العراق: تحذيرات من سيارات أجرة مفخخة.. واغتيال ضابط كبير بعبوة لاصقة في سيارته

دبلوماسي أميركي: الدعوة لنشر قوات مشتركة في المناطق المتنازع عليها أمنية بحتة

عراقيتان تبكيان رجلين قُتلا ليلا في هجوم على بيتهما جنوب شرق بغداد (أ.ب)
TT

يبدو أن تأجير سيارة تاكسي أو حافلة (باص) في بغداد أصبح أمرا محفوفا بالمخاطر في ضوء التحذيرات التي أطلقتها السلطات الأمنية والعسكرية العراقية من أن الجماعات المسلحة لجأت مؤخرا إلى خداع سائقي سيارات الأجرة ووضع عبوات ناسفة ومتفجرات يتم التحكم فيها عن بعد (بالريموت كونترول) لاستهداف نقاط التفتيش والدوريات العسكرية والأمنية.

وفي الوقت نفسه، اغتال مسلحون مجهولون أمس ضابطا كبيرا بالجيش العراقي شمال مدينة الموصل (405 كيلومترات شمال العاصمة بغداد). وقال مصدر عسكري لوكالة «عراقيون» المستقلة للأنباء إن مجهولين اغتالوا العقيد الركن جاسم محمود جاسم الحمداني، ضابط المعلومات في الفرقة الثانية، حيث وضعوا عبوة لاصقة في سيارته بمنطقة المجموعة الثقافية شمال الموصل، كما أدى الانفجار إلى إصابة مدنيين كانوا بالقرب من مكان الحادث.

وقال المتحدث العسكري العراقي، اللواء قاسم عطا، للصحافيين إن «المجاميع الإرهابية لجأت في الآونة الأخيرة إلى اتباع أسلوب استغفال المواطنين لتنفيذ عملياتهم الإجرامية».

وأضاف أن المسلحين اتبعوا طريقة جديدة من خلال «تأجير عجلة (سيارة) وترك العبوة الناسفة أو اللاصقة أو المواد المتفجرة في المقعد الخلفي، ثم النزول منها قبل الوصول إلى نقطة التفتيش وتفجير العبوة، إما بتوقيتها أو بواسطة أجهزة التحكم عن بعد».

وحث عطا «أصحاب عجلات الأجرة بتفتيش عجلاتهم بعد مغادرة الركاب منها تفاديا لوقوع حوادث مؤسفة».

وقال إن قيادة عمليات بغداد تجري حاليا «تقييما ومراجعة للخطط الأمنية» بعد الانفجارات العنيفة التي هزت العاصمة العراقية قبالة وزارتي الخارجية والمالية الشهر الماضي، ما أوقع أكثر من 100 قتيل وجرح 1300 آخرين في عملية هي الأعنف من نوعها منذ إعلان القوات الأميركية الانسحاب من المدن والقصبات العراقية في 30 يونيو (حزيران) الماضي، في إطار ترتيبات الانسحاب الكامل من العراق بنهاية عام 2011، وفق الاتفاقية الأمنية الموقعة بين العراق والولايات المتحدة الأميركية نهاية العام الماضي.

وأضاف عطا: «نعمل على تجديد أسلوب عمل السيطرات ونقاط التفتيش من خلال اعتماد مستويات جديدة لنوع السيطرات، حيث بلغ مجموع السيطرات قبل التعديل 1631 سيطرة، تم إلغاء 79 منها والتعويض عنها بالمرابطات والكمائن وإضافة خمس سيطرات أخرى في مناطق مختلفة، وحسب متطلبات الوضع الأمني والتنسيق مع دائرة المرور العامة حول تحديد حركة عجلات الحمل الكبيرة». وهذا النوع من العمليات ليس جديدا، حيث سبق للجماعات المسلحة استخدام هذه الطريقة للترويع وقتل كبار الشخصيات الأمنية والعسكرية والسياسية والتي سقط بسببها المئات من الأشخاص طوال السنوات الماضية، مما اضطر أصحاب سيارات النقل، خاصة حافلات الركاب إلى القيام بإجراءات احترازية من خلال تفتيش الركاب قبل صعودهم إلى تلك الحافلات والسيارات بطريقة بدائية وغير دقيقة ومن دون استخدام أجهزة حديثة للكشف عن المتفجرات.

وبين الحين والآخر يسمع دوي انفجارات في أرجاء البلاد سببها وضع مواد متفجرة وعبوات لاصقة وأخرى ناسفة في سيارات النقل والأجرة، بعضها يتم التحكم فيه عن بعد، حيث تفجر بالقرب من التجمعات والأسواق الشعبية ونقاط التفتيش ودوريات الشرطة والجيش، ما يؤدي إلى سقوط أعداد كبيرة من الضحايا.

وقال أبو زينب، 36 عاما، في تقرير لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) وهو صاحب سيارة تاكسي: «من الصعب جدا معرفة ما إذا كان الزبائن يحملون مواد متفجرة، لأنه ليس بوسعنا تفتيشهم بشكل دقيق، وهذا الموضوع من اختصاص الأجهزة الأمنية، والحل الأمثل هو أن تقوم الحكومة بتزويدنا بأجهزة الكشف عن المتفجرات أسوة بالجيش والشرطة للمساعدة في الحد من هذه الأعمال».

وتعج شوارع بغداد بنحو مليون و300 ألف سيارة وعجلة على الرغم من أن عددا كبيرا من شوارع بغداد مغلق لدواع أمنية، سواء بكتل أسمنتية كبيرة أو أسلاك شائكة، ما يجعل حركة المرور مرتبكة، كما تشهد الشوارع ازدحاما كبيرا يمتد في بعض الأحيان لعدة ساعات، على الرغم من أن قوات الأمن فتحت نحو 75% من الشوارع المغلقة في العاصمة.

ويبدو أن انفجارات الأربعاء الدامي في العراق، التي استهدفت وزارتي المالية والخارجية، بشاحنات مفخخة تحمل أطنانا من المواد المتفجرة، وهي تتجول في شوارع بغداد بحرية من دون رقابة، جعلت السلطات الأمنية تعيد النظر في الخطط الأمنية بعد فترة من الاطمئنان بأن الوضع الأمني أصبح في حالة مستقرة، وأن القوات العراقية أصبحت في حالة سيطرة كاملة على الشوارع العامة ومداخل المدن.

من جهة أخرى، أفاد دبلوماسي أميركي رفيع في العراق أمس أن الدعوة إلى نشر قوات مشتركة في المناطق المتنازع عليها بالعراق هي «مبادرة أمنية بحتة».

وقال ألان ويليام، المستشار بالسفارة الأميركية في بغداد، خلال لقائه مسؤولين عراقيين في منطقة الحويجة التابعة لمدينة كركوك إن «مبادرة قائد القوات الأميركية بالعراق بشأن نشر قوات مشتركة هي مبادرة أمنية بحتة وتهدف إلى توفير وضع أمني مناسب لأهالي كركوك بما يضمن تنشيط الاقتصاد وتنفيذ المشروعات». وأضاف: «أثمن خطواتكم وأعمالكم بشأن دعمكم للعملية السياسية لأن وجود مكونات متعايشة في مدينة كركوك يعطي قوة لها».

تأتي زيارة الدبلوماسي الأميركي لكركوك بعد أيام من خروج مظاهرات ضد نشر قوات عراقية وكردية وأميركية مشتركة في المناطق المتنازع عليها في كركوك والموصل وبعقوبة، وإعلان موقف واضح ورافض للمكونين العربي والتركماني في كركوك لنشر قوات مشتركة.