اشتباه في كولونيل أميركي متقاعد بقضية فساد في مشروعات إعمار العراق

محققون فيدراليون يبحثون عن صفقات مشبوهة في سجلات مصرفية شخصية له

TT

يبحث محققون فيدراليون عن صفقات مشبوهة في سجلات مصرفية شخصية لكولونيل متقاعد في الجيش كان يدير مكتب تعاقدات في بغداد أثناء المراحل الأولى من إعادة إعمار العراق التي بلغت تكلفتها 125 مليار دولار.

ويفتح التركيز على أنتوني بي بيل نافذة على نطاق تحقيقات مستمرة منذ فترة طويلة في الفساد المتزايد في الوقت الذي بدأت فيه القوات الأميركية في مغادرة البلاد.

وعلى الرغم من تحسن إجراءات التعاقد والإشراف عليه في العراق كثيرا في الأعوام الأخيرة، إلا أن ذلك لم يبطئ من محاولة المحققين للتوصل إلى نطاق الفساد الذي يعوق أكبر جهود بناء دولة في تاريخ الولايات المتحدة. ويشك المحققون في أن بيل شخصية محورية في شبكة غير مترابطة من المسؤولين الأميركيين الذي يزعم تحويلهم عقودا إلى شركات تدفع لهم ملايين الدولارات في المقابل.

ووفقا لملفات محكمة فيدرالية، علم مكتب مفتش عام خاص من مصدر مجهول في عام 2004 أن بيل حصل على رشاوى من عقود إعادة الإعمار. ولا تذكر الملفات العقود على وجه التحديد أو المبالغ المدفوعة.

وفي حوار هاتفي مع الأسوشييتد برس، صرح بيل بأنه لا يواجه مشكلة في فحص المحققين لسجلاته. وقال: «سأذهب معهم بكل سرور إلى المحكمة في أي وقت يريدون فيه إحالتي إليها».

وكان بيل، الذي عمل رئيسا لمكتب التعاقدات في سلطة التحالف المؤقتة الأميركية من يونيو (حزيران) عام 2003 إلى مارس (آذار) عام 2004، يدير جانبا مهما من الوجود الأميركي في العراق. وقدم المكتب عشرات من العقود سريعا لمساعدة البلاد على الوقوف على قدميها مرة أخرى. وفي ذلك الوقت، لم يكن هناك تقريبا أي إشراف على كيفية إنفاق مبالغ مالية كبيرة، وفقا لمكتب المحقق الخاص في إعادة إعمار العراق.

ويشترك ذلك المكتب في التحقيقات الجارية مع وزارة العدل وقيادة التحقيق الجنائي العسكري ومكتب القوات الجوية للتحقيقات الخاصة.

وحتى الآن، توجد 46 حالة إدانة، منها 16 حالة تورط فيها شخصيات عسكرية، بارتكاب سلوك إجرامي سيئ في عمليات إعادة بناء العراق، التي تمويلها 50 مليار دولار من أموال الضرائب الأميركية.

وقد رفض المتحدث باسم المفتش العام في إعادة إعمار العراق التعليق لأن التحقيقات ما زالت سارية.

وفي نهاية يونيو (حزيران)، أتاح قاض أميركي الطريق أمام المحققين لفحص سجلات بيل المالية. وقد عارض بيل في البداية استدعاءه لتقديم سجلاته لأن الوثيقة ذكرت رقم حساب وعنوان منزل غير صحيحين. ومن المزعوم أن بيل أيضا تلقى مبالغ وصلت إلى عدة ملايين من الدولارات من جون كوكرهام، مسؤول التعاقدات في الجيش الذي كان يعمل في الكويت ومناطق أخرى خارجية. ودبر كوكرهام خطة للرشوة يقول المحققون إنه حصل من خلالها على 9.5 مليون دولار أودعت في حسابات مصرفية وصناديق إيداع آمنة.

وقد أدين كوكرهام في أغسطس (آب) عام 2007، واعترف بعد أقل من عام بارتكابه جرائم رشوة وتآمر وغسيل أموال. ولم يصدر حكم ضده حتى الآن.

ونشرت صحيفة نيويورك تايمز في فبراير (شباط) أن اسم بيل ظهر في مفكرة صغيرة كان كوكرهام يحتفظ بها.

وفي الحوار الذي أجرته معه الأسوشييتد برس، أنكر بيل قبوله أي رشاوى أو مبالغ من كوكرهام. ولكنه قدم تفسيرا ممكنا لظهور اسمه في مفكرة كوكرهام: فبعد مغادرة العراق في عام 2004، تولى بيل مسؤولية مكتب تعاقدات الجيش في فورت سام هوستون في تكساس. وفي ديسمبر (كانون الأول) عام 2005، بعد جولة طويلة في الكويت، تم تكليف كوكرهام بالعمل في مكتب بيل. وقال بيل إنه اتصل بكوكرهام والمشرفين السابقين على كوكرهام قبل وصوله ليعرف المزيد عنه كما يفعل أي شخص مع موظف جديد لديه.

ولم نتلق ردا على الاتصالات بالمحامي عن كوكرهام.

ويفحص وكلاء فيدراليون السجلات المالية لرونالد هيرتل، وهو ليوتنانت كولونيل في القوات الجوية كان مسؤولا عن التعاقدات في مكتب بغداد من فبراير (شباط) وحتى يونيو (حزيران) عام 2004. وتتداخلت المدة التي عمل فيها هيرتل مع بيل لفترة وجيزة.

وفي مقابلة معه، قال هيرتل إن الوكلاء لم يجدوا شيئا غير لائق. وقال أيضا إن المحققين حثوه على الخضوع لاختبار كشف الكذب، وأنه خضع له ونجح فيه.

ولم توجه اتهامات ضد هيرتل، الذي تقاعد من الجيش في يوليو (تموز) بعد عمل استمر طوال 20 عاما. وقد أنكر ارتكابه أي أخطاء وقال إنه لم يشهد أي سلوك غير مناسب أثناء وجوده في العراق. وذكر هيرتل، الذي كان يحمل رتبة ميجور في القوات الجوية عندما أرسل إلى بغداد، أنه تحدث مع بيل لمرات معدودة فقط أثناء عمله هناك. ويبدو أن تورطه في التحقيقات متصل بعقد إنشاء مستودع بقيمة 8.2 مليون دولار وقع عليه في مايو (أيار) عام 2004 مع شركة في الكويت اسمها أميركان لوجيستيكس سيرفيس.

ودفعت الشركة، التي أصبحت فيما بعد لي دايناميكس إنترناشونال، عشرات الآلاف من الدولارات رشاوى لمسؤولي التعاقدات الأميركيين من أجل الفوز بالعمل، وفقا لوثائق مقدمة إلى إحدى المحاكم الفيدرالية.

* خدمة «أسوشييتد برس» خاص بـ«الشرق الأوسط»