نائب من كتلة «المستقبل» يحذر من استخدام اللغة النارية.. والأقلية تعتبر أن الأكثرية تستدرج حزب الله إلى السلطة

التهويل بـ«الحرب الأهلية» يدخل على خط الأزمة الحكومية في لبنان

TT

ربط وزير الاتصالات اللبناني جبران باسيل رفض الرئيس المكلف سعد الحريري شروط رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون بـ«مؤامرة تهدف إلى توطين الفلسطينيين وتؤدي إلى الحرب الأهلية». واعتبر في تصريحات متلاحقة، أمس، أن الحريري يمارس «الضغوط لكي يفرض علينا شروط الاستسلام والخضوع بالسياسة والطائفية والشارع، وهذا يعني أنه يريد تأليف حكومة بالنار والضغط والابتزاز، حتى وصل بهم الأمر إلى التهديد بالحرب الأهلية».

التلويح بالحرب الأهلية أو الفتنة لم يقتصر على باسيل، فقد حفلت الأيام الماضية بتصريحات لمسؤولين في «حزب الله» يحذرون من أن أي تشكيلة حكومية يقدمها الحريري من دون موافقة عون «ستكون أشبه بالخامس من مايو (أيار) 2008 الذي استدعى أحداث السابع من مايو». ويقول النائب من كتلة «المستقبل» محمد الحجار لـ «الشرق الأوسط» إن «هذا الطرح يندرج تحت خانة الضغط على الحريري لعدم إخراج التشكيلة الحكومية. وتلويح «حزب الله» بأحداث مشابهة لما حصل في السابع من مايو يشير إلى أن هناك فريقا لم يتعظ ولم يعد تقويم مواقفه التي كادت تجر البلاد إلى حرب أهلية». أما النائب في كتلة رئيس مجلس النواب نبيه بري، هاني قبيسي، فيقول «لبنان لا يتحمّل حربا أهلية. وبالتالي هذا الكلام يأتي ضمن التجاذب السياسي، وذلك كي يستطيع من يطرحه أن يحصل على ما يريد». ويضيف «اللبنانيون ينتظرون حكومة وحدة وطنية وليس حروبا داخلية. لذا من الأفضل لو يسحب السياسيون من طروحاتهم ومفاوضاتهم هذه الصيغة من التداول. فلا لزوم لطرحها والكلام عنها».

ويعتبر سليم كرم، النائب في كتلة رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية، أن «لا مقومات لحرب أهلية. ونحن لسنا في واردها. لأن هذه الحرب لا تحصل إلا بدعم من قوى خارجية وليس من الداخل اللبناني. والواضح أن القوى الخارجية تشير باتجاه السلام».

النائب في قوى «14 آذار» دوري شمعون أشار إلى أن «كلام الوزير باسيل غير مسؤول. ومن يحترم نفسه لا يهول بكلام من هذا النوع ويهدد بحرب أهلية هو عاجز عن خوضها وقوته في اتكاله على الجهة التي تدعمه وليس على ما لديه، لأنه لا يملك شيئا». وأضاف «لماذا التهويل والرئيس المكلف سعد الحريري يقوم بمسؤولياته ويقدم لرئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان اقتراحاته بشأن تأليف الحكومة؟ العملية تقف عند سليمان. والمطلوب منه اتخاذ موقف حاسم ينقذ البلاد، لاسيما أنه كان واضحا عندما طالب الجميع بتغليب المصلحة العامة على المصالح الخاصة والعائلية، وعندما شدد على وجوب تشكيل الحكومة قبل ذهابه إلى نيويورك أواخر الشهر الحالي».

ويجد كرم أن «التهويل بالحرب الأهلية هدفه النيل من سلاح حزب الله. وغالبا ما تلجأ الأكثرية النيابية إلى تخويف اللبنانيين من هذه الحرب ليصار إلى نزع سلاح الحزب». أما الحجار فيجد أن «استخدام اللغة النارية لخدمة هدف سياسي يرتد سلبا على الناس». ويقول «كنا ننتظر أن تقابل الأقلية وتحديدا حزب الله اليد الممدودة من الحريري والأكثرية بالتعاون وليس بالتمترس خلف مواقف متصلبة ورفع سقف المطالب لتصبح مستحيلة، ويعلم أصحابها جيدا أنها لا يمكن أن تتحقق بكاملها، إنما ببعض التنازلات لمصلحة الوطن، تماما كما فعلت الأكثرية. أما التهويل الذي تجابه به جهود الحريري فيمس بجوهر النظام البرلماني في لبنان والديمقراطية والطائف».

وفي حين يبدي الحجار خوفه على «الصيغة اللبنانية والدستور والمؤسسات»، يشير إلى أن «التجارب المريرة التي عاشها لبنان منذ اغتيال الرئيس الراحل رفيق الحريري تثير الهواجس، لا سيما أن «حزب الله» هدد فريق الأكثرية أثناء الانتخابات النيابية وبعدها ورفض الالتزام بوعوده لجهة تسهيل تأليف الحكومة وإقناع عون بالتنازل عن مطالبه المستحلية، مما يعيدنا إلى مواقفه من المحكمة الدولية والاعتصام وشل المجلس النيابي».

كرم لا يجد ما يبرر خوف الحجار. ويقول «مقومات الحرب الأهلية هي الحكم الاستبدادي لفريق الأكثرية الذي يصر على تجاهل عون الذي يمثل شريحة كبيرة من المسيحيين. المجموعة المستبدة التي تبين فشلها في الحكم هي من يلوح بالحرب الأهلية. وهي في هذا الطرح لا تقرأ المعطيات على الساحة اللبنانية. من يستطيع أن يقف في وجه حزب الله وقد عجز النظامان الأميركي والإسرائيلي عن مواجهة الحزب؟».

ويتخوف كرم من «استدراج الأمور إلى هذا المستوى، وكأنهم يريدون أن يمسك حزب الله بالسلطة». كما يتخوف من «تحويل المعركة إلى الساحة المسيحية، ذلك أن الأكثريات لدى باقي الطوائف محسومة. أما في الساحة المسيحية، فالظاهر أن هناك من يريد أن يجرنا إلى الخلاف والفتنة. ومع الأسف لا أحد يهتم بما يحاك لنا. والمرجعيات الدينية لا تبالي إذا فرضوا علينا وزراء لا يمثلون إرادة أكبر قوة سياسية لدى المسيحيين. وإذا تم فرض ذلك فإن الأمور ستذهب إلى وضع مأزوم، لا سيما بوجود بعض الموتورين الذين يتسلحون». وانتقد واقع وزارة الداخلية الضعيف الذي يسهل أي اضطراب أمني في البلاد. وقال «وزير الداخلية زياد بارود غير مسموح له بأن يعمل. وبالتالي الوضع الأمني خاضع للمافيات المدعومة من الموالاة. وهذا ما يفتح المجال لأسوأ الاحتمالات».

أما شمعون فقال إن «التلويح بالأمن يرتبط بإرضاء ميشال عون. إلا أننا تعودنا هذه المواقف. ولا أحد يستطيع استخدام السلاح. ما فعلوه في السابع من مايو 2008 نجح نسبيا في بيروت وسقط في الجبل. إلا أنهم دفعوا ثمن هذا النجاح الميداني في الانتخابات النيابية. ولن يعيدوا الكرة ولكنهم يهولون بها». وعزا كلام باسيل إلى «عدم اقتناع عون بأن يتولى غيره رئاسة الجمهورية. فهو وحتى بعد انتخاب سليمان لا يزال يتشدد ليعطل الدولة على أمل وصوله إلى سدة الرئاسة».