نائب مساعد وزيرة الخارجية الأميركية: كنا والعراقيون ضحايا لإيران.. ونحن قلقون جدا من نواياها

كوربن لـ «الشرق الأوسط»: طلب بغداد إنشاء محكمة دولية يعكس حيرتها.. وندعم المالكي لكن ليس انتخابيا

TT

شهدت العلاقات العراقية ـ الأميركية تطورات عدة خلال الأشهر الثمانية الماضية، على رأسها توقيع اتفاقية سحب القوات الأميركية من العراق نهاية العام الماضي وتطبيق سحب القوات الأميركية من المدن العراقية في 30 يونيو (حزيران) الماضي. وشهد يوليو (تموز) زيارة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي واشنطن 2009، ليلتقي الرئيس الأميركي باراك أوباما وعددا كبيرا من المسؤولين الأميركيين. واعتُبرت الزيارة في واشنطن ناجحة ونقطة أخرى في اتجاه الهدف العراقي ـ الأميركي المشترك للانسحاب من العراق. إلا أن تفجيرات 19 أغسطس (آب) الماضي الدامية التي استهدفت وزارتي الخارجية والمالية العراقيتين أثارت تساؤلات حول قدرة العراق على تولي أمنه بنفسه كما أن المشكلات السياسية التي ما زالت بحاجة إلى وساطة أميركية تُظهِر مدى تأثير الأميركيين في البلاد.

ولكن نائب مساعد وزيرة الخارجية الأميركية للشؤون العراقية مايكل كوربن، الذي يُعتبر المسؤول الأساسي في وزارة الخارجية الأميركية للشأن العراقي الآن، يرى أن التفجيرات كانت استثناء بدلا من ظاهرة تراجع أمني. وشرح كوربن في حوار خاص مع «الشرق الأوسط» هو الأول له منذ توليه منصبه الشهر الماضي «منذ 30 يونيو (حزيران) كنا نخشى من أن مجموعات متطرفة ستستغل الوضع في المدن مع التغيير الأمني، وكلما كان هناك تغيير في الوضع حتى بين وحدتين أمنيتين أميركيتين، فهذا يعتبر فترة ضعف، وكانت تفجيرات 19 أغسطس (آب) ضمن جهود استغلال ذلك». وأضاف أن الهجمات «خُططت لتُظهِر أن القوات العراقية غير قادرة على السيطرة على الأمن في المدن مثلما كانت عندما كانت تعمل بالتعاون مع القوات الأميركية ولكن حتى الآن أظهرت القوات العراقية أنها قادرة».

ومنذ إرسال رئيس الوزراء العراقي رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الأسبوع الماضي للمطالبة بإجراء تحقيق دولي حول التفجيرات الأخيرة ودور قوى خارجية فيها، لم توضح الإدارة الأميركية موقفها من إجراء مثل هذا التحقيق. وقال كوربن: «العراق أطلق اتهامات في السابق لتورط إيراني وسوري ومن دول أخرى ومخاطر انتحاريين وأسلحة وأموال تدخل العراق من دول أخرى». ولم يوضح كوربن إذا كانت الحكومة العراقية قد استشارت واشنطن قبل الشروع في طلب تدخل مجلس الأمن في قضية التفجيرات، قائلا: «نحن في حالة تشاور مستمر مع الحكومة العراقية ونحن ندعم أمن العراق الداخلي ونقوم بكل ما يمكننا، وقد استثمرنا الكثير في استقرار العراق».

واعتبر كوربن أن «أسلوب تعامل العراق مع النفوذ الخارجي السلبي مستمر ولكن الأمر المختلف أن هذه المرة العراق يتجه لانتخابات عامة حرة وعادلة نأمل أنها ستتبع الانتخابات المحلية في يناير (كانون الثاني) الماضي التي كانت نجاحا كبيرا». وأضاف: «من حق الحكومة الخوف من أن يهدد العنف هذه الانتخابات، ولدينا مصادر قلق مشتركة من ذلك العنف». واعتبر أن طلب العراق «يعكس حيرة حقيقية حول الهجمات الإرهابية المحزنة والأليمة وقبلها استهداف الكنائس والمساجد وغيرها، هذه الهجمات تتطلب كل ما يمكن للمجتمع الدولي فعله لمنعها»، موضحا: «خبراؤنا ينظرون في القضية ونحن مركزون على دعم العراق». وحول الاتهامات العراقية لسورية في ما يخص تفجيرات 19 أغسطس (آب)، قال كوربن: «نحن قلنا دائما إنه بإمكان السوريين عمل المزيد لتقدم المساعدة (للعراق)، من حيث المقاتلين الأجانب الذين يعبرون حدودها للوصول إلى العراق أو قياديي البعث السابقين المقيمين في سورية، هذا تصريح نكرره في العلن». ومنذ سنوات، يشكو المسؤولون الأميركيون والعراقيون من الدور الإيراني في العراق، وقال كوربن: «نحن قلقون جدا من نية إيران في العراق ونحن والعراقيون كنا ضحايا لأسلحة وأموال زودتها إيران.. والآن إيران مركزة على وضعها الداخلي ولا أعتقد أن في العراق نشاطا واسعا ولكن عندما يتحدث رئيس الوزراء عن الأمن الداخلي مع اقتراب الانتخابات فإن له حقا للتخوف من الوضع الداخلي». وأضاف كوربن: «من نقاط نجاح المالكي طريقة معالجة التهديدات من إيران وانتقاده العلني للميليشيات وتكثيف جهود المصالحة مع الشيعة والسنة لجذب الناس بعيدا عن المتطرفين، وأخرى الجهود الناجحة مع أصحاب الحق». ويُذكر أن كوربن يجيد العربية وقد عمل في الكويت وتونس ومصر وكان قائما بأعمال السفارة الأميركية في دمشق. وقبل توليه منصبه الحالي، عمل كوربن «رئيس الشؤون السياسية ـ العسكرية» في بغداد حيث كان يعمل عن قرب مع القوات العراقية والأميركية هناك. وحول طبيعة العلاقات بين البلدين قال كوربن: «هناك دعم كامل لحكومة رئيس الوزراء المالكي، فحتى مع أقرب جيراننا هناك أوقات اختلاف واتفاق ولكن نحن ندعم المالكي كرئيس وزراء العراق ولكن عند دخول فترة الانتخابات لا ندعم أي ائتلاف معين، ما نريده انتخابات حرة وعادلة وتكرار للانتخابات المحلية الأخيرة». ولكنه عبّر في الوقت نفسه عن «تشجيع الحكومة الأميركية للائتلافات التي تتخطى خطوط الطائفية، لأن مستقبل العراق الموحد والمستقر يعتمد على تعاون أطياف مختلفة ونحن نشجع كل الأطراف العراقية بعدم وضع برامجها السياسية على الطائفية». وخلال عمله في العراق، حضر كوربن اجتماعات عدة مع المالكي وراقب تطوره السياسي. وقال كوربن: «المالكي يؤمن بقوة بالدستور ويؤمن بسيادة القانون والوطنية العراقية ووحدة العراق، وقد أظهر ذلك في بعض قراراته حول سيادة القانون ومحاولاته معالجة القضايا من خلال الاعتماد على الدستور». وأضاف: «مصدر قوته التزامه بعراق موحد ودستوره، بعد عملية (صولة الفرسان) في مارس (آذار) 2008 (في البصرة) كان هناك تغير كبير بالنسبة إليه وأظهرت توسع ثقته ونجاح ائتلافه في الانتخابات المحلية بناء على برنامج سيادة القانون وتقديم الخدمات وحصوله على أصوات من أطياف مختلفة يُظهِر أن لديه دورا فعالا ليلعبه في العراق». وتثار تساؤلات حول إمكانية بقاء القوات الأميركية بعد موعد نهاية 2011، المحدد حاليا في الاتفاقية الأمنية بين البلدين، إلا أن كوربن أكد على أن «اسم الاتفاقية الأمنية هي الاتفاقية الأمنية لسحب القوات الأميركية المؤقتة في العراق، وهذا هو الاتفاق الذي يلتزم به الرئيس أوباما بشكل كامل، ولا يمكن تغيير أو تمديد فترة نفوذ هذه الاتفاقية». ولكنه أبقى الباب مفتوحا، قائلا: «لا يمكن التكهن ماذا سيحصل بعد الانتخابات العامة في يناير (كانون الثاني) المقبل ولكن حاليا لا توجد خطط أو مناقشات حول ذلك». ومنذ فترة يتحدث مسؤولون أميركيون عن مخاوف من نقاط تماسّ بين الحكومة المركزية العراقية وحكومة إقليم كردستان. وقال كوربن إن «هذه مصدر قلق أساسي خصوصا مع وضع كركوك وقضايا أخرى تنتظر الانتباه والمواجهات في خانقين مثال على كيف يمكن أن تتطور هذه الأمور دون قيادة ناضجة». وأكد أن السفارة الأميركية في بغداد تقضي وقتا على تحسين تلك العلاقات وهناك «بوادر إيجابية»، مشيدا بـ«جهود المالكي وزيارته إلى إقليم كردستان ضمن جهود تهدئة الأوضاع».