نفق جديد تحت الأقصى يهدد الحرم القدسي ومنازل البلدة القديمة

حرب قومية ودينية تشتد في القدس المحتلة

TT

بعيدا عن الحرب الفلسطينية ـ الإسرائيلية التي تتركز حول السيادة السياسية على المدينة المقدسة، تدور في شوارع القدس الشرقية المحتلة حرب قومية كذلك، فقد سجل في الشهور الأخيرة ارتفاع وتيرة الاعتداءات اليهودية على عرب، والعكس. وبعض هذه الاعتداءات جاء من دون سبب، بل لمجرد أن الآخر عربي أو يهودي، وبهدف القتل.

ومساء أول من أمس، أطلق جندي إسرائيلي النار على مقدسيين في حي سلوان، أحدهما صبي يبلغ من العمر 13 عاما والثاني يبلغ من العمر 40 عاما، قرب البلدة القديمة، وأصابهما بجراح وصفت ما بين خفيفة وخطيرة. وقالت مصادر إسرائيلية في البداية إن مطلق النار (20 عاما)، وهو مستوطن، وتم اعتقاله، وأن خلفية الجريمة لا تزال غير واضحة، وادعت المصادر أن التحقيقات الأولية للشرطة أفادت بأن الجندي المستوطن زعم أنه أطلق النار دفاعا عن النفس، بعد أن هاجمه 6 فلسطينيين، فاستل سلاحه وأخذ يطلق النار. وقالت مصادر فلسطينية إن مطلق النار يهودي من الحي الاستيطاني الذي أقيم مؤخرا قرب سلوان، ووقع الاعتداء بعد أن حاول المستوطنون اقتحام الحي. لكن الإذاعة الإسرائيلية قالت في وقت لاحق أمس، إن مطلق النار جندي كان في إجازة، ودافع عن نفسه.

وانتهى هذا الاعتداء بمواجهات بين الفلسطينيين والشرطة الإسرائيلية، قذف الفلسطينيون الشرطة بالحجارة فردت عليهم بالرصاص وقنابل الغاز، واعتقال عدد منهم. وقالت الإذاعة الإسرائيلية إن العرب رشقوا كذلك بيوتا قريبة تابعة ليهود بالحجارة. وتركزت الاشتباكات قرب ما يسميه اليهود مدينة داوود التي تشرف عليها جمعة «إلعاد» الاستيطانية، التي تنشط في القدس الشرقية المحتلة، إذ يعيش في المنطقة التي شهدت الحادثة عدد من المستوطنين الأعضاء في هذه الجمعية.

وهاجم أبناء عائلة أحد الجريحين الفلسطينيين، حارسا ومسعفا إسرائيليين في مستشفى هداسا في القدس، كردة فعل على الحادثة. وأعلن قائد شرطة المدينة اهارون فرانكو أن الشرطة ستكثف وجودها في شرق القدس ليومين تحسبا لأي طارئ.

من جهة ثانية، تشتد حرب ثالثة، هي دينية، حول السيطرة على الحرم القدسي، إذ تعمل إسرائيل ليل نهار لفرض وقائع جديدة في محيط المسجد الأقصى الذي يعتبره اليهود موقع الهيكل المزعوم.

ووثقت مؤسسة الأقصى لإعمار المقدسات الإسلامية، بالصور الفوتوغرافية قيام المؤسسة الإسرائيلية بحفر نفق جديد ملاصق للجدار الغربي (حائط البراق الذي يطلق عليه اليهود اسم حائط المبكى) للمسجد الأقصى، يمتد إلى مسافة 200 متر، يبدأ من خارج أسوار المسجد، يسار ساحة البراق متجها إلى داخل البلدة القديمة مارا تحت البيوت المقدسية.

وقالت المؤسسة: «إن هذا النفق والحفريات الإسرائيلية تشكل خطرا كبيرا على المسجد الأقصى وتهدد عشرات البيوت المقدسية في البلدة القديمة بالانهيار». واشتكى العشرات من أهل المدينة من تصدعات شديدة في بيوتهم.

ويصل النفق بعدة أنفاق متشابكة تحت الأرض، وتقول المؤسسة إن بعضها يعتبر فراغات أرضية لأبنية إسلامية من العهود الإسلامية المتعاقبة.

وتتم عملية الحفر، حسب بيان صحافي صادر عن المؤسسة، بشكل سريع يرافقها إخراج كميات كبيرة من الأتربة، إذ تقوم المؤسسة الإسرائيلية ببناء كنيس يهودي على بعد 50 مترا من الأقصى، وتحاول المؤسسة الإسرائيلية التستر على هذه الحفريات.

واعتبرت مؤسسة الأقصى في بيانها، أن هذه الحفريات تشكل خطرا كبيرا على المسجد الأقصى من حيث قربها وعمقها وملاصقتها للمسجد، ناهيك عن أن هناك أبوابا مغلقة وسواتر تحجب رؤية حفريات إضافية تقوم المؤسسة الإسرائيلية بتنفيذها ويتعذر حتى الآن الكشف عنها.

وقال الشيخ كمال خطيب نائب رئيس الحركة الإسلامية في مناطق 48: «إن الكشف عن هذا النفق الجديد، إنما يزيدنا قناعة بكل ما سبق وقلناه وحذرنا منه، من أن أعمال الحفر لم تتوقف ولو في لحظة واحدة، والزعم أنه تجري فقط أعمال ترميم في باب المغاربة فهي مجرد فرية يراد من خلالها التخفيف من عظم الجريمة التي ترتكب سواء كان في طريق باب المغاربة أو تحت المسجد الأقصى».