة بعد أن دعمنا كل تحرك باتجاه تشكيلها ولا نزال، وهل نتناسى الاستحقاقات التي تداهمنا والتحديات الكبيرة التي تواجه».

واعتبر الرئيس السابق للحكومة، نجيب ميقاتي، «أن الرهان على عامل الوقت لممارسة الضغط في تشكيل الحكومة الجديدة، هو رهان خاطئ ولا يحقق لأي نتيجة، بل سيؤدي إلى بروز تعقيدات إضافية، في وقت تزداد الانعكاسات السلبية الناتجة عن تعثر تشكيل الحكومة على مختلف القطاعات الاقتصادية والاجتماعية والتربوية». وقال: «إن البديل عن هذا الرهان يكون بإزالة العقبات من أمام الرئيس المكلف، واعتماد الخيارات التي تعود بالفائدة على الوطن وشعبه، لا سيما أن المواقف باتت واضحة وهامش المناورة صار محدودا». وتمنى أن تلقى جهود الرئيس المكلف ومبادراته بالتشاور والتعاون مع رئيس الجمهورية التوفيق والنجاح.