قمة سعودية ـ فلسطينية تبحث سبل «وقف الاستيطان» ودفع «عملية السلام»

صائب عريقات لـ«الشرق الأوسط»: خادم الحرمين نصح أبو مازن بـ«التضحية» لإنهاء الانقسام

خادم الحرمين الشريفين لدى إستقباله الرئيس الفلسطيني أول من أمس (رويترز)
TT

بحثت قمة سعودية فلسطينية، عقدت بين خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز والرئيس الفلسطيني محمود عباس، في جدة مساء أول من أمس، السبل الكفيلة بإرغام إسرائيل بوقف مشروعها الاستيطاني الجديد، والذي بات «حجر» عثرة أمام الجهود التي يبذلها الرئيس الأميركي باراك أوباما لحمل الجانبين العربي والإسرائيلي على المضي في عملية السلام.

ويأتي لقاء خادم الحرمين بالرئيس عباس، بعد يوم من لقاء الأخير بالرئيس المصري محمد حسني مبارك، وقبل أيام من عقد الجمعية العامة للأمم المتحدة، والذي سيكون الصراع العربي ـ الإسرائيلي، حاضرا فيه وبقوة، إذ ينتظر أن يطلق الرئيس الأميركي باراك أوباما، بعض المبادرات الخاصة بعملية السلام بالمنطقة.

وجرى خلال اجتماع الملك عبد الله بالرئيس أبو مازن، بحث تطورات القضية الفلسطينية والجهود المبذولة لتحقيق السلام في المنطقة.

وأبلغ «الشرق الأوسط» صائب عريقات رئيس دائرة شؤون المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية الذي رافق عباس في زيارته، بأن خادم الحرمين الشريفين، نصح الرئيس أبو مازن، بـ«التضحية» لإنهاء حالة الانقسام الفلسطينية.

وتناول الاجتماع الذي دار بين الملك عبد الله ومحمود عباس، مجموعة من القضايا.

ويقول عريقات إن الملك عبد الله «أبدى انزعاجا كبيرا من استمرار الانقسام الحاصل. تعلمون أنه أول من بادر لاحتواء الانقسام الفلسطيني من خلال اتفاق مكة، والرئيس أبو مازن قال إن الأشقاء في مصر يبذلون مساعي كبيرة وأنهم سيعرضون موقفا خلال الأيام القادمة، ونحن سنبذل كل جهد ممكن لإنهاء هذا الانقسام».

وشدد خادم الحرمين الشريفين، خلال استقباله لضيفه الفلسطيني، ومرافقيه، على أن من شأن الوحدة الفلسطينية أن تعزز القضية، معتبرا أن استمرار الانقسام بات يهدد القضية الفلسطينية من كافة جوانبها.

وطبقا لرئيس دائرة شؤون المفاوضات الفلسطيني، فإن القيادة السعودية، «أبدت دعمها الكامل للقيادة الفلسطينية، في مسعاها لوقف النشاطات الاستيطانية الإسرائيلية، ووقف الإجراءات الإسرائيلية المتخذة بالقدس بما فيها هدم البيوت والجدار والاستيطان».

وقال عريقات في حديث عبر الهاتف مع «الشرق الأوسط» قبيل مغادرة الأراضي السعودية، إن الرياض تبذل كل جهد ممكن مع كل الأطراف الإقليمية والدولية لتحقيق غاية وقف الاستيطان، التي قال إنها يجب أن تتوج بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإقامة دولة فلسطين المستقلة. ويعول الفلسطينيون، على العلاقات القوية التي تربط السعودية بالولايات المتحدة الأميركية، والتي يسعون لاستثمارها في حمل الرئيس باراك أوباما للضغط على إسرائيل لوقف كافة نشاطاتها الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية.

وأفاد عريقات، بأن الجانب الفلسطيني، أخذ علما بالمساعي الكبيرة التي بذلها الملك عبد الله مع الرئيس أوباما، معتبرا أن قضية فلسطين هي القضية التي يجب أن تحل على اعتبارها مفتاح الأمن والاستقرار والسلام بالمنطقة.

وأشاد أبو مازن، خلال لقائه خادم الحرمين الشريفين، بالجهود التي يبذلها الملك عبد الله بن عبد العزيز، في مجال الدبلوماسية الإقليمية والدولية خدمة للقضية الفلسطينية بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وإقامة دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.

ودعا صائب عريقات إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما والمجتمع الدولي، بالكف عن التعامل مع إسرائيل كدولة فوق القانون. وقال «لقد آن الأوان للإدارة الأميركية أن تنتقل من مربع دعوة الأطراف لتنفيذ ما عليها من التزامات، إلى تحميل إسرائيل المسؤولية عن إجهاض الجهود المبذولة لصناعة السلام في المنطقة».

من جهته، قال جمال الشوبكي السفير الفلسطيني لدى الرياض، عن هدف زيارة عباس إلى السعودية «لقد جرت العادة أن يقوم الرئيس الفلسطيني بإطلاع خادم الحرمين على آخر تطورات القضية الفلسطينية، وهذه المرة كانت نتائج اجتماعات مركزية فتح حاضرة، بالإضافة إلى التقدم المحرز في نتائج جولة الحوار الوطني في القاهرة».

ويقف مشروع الاستيطان الإسرائيلي الجديد عائقا دون عقد لقاء ثنائي بين محمود عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو برعاية أميركية، إذ يعارض الجانب الفلسطيني حدوث هذا اللقاء قبل أن تستجيب تل أبيب لطلبات وقف الاستيطان.

وقال السفير الفلسطيني لدى السعودية، إن موقف بلاده من هذا اللقاء، مدعوم بموقف عربي، مفاده «لا لقاء قبل تجميد الاستيطان».

وعلى الرغم من المواقف الأميركية والدولية المنددة باستمرار إسرائيل بمشاريعها الاستيطانية على الأراضي الفلسطينية، غير أن السفير الشوبكي يرى أن هذا الأمر غير كاف، ما لم يكن هناك تحرك على أرض الواقع، لتنصاع إسرائيل إلى مطالبات المجتمع الدولي.

وكانت السعودية، قد تقدمت في العام الماضي، بمشروع لوقف الاستيطان الإسرائيلي، تم تقديمه إلى مجلس الأمن، باسم المجموعة العربية.

ويرى السفير الفلسطيني لدى السعودية، أن من الضروري إعادة إحياء مشروع القرار السعودي الخاص بوقف الاستيطان، في مجلس الأمن من جديد.

وتحاط الرغبة العربية في استصدار مشروع لوقف الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية من مجلس الأمن، بمواقف دولية منددة باستمرار تل أبيب بمشاريعها الاستيطانية.

ويضيف الشوبكي، إنه «يجب أن تترجم الإرادة الدولية الرافضة للاستيطان لخطوات عملية، ويجب استصدار قرار من مجلس الأمن الدولي بحق إسرائيل وفقا للمادة السابعة، والتي ستصعب من موقف تل أبيب، إذ أن إسرائيل لا تقدر العيش بمعزل عن العالم»، داعيا واشنطن لرفع الحماية عن إسرائيل التي تفرضها دوما باستخدامها «حق النقض.. الفيتو».

حضر الاجتماع الذي عقده الملك عبد الله والرئيس الفلسطيني، الأمير منصور بن ناصر بن عبد العزيز مستشار خادم الحرمين الشريفين، والأمير الدكتور بندر بن سلمان بن محمد آل سعود مستشار خادم الحرمين الشريفين، والأمير عبد العزيز بن فهد بن عبد العزيز وزير الدولة عضو مجلس الوزراء رئيس ديوان رئاسة مجلس الوزراء، والدكتور سعود بن سعيد المتحمي وزير الدولة عضو مجلس الوزراء لشؤون مجلس الشورى، ومن الجانب الفلسطيني رئيس دائرة شؤون المفاوضات الدكتور صائب عريقات وسفير دولة فلسطين لدى السعودية جمال عبد اللطيف الشوبكي ومستشار الرئيس والناطق الرسمي نبيل أبو ردينة.

واختتم الرئيس محمود عباس رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية زيارة قصيرة للمملكة، حيث غادر في وقت لاحق من مساء أول من أمس، وودعه بمطار الملك عبد العزيز الدولي الدكتور سعود المتحمي وزير الدولة عضو مجلس الوزراء لشؤون مجلس الشورى، وعدد من المسؤولين.