إيران: القضاء ينفي «مزاعم الاغتصاب» ويريد تحركا حازما بحق مهدي كروبي

90 موقوفا سابقا في معتقل كهريزاك يقدمون شكاوى من سوء المعاملة

كروبي في مكتبه وسط تزايد ضغوط المحافظين لاعتقاله (رويترز)
TT

رفضت لجنة التحقيق التي أنشأها رئيس القضاء الإيراني «مزاعم الاغتصاب» التي أعلن عنها مهدي كروبي، أحد قادة المعارضة الإصلاحية في إيران، ودعت لجنة التحقيق الحكومية إلى تحرك قضائي بحق كروبي وبحق «المتآمرين معه»، كما أفادت وكالة «فارس» للأنباء أمس. وجاء في الرسالة الموقعة من قبل أعضاء اللجنة الثلاثة، التي أرسلت إلى رئيس السلطة القضائية أنه بعد الاستماع إلى كروبي والنظر في وثائقه «وصلت اللجنة إلى نتيجة أن ليس هناك أي دليل» يدعم اتهامات كروبي. وأضافت أن «هذه المزاعم لا أساس لها من الصحة، وبعيدة عن الحقيقة، ومفبركة بشكل كامل».

وتوضح الرسالة أن أعضاء اللجنة التقوا مرتين كروبي. وتضم اللجنة إبراهيم رئيسي، مساعد رئيس السلطة القضائية، وغلام حسين محسني إيجائي، مدعي عام البلاد، وعلي خلفي، رئيس دائرة إدارة القضاء. وأوصت اللجنة أيضا «بتحرك عادل وحازم» من قبل القضاء ضد «المسؤولين عن هذه الاتهامات والمتآمرين معهم»، التي نشرت في إطار القيام «بأعمال مناهضة لأمن النظام التي بدأت بعد الانتخابات الرئاسية».

ورفض كروبي، المرشح الخاسر للانتخابات الرئاسية في 12 يونيو (حزيران)، وزعيم المعارضة الإصلاحية، مير حسين موسوي، والرئيس الإصلاحي السابق، محمد خاتمي، الاعتراف بفوز محمود أحمدي نجاد، مشيرين إلى أعمال تزوير كثيفة، كما أكد كروبي حدوث اعتداءات جنسية على المعتقلين في السجون بعد المظاهرات العارمة التي شهدتها إيران، وهو ما تنفيه السلطات الإيرانية.

وفي 19 أغسطس (آب) طلب كروبي لقاء مسؤولي النظام لكي يعرض عليهم وثائق «حول التجاوزات الجنسية التي ارتكبت في بعض السجون» بحق متظاهرين معتقلين. وكان أعلن سابقا أن بعض المعتقلين عذبوا حتى الموت، ونفى رئيس البرلمان، علي لاريجاني، هذه الاتهامات.

وأدت تصريحات كروبي إلى اتهامه بالكذب من قبل المحافظين، حتى أن أحدهم دعا إلى معاقبته بجلده 80 جلدة. وتزايدت في الأيام الأخيرة المخاوف على حياة كروبي وسط دعوات متزايدة من المحافظين باعتقاله بسبب إثارته اليومية لموضوع الانتخابات والتعديات التي حدثت بها، والتجاوزات بحق المعتقلين، وزيارته لأسر بعض الضحايا، حتى بات صداعا كبيرا لسلطة أحمدي نجاد، والمرشد الأعلى لإيران، آية الله علي خامنئي. وأدت حركة الاحتجاج على نتيجة الانتخابات الرئاسية الإيرانية إلى مظاهرات ضخمة قمعتها السلطات.

لكن على الرغم من التهديدات والتحذيرات لكروبي، فإنه رد، أمس، بشكل مباشر على المرشد الأعلى لإيران، وقال في مقابلة نشرتها صحيفة «لا ستامبا» الإيطالية إن آية الله الخميني، مؤسس الجمهورية الإسلامية الذي توفي في يونيو 1989، كان ليلغي انتخابات يونيو الماضي. وأكد كروبي في المقابلة أنه «لو كان الإمام الخميني لا يزال على قيد الحياة لكان ألغى هذه الانتخابات وأدان أعمال العنف والقتل». واعتبر كروبي أن «ما حصل بعد انتهاء الانتخابات فورا، من توقيف آلاف المعارضين، وقتل العشرات، وأعمال العنف، يشكل انقلابا عسكريا حقيقيا». ويذكر أن كروبي (72 سنة) درس الفقه في جامعة قم مع آية الله الخميني، وآية الله منتظري. وتولى مرتين رئاسة مجلس الشورى الإيراني (برلمان).

وكان المرشد الأعلى لإيران على خامنئي قد وجه تحذيرا ضمنيا إلى كروبي وخاتمي وموسوي، وحتى رئيس مجلس الخبراء هاشمي رفسنجاني، عندما قال في خطبة الجمعة، أول من أمس، إن «مقاومة النظام ومحاربته سيعقبها رد فعل قاس.. إذا وقف شخص ما ضد ركائز النظام الإسلامي وانتهك أمن الشعب سيضطر النظام إلى التصدي لهذا»، موضحا أن «السلطة تتساهل» مع المعارضين، لكن ليس مع الذين يحاربونها ويشككون في «مبادئها» و«أمنها»، مشددا على أن «النظام الإسلامي سيتعامل بحزم مع الذين استلوا سيوفهم لمحاربته.. لكن النظام لا يتحرك ضد الذين لديهم وجهات نظر معارضة. نريد أن نوحد أكبر عدد من الناس وإبعاد الحد الأدنى الممكن. الذين لديهم مواقف معارضة يمكنهم القيام بأنشطة في هذا الإطار، لكن الذين يتحركون ضد المبادئ والأمن، سيتحرك النظام ضدهم».

وكان لافتا أن خامنئي قال في خطبته إن قائد الثورة الإيرانية، آية الله روح الله الخميني، تصدى لأشخاص «لهم خلفية ثورية ودينية» وشغلوا أيضا «مناصب عليا»، مشيرا إلى أنه ليس هناك شخص فوق القانون»، وذلك في إشارة ضمنية إلى رفسنجاني، وكروبي، وخاتمي، وموسوي.

كما حذر خامنئي من أي محاولات «لتحويل إيران إلى جمهورية إسلامية زائفة.. لها طبيعة علمانية لكن بمظهر إسلامي»، كما أراد البعض في السنوات العشر الماضية، في إشارة، في ما يبدو، إلى رئاسة خاتمي التي استمرت بين عامي 1997 و2005.

كما أعلن خامنئي أن إيران ستبقى حازمة في الدفاع عن حقوقها النووية، موضحا «ينبغي أن نبقي على الحزم للدفاع عن حقوقنا في المجال النووي. التخلي عن الحقوق، سواء في المجال النووي أو غيره، يعني انهيار النظام». وتابع: «سنسلك طريق الانهيار إذا.. أظهرنا ضعفنا أمام المستكبرين، وتراجعنا بدلا من مقاومتهم.. التنازل عن الحقوق هو خروج عن المسار سواء كانت حقوقا نووية أو غير نووية بدلا من التمسك بها».

ويأتي ذلك فيما قدم نحو 90 موقوفا سابقا في معتقل كهريزاك، الذي أقفلته السلطات لارتكاب خروقات، شكاوى من سوء المعاملة، بحسب ما أعلنه المسؤول العسكري شكر الله بهرامي، أمس، لوكالة أنباء «مهر». وقال بهرامي: «حتى اليوم حضر 90 ممن تعرضوا لسوء المعاملة في كهريزاك لتقديم شكوى، فيما أدلى 15 آخرون بشهاداتهم». وأوضح أن «سبعة متهمين، جميعهم من قوى الأمن، هم في السجن الآن».

وأشار إلى أن المسؤول عن معتقل كهريزاك نفسه، هو أيضا في السجن. وأضاف أن الملف سيرفع إلى المحكمة في نهاية التحقيق.

ويذكر أن المرشد الأعلى، علي خامنئي، أمر في نهاية يوليو (تموز) بإقفال معتقل كهريزاك (جنوب طهران) بسبب عدم تطابقه مع المعايير. وكان في المعتقل أشخاص اعتقلوا في المظاهرات الاحتجاجية على إعادة انتخاب محمود أحمدي نجاد. واعترفت السلطات بأن ثلاثة موقوفين توفوا في معتقل كهريزاك.

ونقلت صحيفة «اعتماد ملي» الإصلاحية عن القائد في الحرس الثوري الإيراني عبد الله الراقي أن «أعمال الشغب أدت إلى مقتل 36 شخصا، 3 منهم في معتقل كهريزاك ونحو 10 آخرين في أماكن غير محددة، أما الباقون فقتلوا رميا بالرصاص من دون معرفة من أطلق النار وأين».

ولم يحدد المسؤول ظروف وفاة المعتقلين في السجن، إلا أن وسائل الإعلام ومسؤولين معارضين أكدوا أن الموقوفين عذبوا وضربوا حتى الموت، وكانت الحصيلة الرسمية للاضطرابات تشير حتى الآن إلى مقتل 30 شخصا، فيما يتحدث المسؤولون في المعارضة عن 72 قتيلا. وبالإضافة إلى ذلك أوقف 4000 متظاهر لا يزال 140 منهم خلف القضبان ومحاكمتهم جارية.