هجمات سبتمبر تحدد سياسات أوباما تجاه الأمن القومي

أدخل تعديلات على جهود الحرب الأميركية في الخارج وعلى سياسات الاعتقال والاستجواب في الداخل

سكان من نيويورك فوق سطح مرآب للسيارات يتطلعون إلى شلال مبهر من الضوء أضاء سماء مانهاتن قرب الموقع السابق لمركز التجارة العالمي «أ.ف.ب»
TT

في أول مرة يحيي فيها ذكرى أحداث 11 سبتمبر (أيلول) وهو في منصب القائد الأعلى للجيش، قال الرئيس أوباما أمام حشد مهيب في البنتاغون يوم الجمعة، ضم أقارب الضحايا الذين قتلوا منذ ثمانية أعوام، «لن يتمكن أي مرور للزمن، ولا أي سماء ملبدة، من التقليل من معنى تلك اللحظة».

لقد حددت الهجمات والخطوات التي اتخذتها إدارة بوش لمنع حدوث هجوم آخر الطريقة التي يرى بها أوباما العالم وتسيطر على مفهومه عن الأمن القومي أكثر من أي شيء آخر.

ويأتي ذلك التقييم من كبار مستشاري أوباما، ومنهم مستشارون كبار من فترة بوش، ومن مراجعة لملاحظاته السابقة عن الهجمات الإرهابية والطريقة التي ردت بها البلاد عليها. لكن يقول منتقدوه من اليسار واليمين، إن أوباما استفاد دروسا خاطئة من أحداث 11 سبتمبر (أيلول)، أو انه سمح للحدث بصرف الانتباه عن قضايا الأمن القومي ذات نتائج أكثر بقاء، ومنها تغير المناخ وتزايد طموحات القوى الإقليمية.

يقول توم مالينويسكي مدير هيومان رايتش وواتش في واشنطن، «تتطلب سياسات العالم فيما بعد 11 سبتمبر (أيلول) أن يقول أوباما إنها تحدد رئاسته. فبالتأكيد، كثير من الأشياء التي ورثها، والأشياء التي يجب عليه التعامل معها، جاءت نتيجة لأحداث 11/9، وهو يتناول الصراع بطريقة مختلفة تماما عن الإدارة السابقة. ويجب رؤيتها كمحور لما ينفق فيه رصيده السياسي».

لقد كتب أوباما وتحدث عن أحداث 11 سبتمبر (أيلول) عام 2001 عدة مرات، ومنذ أن تولى مهام منصبه، وقد أدخل التعديلات على جهود الحرب الأميركية في الخارج وعلى سياسات الاعتقال والاستجواب في الداخل، بل واللغة التي تستخدمها إدارته في الحديث عن الإرهاب، وفقا لترجمته لذلك اليوم وما حدث في أعقابه.

وجاءت جميع قراراته بمنع استخدام أساليب التعذيب في التحقيقات، وغلق المعتقل العسكري في غوانتانامو، وحديثه المباشر إلى العالم الإسلامي من عاصمة عربية نتيجة للاستنتاجات التي توصل إليها بشأن كيفية وسبب وقوع هجمات 11 سبتمبر (أيلول). وعلى سبيل المثال، ينبع ضغطه من أجل نظام منع انتشار نووي أقوى من تحليله للتهديد الذي ظهر في ذلك اليوم.

وفي الوقت ذاته، حافظ أوباما على العناصر المثيرة للجدل في سياسات بوش في فترة ما بعد 11 سبتمبر (أيلول)، ومنها التفويض باختطاف المتشبه بهم في قضايا الإرهاب ونقلهم إلى دول ثالثة، واحتجاز آخرين في مراكز الاعتقال الأميركية لمدة غير محددة، على الرغم من إجراء بعض التعديلات المهمة.

وتثير تلك الإجراءات بعض ناشطي حقوق الإنسان الذي ينتظرون من وعود أوباما الانتخابية ومعارضته الأولى لحرب العراق إدارة تنفصل بحدة عن منهج بوش. لكن يقول كبار مستشاري أوباما، إن سياسته تتفق مع نظرة غير أيديولوجية إلى حد كبير للعالم فيما بعد أحداث 11/9، وهي أكثر عملية مما أشار المنتقدون من اليمين، وعلى رأسهم نائب الرئيس السابق ديك تشيني.

ويقول جون برينان، كبير مستشاري أوباما لشؤون الأمن الداخلي ومكافحة الإرهاب، «شكلت الطريقة التي مرت بها البلاد بتلك التجربة رؤيته للعالم بصورة جوهرية. وإذا نظرت إلى ذلك من الناحية الأيديولوجية، ستغفل عن الأساليب المهمة في مواجهة الإرهاب».

عندما اصطدمت طائرة الخطوط الجوية الأميركية التي كانت تحمل الرحلة رقم 11 في برج مركز التجارة العالمي الشمالي، كان أوباما، الذي كان سيناتور في ولاية إيلينوي، يقود سيارته في طريقه إلى جلسة تشريعية في وسط مدينة شيكاغو.

وقال أوباما في خطاب ألقاه في أغسطس (آب) عام 2007 في مركز وودرو ويلسون الدولي للدارسين في واشنطن، «عندما وصلت إلى الاجتماع، كانت الطائرة الثانية قد ارتطمت بالبرج الثاني وطلب منا إخلاء المكان. لقد أجبرنا ما رأيناه في ذلك الصباح على إدراك أنه في عالم جديد من التهديدات، لا تحمينا قوتنا الخاصة».

وبدأ ذلك الخطاب، وهو أول خطاب كبير له عن الأمن القومي كمرشح رئاسي، بالحديث عن 11 سبتمبر (أيلول)، وهو خيار يكشف عن المدى الذي أثرت فيه الهجمات على تفكيره، كما يقول كبار المستشارين.

لقد كان أول خطاب كبير يعمل على إعداده بن رودس، الذي أصبح كبير كاتبي الخطابات في شؤون الأمن القومي لدى أوباما حاليا، مع السيناتور عن إيلينوي، الذي كان يعارض الحرب على العراق وكان يفضل التوسع في الحرب ضد القاعدة في أفغانستان.

وعلم رودس أن أوباما كان مهتما قبل أحداث 11 سبتمبر (أيلول) بالتغيير الذي تسببه التجارة الحرة والهجرة والتكنولوجيا والإرهاب وعناصر أخرى من العولمة في العالم. وقال، إن أوباما رأى الهجمات «تحولا أكبر»، وهو ما يوضح وضع القاعدة كأكبر تهديد ملح للأمن القومي.

وقال رودس، «إنه تحول متصل بانتشار التكنولوجيا. ومتصل بفشل الدول. ومتصل بحقيقة أن التحديات التي تواجهنا عالمية بطبيعتها. وكان يعتقد أن أحداث 11 سبتمبر(أيلول) تشير إلى بداية تلك الفترة، وأننا بالضرورة نحتاج إلى اللحاق بها».

خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»