نتنياهو يخطط لبناء 5970 مسكنا في القدس والضفة.. والسلطة ترفض وواشنطن تأسف

قال لقادة المستوطنين: اصبروا عليّ وسأفاجئكم بما يرضيكم.. فأنا لم أغير مبادئي

TT

كشف النقاب في إسرائيل، أمس، أن المقترحات الإسرائيلية حول تجميد الاستيطان تجعل من التزاماتها غير جدية، إذ إنها تنوي الاستمرار في بناء 5970 وحدة سكنية في القدس والضفة الغربية، بينها نحو 700 سيتم إقرارها في غضون الأيام القريبة القادمة، قبل أن يدخل قرار تجميد الاستيطان حيز التنفيذ.

واتضح أن عدد البيوت التي تطلب إسرائيل الاستمرار في بنائها في الضفة الغربية بدعوى أن البناء فيها قد بدأ منذ شهور أو سنوات، يبلغ 2500 وحدة. وتفسر الحكومة الإسرائيلية إصرارها على مواصلة البناء بالقول إن هناك اتفاقيات تعاقد قانونية مع المقاولين لا يمكن خرقها، لأن ذلك يكلف غرامات مالية باهظة، ويؤدي إلى تسريح آلاف العمال، وقد يؤدي إلى انهيار شركات البناء ويضر بالتالي بالوضع الاقتصادي.

وإضافة إلى هذه البيوت هناك 670 بيتا ينوي رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إقرار خطط بشأنها في غضون الأيام القادمة قبيل دخول اتفاق تجميد البناء الاستيطاني حيز التنفيذ. وبهذا يصبح مجموع الوحدات السكنية المعدة لاستمرار البناء فيها 3270 وحدة سكنية، وهذا في مستوطنات الضفة الغربية وحدها، دون القدس الشرقية المحتلة، التي يرفض نتنياهو تشبيهها بالمستوطنات، ويعتبرها جزءا لا يتجزأ من عاصمة إسرائيل. وهناك نحو 2800 وحدة سكنية مخططة للبناء في القدس، بعضها في طور البناء المتقدم وبعضها الآخر في طور التخطيط والإقرار. وكانت مصادر إسرائيلية قد تحدثت عن التوصل إلى مسودة اتفاق بخصوص تجميد الاستيطان في المناطق الفلسطينية المحتلة، وأن السناتور جورج ميتشل، مبعوث الرئيس الأميركي إلى الشرق الأوسط، سيصل يوم الأربعاء لوضع اللمسات الأخيرة عليها. وأكدت المصادر أن هذا الاتفاق لا يتحدث عن تجميد تام للاستيطان، بل جزئي، بحيث يستمر البناء في الوحدات السكنية التي بوشر البناء فيها. وبالمقابل تبادر الدول العربية إلى خطوات أولية على طريق تطبيع العلاقات مع إسرائيل.

وأثار الكشف الاستيطاني ردود فعل غاضبة من الفلسطينيين. ووصف الرئيس محمود عباس (أبو مازن) في مؤتمر صحافي أمام قصر الاليزيه في باريس، قرار نتنياهو بأنه غير مقبول، وقال: «إن ما قالته الحكومة الإسرائيلية حول تسريع الاستيطان غير مفيد وغير مقبول بالنسبة لنا، وإننا نريد تجميدا كاملا لكل النشاطات الاستيطانية». وجدد أبو مازن، عقب لقائه الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، تأكيده أن اللقاء المقترح مع رئيس وزراء إسرائيل نتنياهو مشروط بوقف الاستيطان، مستطردا «إننا نريد السلام الذي يؤدي إلى دولة فلسطينية مستقلة تعيش جنبا إلى جنب مع دولة إسرائيل». وأضاف «إن الوصول إلى حل للصراع في الشرق الأوسط ليس مصلحة فلسطينية أو عربية فحسب، بل مصلحة دولية». واعتبر وزير الخارجية الفرنسي بيرنار كوشنير أن المشروع يتعارض مع التعهدات الإسرائيلية ومع عملية السلام. وأصدر البيت الأبيض بيانا أمس يعبر فيه عن أسفه للقرار. وأفاد البيان: «إننا نأسف لتقارير حول خطط إسرائيل للموافقة على المزيد من البناء الاستيطاني»، مضيفا أن «مواصلة النشاط الاستيطاني تتنافى مع التزام إسرائيل بخارطة الطريق».

وأكد البيان أنه «مثلما قال الرئيس سابقا، الولايات المتحدة لا تقبل بشرعية مواصلة التوسع الاستيطاني ونحن نشدد على وقفه»، مضيفا: «نحن نعمل على خلق جو يمكن إقامة المفاوضات فيه ومثل هذه التصرفات تجعل من الصعب خلق مثل هذا الجو». وحرص البيت الأبيض على التأكيد على «التزام الولايات المتحدة بأمن إسرائيل» الذي «لا يمكن هزه وسيبقى ذلك، ونؤمن أن أفضل طريقة لتحقيق (الأمن) تأتي من خلال سلام شامل في المنطقة بما في ذلك حل الدولتين أي دولة فلسطينية تعيش بجوار إسرائيل بسلام». وعلى صعيد رد الفعل الإسرائيلي، فقد هاجم قادة حزب الليكود نتنياهو، واتهموه بخيانة برنامج الحزب الذي يتحدث بوضوح عن مواصلة البناء الاستيطاني وتوسيعه. وبدا من تصريحاتهم أن غالبية النواب ومعهم عدد من الوزراء في الحكومة يعارضون تجميد الاستيطان، ويعتبرونه رضوخا مهينا للضغوط الأميركية. وقال النائب داني دنون: «سأخجل من الظهور باسم الليكود أمام الناخبين. نتنياهو يجعلنا ننفذ برنامج حركة ميرتس».

وسارع الناطقون باسم نتنياهو إلى تسريب معلومات إلى وسائل الإعلام تقول إن نتنياهو نجح في ضمان الاستمرار في البناء في القدس و2500 وحدة سكنية أخرى في الضفة الغربية، وينوي تمرير مخطط لبناء مئات البيوت الأخرى. وأكدوا أن نتنياهو اجتمع مع قادة المستوطنين في مطلع الأسبوع وأبلغهم بأنه يعمل من أجل ما يعملون من أجله ويؤمن بما يؤمنون، ولكن الأمر يحتاج إلى الصبر والعقل حتى تنجح إسرائيل في قضايا أخرى ملحة مثل التهديد الإيراني، وأنه قال لهم: «اصبروا علي، سأفاجئكم بما يرضيكم، فأنا لم أتغير، والمشروع الاستيطاني يهمني كما يهمكم». وقد ارتاح النواب المتطرفون وراحوا يتحدثون عن أهمية التوحد من حول نتنياهو لتقويته في مواجهة الضغوط، مع أن اثنين منهم، داني دنون وتسيبي حوتوبيلي، لم يصدقا وطالبا بمواصلة الضغوط عليه حتى يتراجع عن أي تجميد للاستيطان.

وهاجم الناطقون بلسان المعارضة اليسارية والليبرالية نتنياهو، فاتهمته تسيبي ليفني، رئيسة حزب «كديما»، باصطناع الصدامات بين إسرائيل وسائر دول العالم. وقالت إنه لا يجوز أن تتصرف حكومة نتنياهو بهذا الشكل، فهي لا تملك برنامجا سياسيا ولا رؤيا واضحة، ولا تعرف كيف تدير السياسة الإسرائيلية الاستراتيجية. وقال زعيم حزب «ميرتس»، حايم أورون، إن الاستمرار في البناء الاستيطاني يلحق ضررا فادحا بمصالح إسرائيل. وقال رئيس حركة سلام الآن، ياريف أوفنهايمر، إن تجميد الاستيطان مجرد كذب، ونتنياهو لم يكن صادقا فيه بتاتا. وحسب مخططه، فإنه لن يجمد البناء الاستيطاني يوما واحدا.