هدوء في جنوب لبنان.. ورسائل تهديد هاتفية من إسرائيل إلى مواطنين جنوبيين

وزير الخارجية استنكر إطلاق الصواريخ والرد عليها.. وجعجع يربطها بتشكيل الحكومة

جندي إندونيسي من قوات السلام الدولية يقوم بدورية في قرية عديسة بجنوب لبنان على الحدود مع إسرائيل فيما تقوم مدرعات إسرائيلية بدورية مماثلة على الجانب الآخر من الحدود (رويترز)
TT

ساد جو من الهدوء الحذر الجنوب اللبناني بعد يوم واحد من عملية إطلاق صواريخ مجهولة باتجاه المستوطنات الإسرائيلية والرد الإسرائيلي بقصف محيط منطقة إطلاق الصواريخ، غير أن الدولة العبرية التي تقدمت بشكوى إلى الأمم المتحدة، بعثت برسائل تهديدية هاتفية باتجاه لبنان، تلقاها عدد من مواطني الجنوب، تحذرهم من التعاون مع «المخربين».

وسيرت قوة الطوارئ الدولية العاملة في جنوب لبنان (يونيفيل) والجيش اللبناني، دوريات راجلة ومؤللة في محيط مكان القصف الإسرائيلي في بلدتي القليلة والمعلية. وتواصلت التحقيقات في عملية إطلاق الصواريخ، وقامت القوى المسلحة اللبنانية بانتشار عسكري واسع شمل منطقة جنوب الليطاني. وعثرت القوى الأمنية على المنصة الخشبية التي استعملت لإطلاق الصواريخ، التي تعيد إلى الأذهان حالة مماثلة بإطلاق صواريخ سابقا ومن المكان نفسه أيضا. وتلقى عدد من الجنوبيين في أكثر من قرية اتصالات هاتفية مسجلة مصدرها إسرائيل، تحذر من التعاون مع ما سمته بـ«المخربين». كما حذرت «الدولة اللبنانية من أن إسرائيل لن تتهاون مع أي اعتداء جديد وأنها سوف ترد بقسوة». وأعلنت إسرائيل أمس أنها تقدمت بشكوى إلى الأمم المتحدة. وقال داني ايالون نائب وزير الخارجية للإذاعة العامة إن «حكومة لبنان ذات السيادة لا تلتزم بواجباتها بموجب قرار الأمم المتحدة رقم 1701 لأنها لا تمنع إطلاق الصواريخ ضد أراضينا».

واتهم ايالون لبنان كذلك بـ«غض الطرف» عن نقل الأسلحة إلى حزب الله اللبناني الذي شنت إسرائيل حربا ضده في صيف 2006. وأضاف أن «الحكومة اللبنانية قيد التشكيل، ولكن توجد حكومة انتقالية عليها تحمل مسؤولياتها وسفيرتنا في الأمم المتحدة غابرييلا شاليف قدمت شكوى إلى مجلس الأمن». وتابع «في الوقت الحالي ردنا الذي جاء في الوقت المحدد في الميدان يعتبر كافيا. ولكن هذا الحادث المنفصل يدل على قدرات الإرهابيين، وإسرائيل سترد بشكل مكثف إذا تم انتهاك الهدوء بشكل خطير».

ودان وزير الخارجية والمغتربين فوزي صلوخ «الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي اللبنانية وحادثة إطلاق الصواريخ التي سبقتها على الأراضي المحتلة، حيث عمد الجيش الإسرائيلي إلى إطلاق القذائف في اعتداء صارخ ومدان على السيادة اللبنانية عوضا عن التنسيق مع قوات اليونيفيل أسوة بما فعله الجيش اللبناني، الذي أسرع في اتخاذ الإجراءات الأمنية اللازمة لتطويق الحادثة والمحافظة على الهدوء». وأكد الوزير صلوخ استنكاره للحادثة بمجملها وخصوصا الاعتداءات الإسرائيلية المتسرعة، مجددا التزام لبنان بالقرار 1701، وداعيا إلى معالجة الأمر ضمن إطاره وبالتعاون مع «اليونيفيل». ووصف عضو كتلة «التنمية والتحرير» النائب هاني قبيسي حادثة إطلاق الصواريخ والقصف الإسرائيلي في القليلة بالعمل المشبوه الذي يهدف للإخلال بالأمن وتخريب الساحة اللبنانية في الوقت الذي يمر فيه لبنان بأزمة على مستوى تشكيل الحكومة، معتبرا أن الذي أطلق الصواريخ ورد بالقذائف هو طرف واحد. وقال: «في كل محطة سياسية يمر بها لبنان نشهد تدخل العدو الإسرائيلي يطل برأسه مخربا الساحة اللبنانية، فما حصل في بلدة القليلة هو تخريب واعتداء على أمن اللبنانيين، إن كان من الذين أطلقوا الصواريخ أو من إسرائيل التي ردت عليهم، فهذا عمل مشبوه يهدف للإخلال بالأمن وتخريب الساحة اللبنانية في الوقت الذي يمر فيه لبنان بأزمة على مستوى تشكيل الحكومة».

وفي المقابل، رأى رئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية سمير جعجع أن حادث الجنوب هو مؤشر على وجود أطراف إقليمية لا ترغب في تشكيل حكومة في لبنان وأن الصواريخ التي انطلقت في هذا الوقت تحديدا ومن منطقة ـ يعي الجميع من يسيطر عليها ـ باتجاه إسرائيل هي «خطوة عرقلة» شبيهة بتلك التي تتعرض لها خطوة تشكيل الحكومة».

واعتبر عضو الأمانة العامة لقوى 14 آذار النائب السابق سمير فرنجية أن لبنان ورقة تفاوض بيد إيران مع المجتمع الدولي، وقال: «هناك قرار بتعطيل البلد لأن إيران وسورية محرجتان» مشيرا إلى «قرار اتخذه حزب الله وسورية بانتظار ما ستؤول إليه المفاوضات مع المجتمع الدولي». ورأى أن «وضع حزب الله محرج، لأن نموذج إيران بدأ بالتراجع، فضلا عن الوضع الكارثي الذي يعاني منه أبناء الجنوب» داعيا إلى «ضرورة تقطيع هذه المرحلة بهدوء نتيجة الأزمة الصعبة التي تعاني منها المنطقة». وقال منسق الأمانة العامة لقوى 14أذار فارس سعيد إن إطلاق الصواريخ في اتجاه إسرائيل بأزمة المنطقة لا يرتبط بالوضع الحكومي، وأكد «أن ما حصل في الجنوب هو خرق للقرار 1701»، معلنا رفضه «أن يكون لبنان صندوق بريد بين الأطراف الإقليمية والجهات الدولية».

ويأتي التصعيد فيما يشهد لبنان أزمة حكومية حادة إثر اعتذار زعيم الأكثرية سعد الحريري عن تشكيل الحكومة متهما المعارضة بقيادة حزب الله بعرقلة جهوده. ولم تتبن أي جهة إطلاق الصواريخ باتجاه إسرائيل، فيما وجد الجيش اللبناني والقوات الدولية منصتين خشبيتين لإطلاق الصواريخ في جوار القليلة. وهذه هي الحادثة الثالثة من نوعها على الحدود اللبنانية الإسرائيلية هذا العام. ففي شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير (شباط) سقطت صواريخ مصدرها لبنان على شمال إسرائيل متسببة في إصابة أشخاص بجروح طفيفة. أما حزب الله فنفى أن تكون له أي علاقة بالحادثين، كما لم يبد أي تعليق أو رد فعل على حادثة الجمعة.