لبنان: الحريري يربط موقفه النهائي باستشارات يجريها مع حلفائه في الأكثرية

«14 آذار» تطالب بحكومة الفائزين.. و«حزب الله»: الذين يتحدثون عن لون واحد لا يقرأون المعادلات جيدا

TT

عاشت الساحة اللبنانية أمس نوعا من الاسترخاء بعد يومين من التشنج السياسي الناجم عن اعتذار رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري عن عدم تأليف الحكومة اللبنانية الجديدة.

وفيما تتجه الأنظار إلى يوم الثلاثاء المقبل، حيث ستنطلق الاستشارات النيابية الملزمة لتسمية الرئيس المقبل للحكومة، ربط رئيس المجلس النيابي نبيه بري ـ كما قالت أوساط في كتلته لـ«الشرق الأوسط» ـ موقفه وكتلته من تكليف شخصية لتأليف الحكومة بالتزام هذه الشخصية بتأليف حكومة الوحدة الوطنية التي تضم قوى المعارضة والموالاة.

وتبدو محسومة إلى حد بعيد إعادة تكليف الحريري بترؤس الحكومة المقبلة، لكن الأخير لم يحسم بعد موقفه النهائي من العملية، رابطا إياه بـ«استشارات سوف يجريها مع حلفائه في الأكثرية قبل انطلاق الاستشارات رسميا». بالإضافة إلى تصاعد كلام عن ضمانات بالتعاون يطلبها الحريري من المعارضة قبل قبوله التكليف، فيما تصاعدت الأصوات داخل «14 آذار» وكتلة «المستقبل» التي يرأسها الحريري مطالبة بحكومة أكثرية تضم الفائزين في الانتخابات النيابية.

وأعرب وزير الاقتصاد محمد الصفدي «14 آذار» عن أمله في أن تُفضي الاستشارات النيابية إلى إعادة وضع تشكيل الحكومة على السكة الصحيحة، مؤكدا أن الأكثرية ستعيد ترشيح النائب سعد الحريري لهذه المهمة. ورأى رئيس الهيئة التنفيذية في «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن التشكيلة التي قدمها الرئيس المكلف كانت بالفعل تشكيلة أبعد ما تكون عن التوازن ولكن لصالح «8 آذار»، وأول المعترضين عليها كانت أحزاب «14 آذار» لأنه بعد الانتخابات النيابية الأخيرة وما أسفرت عنه لا يمكن لأحد أن يتصور أن فريق «8 آذار» ينال الوزارات والحقائب التي أعطيت له في التشكيلة الحكومية المقترحة، وعلى الرغم من كل ذلك فإن فريق 8 آذار رفض الأمر. وأسف على اتخاذ لبنان كرهينة في الصراع الذي يدور بين «الكبار» جراء تصرفات بعض الأفرقاء الداخليين في 8 آذار.

وأوضح عضو كتلة «المستقبل» النيابية النائب نضال طعمة أن «الاستشارات المقبلة ستحدد من سيكون الرئيس المكلف» معربا عن اعتقاده بأن «صيغة الـ(15 ـ 10 ـ 5) ينبغي أن تكون قد سقطت». وتمنى طعمة «تشكيل حكومة من الأكثرية، مع الحرص على تمثيل جميع الفرقاء السياسيين بحسب حجمهم»، معتبرا أن «هناك مشكلة دستور ونظام، وهناك من يحاول تثبيت أعراف معينة لضرب الدستور»، لافتا إلى أن «الأمور مفتوحة على شتى الاحتمالات» وأشار عضو الكتلة نفسها محمد الحجار إلى أن «الرئيس الحريري والأكثرية قدموا تنازلات كثيرة، فرضوا بصيغة (15 ـ 10 ـ 5)، ولم يصروا على الثلثين ولا على النصف زائدا واحدا، وأصروا على أن يُرفع موضوع السلاح عن التداول ويُحصر على طاولة الحوار». وقال: «إن رد فريق (8 آذار) كان أن اعتبروا أن ممارسة الحق الدستوري مشروع فتنة، فلجأوا إلى مزيد من التهويل على رئيس الجمهورية لتوقيع مرسوم التأليف، وهددوا بحرب أهلية جديدة». مؤكدا أن «الأيام المقبلة ستوضح طبيعة المرحلة وتداعياتها، لكن الثابت فيها أننا أبناء مدرسة لا تقبل شروطا معاكسة لقواعد العيش المشترك والشراكة والائتلاف والحفاظ على النظام الديمقراطي، نظام الطائف وموجباته».

ونفى عضو تكتل «لبنان أولا» النيابي النائب خالد الضاهر «وجود إرادة للأكثرية تريد إحراج العماد عون لإخراجه من التشكيلة الحكومية»، لافتا إلى أن «الحقائب التي أعطيت للمعارضة هي حقائب سخية ومهمة خصوصا للعماد عون، فلماذا تقابلون هذا السخاء بجفاء؟». وأعلن أن «ما هو مطلوب من العماد عون ملاقاة رئيس الحكومة المكلف مع كل ما قدمته الأكثرية من تضحيات وتنازلات». وفي المقابل، رأى وزير «حزب الله» في الحكومة التي تصرف الأعمال محمد فنيش أن الذين يتحدثون عن حكومة من لون واحد باتوا لا يقرأون المعادلات السياسية جيدا، وهم يسقطون أمنياتهم على الواقع، مضيفا أنه «لا يمكن أن تمر حكومة وتبصر النور في لبنان في ظل التوازنات والمعادلات القائمة إلا على أساس الشراكة بين مكونات القوى السياسية والتوازنات السياسية والطائفية والمذهبية». وقال: «نحن كمعارضة منذ تجاوزنا الأزمة الماضية منفتحون على الحوار، ونقبل بكل إيجابية التعاون مع الفرقاء لأننا نؤمن بان هذا البلد لا يحكم بعقلية أحادية ولا بلون واحد ولا بنهج السيطرة والتسلط والاستفراد بالسلطة بالتوافق»، معتبرا أن الحديث عن تخفيض سقف المشاركة هو إدخال للبلد في أزمة.

وأعلن عضو تكتل «التغيير والإصلاح» (الذي يرأسه العماد ميشال عون) النائب وليد خوري أنه «في حال أنهينا صيغة (15 ـ 10 ـ 5) فإن هذا يعني أننا عدنا أربع سنوات إلى الوراء، ولا أعتقد أن هذا هو هدف النائب الحريري، وفي ما عدا ذلك أعتقد أن الأزمة سوف تطول». واعتبر أن «الطريقة التي شكل الحريري بها الوزارات مغلوطة جدا، ولم تكن مقبولة. وما نطلبه من الأساس التعاطي مع التيار الوطني الحر، الذي نمثله كشريك أساسي موجود على الساحة اللبناني ولا يمكن تغييبه، ويجب أن يفهم هذا الأمر أخيرا».