السأم يطغى على مشاعر اللبنانيين والتخوف يتنامى من ارتدادات الأزمة الحكومية على الوضع المعيشي

رغم توزعهم الحزبي على عدة جهات سياسية

TT

كما في كل محطة متأزمة، لا يتوانى اللبنانيون عن إبداء السأم وعدم الاكتراث لما يجري على الساحة السياسية. لكن حين تبلغ الأسئلة عتبة التفاصيل، تفضح الإجابات المبيتة ميولهم الحزبية. فالأزمة الحكومية ليست إلا محطة على سكة الأزمات المتتالية التي يشهدها لبنان منذ سنوات.

جوزيف استهل حديثه بالقول إنه «قلق مما يحصل» وإنه «مهتم بإيجاد حل إنما لا أتابع نشرات الأخبار والسياسيين والبرامج المتخصصة في استضافتهم، لأننا سئمناها. لذلك أكتفي بمتابعة العناوين وقراءة مقالات أحد الكتاب». إلا أنه يعتبر أن العماد عون «هو الأقوى مسيحيا وإن أرادوا تأليف حكومة عليهم أن يحترموا رأيه. وما المانع من إعادة توزير جبران باسيل بما أنه نجح في مهمته في الوزارة وفضح الكثير من الأمور؟».

كلام يثير غيظ شربل (الذي يميل إلى «القوات اللبنانية») فيسارع للرد: «كيف يوزر إذا رسب في الانتخابات؟ هل بات تسلم الوزارات جائزة ترضية لمن رسب في الانتخابات؟».

أما إيلي سالم فبدا مسلما بما يحصل: «وقوع هذه الأزمة ليس مستغربا، لأنها نتيجة طبيعية للانتخابات البرلمانية. المشكلة تكمن في تعامل الأطراف معا. ليس هناك احترام للأحجام والقوى». وأضاف: «يحاولون أن يصوروا أن العقدة تكمن في العماد عون، علما أن حزبَي التقدمي الاشتراكي والكتائب رفضا التشكيلة التي قدمها الرئيس المكلف (سعد الحريري). إذن المشكلة ليست مشكلة معارضة لأن الموالاة هي نفسها غير منسجمة». وفيما استبعد أن يوقع رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان مرسوم الحكومة بالصيغة التي قدمها الحريري، قال: «إذا فعل يكون طرفا لا حكما».

ماذا إذا اعتذر الحريري؟ يجيب: «فليعيدوا تكليفه أو ليختاروا رئيس وزراء لا يكون طرفا كما فعلوا بالنسبة إلى منصب رئاسة الجمهورية، كالرئيس السابق نجيب ميقاتي».

لسامر قراءته لما يحصل: «تقديم التشكيلة بالشكل الذي حصل، من شأنه التعطيل كسبا للوقت في انتظار تغير إقليمي معين، لأنهم يعلمون أن المعارضة لن تقبل به. إنه كذر الرماد في الأعين، لأن المشكلة لا تكمن في الداخل بل في عدم الرغبة الإقليمية في حل عقدة التأليف». بهدوء، يجيب آلان، وهو صاحب مؤسسة تجارية: «لا جديد في كل ما نعيش، بدأت أتأقلم مع الأزمات المنتظمة. لا أكترث لأنه لو حُلت لن نعرف تغييرا جذريا، لذلك من الأفضل أن يتوصلوا إلى حل لا بعد خصام كما حصل قبل الدوحة. فلبنان لا يحتاج إلى هزة أمنية جديدة، لأن الدورة الاقتصادية تتأثر بسرعة». التركيز على الجانب الاقتصادي طغى على غالبية الإجابات ذلك أن سيدة التي أكدت أنها تلتزم «عدم متابعة التطورات السياسية» قالت إنها «مهتمة وغير مهتمة بحل الأزمة في آن واحد. مهتمة بالتوصل إلى حل لأنها تنعكس سلبا على النشاط الاقتصادي. إنما غير مهتمة لأنني أدرك أن الحل لن يرسي قاعدة جديدة تثبت الاستقرار في لبنان».

وتسأل فيرا: «أيُعقل أننا نجونا من الأزمة المالية العالمية، لنقع أسرى أزمة حكومية سرعان ما سترتد سلبا على الاقتصاد؟».

طوني يرمي بـ«المسؤولية» على «تعثر الاتصالات الإقليمية وتباطؤ الحوار السوري السعودي والحوار الأميركي الإيراني في ما يخص البرنامج النووي». ويقول: «إذا اتفق الخارج تحل في الداخل».

في المقابل، اكتفت سارة (33 عاما) بقولها بنبرة حادة إن «الوضع مقزز ومقرف. أشبعونا تصريحات وسجالات. فليحلوا هذه الأزمة كما حلوا سواها سابقا». أما إيفيت (35 عاما) فقالت: «لست متفائلة حتى إن اتفقوا لأن السياسيين ينسون أن لشجاراتهم عواقب اقتصادية. يدّعون الحرص على البلاد وينسون أن هناك شعبا جائعا لا يزال للأسف يصفق للوجوه نفسها». من جهتها، ملّت رانيا أبو شقرا ما يدور في سماء لبنان السياسية واعتكفت هي وعائلتها عن متابعة الأخبار السياسية، وتقول: «بعد كل التغيرات السياسية التي حصلت، اكتشفنا أن السياسة اللبنانية ليست إلا مصالح شخصية لخدمة أصحابها، لذا ما يهمني فقط هو تأليف الحكومة وإنهاء الفراغ بغضّ النظر لمن تعطى مهمات هذه الوزارة أو تلك». وتضيف: «أما في ما يتعلق بتوزيع الحصص والمعارك التي تدور بشأنها، فمن السخافة أن نظن أن المشكلات تقتصر على الداخل اللبناني أو أن حلها في أيدي اللبنانيين. مما لا شك فيه أن القضية أكبر من مطالبة بحقيبة من هنا وأخرى من هناك. لكن بالتأكيد أن حزب الله ومَن وراءه سلموا المهمة إلى العماد ميشال عون لينطق بألسنتهم ويعرقل تشكيل الحكومة».

ويربط هشام ز. الفراغ الحكومي الذي يعيشه لبنان بالمحكمة الدولية في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري، ويقول: «سورية لن تسمح لأي شخص من آل الحريري أو من يمت إليهم بصلة بتشكيل الحكومة، وهي بالتالي تربط التسهيل بالتنازل عن المحكمة الدولية وهذا ما لن يحصل». وفي حين يعتبر هشام أن المعارضة والموالاة تنفذ أجندة السياسية الخارجية، لا يستبعد حصول ضغوط عسكرية على الأرض شبيهة بتلك التي حصلت في (مايو) أيار 2007، ولكنه في الوقت عينه لا يرى إشارات تعكس وقوع حرب أهلية لأن هذا القرار هو قرار خارجي ولكنه لم يُتخذ بعد.

كذلك لم يتغير شيء في حياة محمد ع. في غياب الحكومة أو في وجودها باستثناء انتظاره صدور نتائج امتحان الوظيفة الرسمية التي تقدم إليها، ويقول: «هذا الفراغ عكس هدوءا في الشارع اللبناني بعدما عاش اللبنانيون سنوات من الحرب النفسية. أما بالنسبة إلَيّ، فشُكلت الحكومة أو لم تشكَّل، النتيجة واحدة، ها هم كانوا يجتمعون أسبوعيا في جلسة مجلس الوزراء ولم يتخذوا أي قرارات تفيد الشعب اللبناني، جل ما يقومون به هو المناكفات السياسية التي تؤدي إلى خلافات بين أبناء الشعب الواحد. لكن مما لا شك فيه أنه إذا بقي الوضع على ما هو عليه، قد ينفجر في أي لحظة على الأرض، لا سيما أن هناك تصريحات نارية تلوح بالحرب الأهلية وتكرار أحداث 7 مايو (أيار) 2007». كمعظم اللبنانيين، لم تشعر رندى يموت بالفراغ الحكومي. وفي ظل تلويح البعض بتكرار أحداث 7 مايو (أيار) أو بحرب أهلية إذا بقيت الأمور على ما هي عليها، اعتبرت يموت أن ذلك لن يحصل وقالت: «أحداث مايو كانت درسا لحزب الله وبالتالي لن يكرر الحماقة التي ارتكبها مرة ثانية بعدما ساءت سمعته وعلاقته مع معظم الدول العربية والعالمية». من جهتها، تعتبر ماغي الخطيب أن الفراغ الحكومي الذي يعيشه اللبنانيون سينعكس سلبا على الواقع اللبناني في المرحلة المقبلة إذا لم يصل الأفرقاء السياسيون إلى حل. وتعتبر أنه من غير المنطق تعطيل البلد لأن أحد السياسيين يصر على توزير صهره. وتقول: «يجب أن يكون هناك قرارات حاسمة ويعمد رئيس الحكومة ورئيس الجمهورية إلى تأليف الحكومة ووضع الجميع تحت الأمر الواقع».