لبنان: لا تنازلات إزاء التشكيلة الحكومية عشية استشارات تعيد الحريري رئيسا مكلفا

رغم خفض حدة المواقف لدى الأكثرية والمعارضة

TT

لم يطرأ أي تبدل جديد في مواقف الأكثرية والمعارضة في لبنان، عشية الاستشارات النيابية الملزمة لتكليف رئيس لتشكيل الحكومة الجديدة، وإن كانت كل المعطيات تؤشر بأن الأغلبية النيابية ستعاود تسمية زعيمها سعد الحريري لتشكيل الحكومة مرة ثانية. غير أن ثمة رهانا على إمكان تدخل إقليمي وتحديدا سعودي ـ سوري، للخروج من الأزمة الراهنة والتفاهم على الحد الأدنى من المطالب التي ترضي الطرفين، في الساعات التي تسبق عملية الاستشارات أو تواكبها في اليومين المقبلين.

وبدت مواقف القوى السياسية لدى فريقي الأغلبية والمعارضة أقل حدة أمس، وتجنبت التصعيد الذي كان سمة الساعات التي تلت اعتذار الحريري يوم الخميس الماضي. فقد نفى رئيس الهيئة التنفيذية في «القوات اللبنانية» سمير جعجع، أن تكون «14 آذار» تريد الانقلاب على صيغة 15/10/5، مشيرا إلى «أن رئيس تكتل «لبنان أولا» سعد الحريري كان جديا جدا في هذه الصيغة، وحاول حتى اللحظة الأخيرة الوصول إلى حكومة وفق هذه المعادلة، ولكن للأسف لا نية ولا قرار سياسيا لدى الفريق الآخر لتشكيل حكومة، حتى إثبات العكس».

واعتبر جعجع «أن الشروط التي يضعها التيار الوطني الحر أكبر من أن يتحملها أي فريق آخر»، وقال: «التركيبة الحكومية التي طرحت لم نكن راضين أبدا عنها ولا الكتائب ولا المستقبل ولا الوزير أرسلان، لكن لا يمكن أن تلبي أي حكومة مطالب كل الفرقاء».

ورأى أن «التنازلات والتضحيات التي قدمها الشيخ سعد الحريري وقوى 14 آذار هي لمصلحة لبنان وشعبه. إنما هناك فريق يريد أن يبقى لبنان ساحة للصراع الإقليمي، والدليل على ذلك الرسائل التي وجهت من الجنوب إلى إسرائيل لإبقاء لبنان ساحة حرب مفتوحة لخدمة هذا الصراع».

ووصف عضو كتلة «القوات اللبنانية» النائب فريد حبيب ما يجري في لبنان بـ«المسرحيات الهزلية تخرجها مجموعة من اللبنانيين، وآخر الأعمال المسرحية لهذه المجموعة كان إفشال مهمة الرئيس الحريري في تشكيل حكومة الوحدة الوطنية، وذلك تحت عنوان ظاهرة المشاركة في الحكم ولو على حساب الدستور والديمقراطية والأعراف والقوانين». وقال: «لم يعد خافيا على أحد، أن ما يحصل هو لحماية الاستحقاقات الإقليمية المقبلة، إمعانا منها في الهيمنة على السلطة بهدف إبقاء لبنان ساحة لتصفية حسابات الآخرين على أرضه».

واعتبر عضو «اللقاء الديمقراطي» النائب مروان حمادة أن «النائب سعد الحريري سجل أكثر من نقطة إيجابية في اعتذاره، وهذا الاعتذار كسر حلقة جهنمية مفرغة حاول البعض إلقاء لبنان فيها»، معتبرا أن «رئيس تكتل لبنان أولا أكد سيادة الدستور وأعاد وجوب اعتماد الأخلاقية الدستورية في تشكيل الحكومات».

وقال: «لم أر في حياتي أن الحكومات تعثرت بسبب مواضيع تافهة ظاهريا غير أن هناك طابعا باطنيا بوضع اليد على ما تبقى من أمن شرعي في البلد عبر وضع اليد على بعض الوزارات. أن الحريري أعاد وحدة الأكثرية حوله، وهي ستجدد له الثلاثاء والأربعاء ويبقى له القبول بذلك». رأى أن الحريري «لن يخرج عن مبدأ حكومة الوحدة الوطنية. واعتذاره أعاد لبننة الأزمة الحكومية. وأسف لعدم تمكن اللبنانيين من التقاط لحظة الانفراج التي سادت البلد بعد مبادرة الحريري باتجاه المعارضة عبر اقتراحه حكومة الوحدة الوطنية».

وعما إذا كان يؤيد اتفاق دوحة جديدا لحل الأزمة الحكومية شدد على أن «حكومة لبنان يجب هذه المرة أن تشكل في بيروت من اللبنانيين، ما دام هناك رئيس جمهورية وفاقي وحيادي ومجلس نيابي جديد منتخب من الشعب».

ورأى عضو كتلة «المستقبل» النائب أحمد فتفت أن الفريق الآخر مستعد لحرق البلد إذا لم تتحقق مطالبه، معتبرا أن موضوع توزير جبران باسيل «واجهة لمعركة سياسية كبيرة». ولفت إلى أن «تجربة الرئيس سعد الحريري أعطته مفهوما جديدا للتعامل مع الفرقاء السياسيين»، وأنه لا يزال مستعدا لحكومة وحدة وطنية.

وحذر من «أن المرحلة الحالية فيها أخطار كبيرة وملفات متفجرة، وعلى الطرف الآخر تسوية الصفوف في الداخل بدل أن يضع إملاءات لأنه لا يعترف بنتائج الانتخابات النيابية»، واصفا استعمال حزب الله منطق الإخضاع بأنه «خطير».

وقال: «من حق رئيس مجلس النواب نبيه بري أن يشترط حكومة وحدة وطنية، ولكن عليه أن يسهلها من خلال بعض المواقف التي تنسجم مع مطلبه وتدفع الطرف الآخر إلى التنازل»، وسأل: «ما هو موقف بري من عدم تسمية أطراف المعارضة أي رئيس للحكومة وما هو موقفه من المطالب التعجيزية، التي يضعها النائب ميشال عون؟».

وقال عضو كتلة الكتائب النائب نديم الجميل «إن المعارضة لا تريد قيام حكومة وتضع الشروط والعراقيل. وقد ظهر ذلك من تصريح العماد عون الذي طلب من جميع الأشخاص المنتمين إلى التيار الوطني، الذين سيعينون وزراء أن يستقيلوا فورا، وذلك فور تقديم التشكلية إلى رئيس الجمهورية وقبل إذاعتها في الإعلام».

وقال: «نحن نريد تطبيق الدستور. انتخابات 7 يونيو (حزيران) أفرزت أكثرية وأقلية. ونحن كأكثرية لدينا خيارات بتشكيل حكومة وحدة وطنية أو حكومة مشاركة أو حكومة من الأكثرية، استنادا إلى النظام الديمقراطي البرلماني. أما إذا قبل الآخرون أم لم يقبلوا، فهذا الأمر يعود إليهم. نحن علينا أن نتحمل المسؤولية التي كلفتنا بها أكثرية الشعب اللبناني».

وقال: إن «السيد حسن نصر الله، (الأمين العام لحزب الله) بما يملك من سلاح مع حزب الله، وكأنه يحمل مسدسا ويصوبه إلى رؤوسنا ويمنعنا من تشكيل حكومة، ويستعمل عون كواجهة. هذا الأمر مرفوض. نحن لسنا الحلقة الأضعف ولسنا خائفين. إنما إذا كنا نفاوض فلن يكون ذلك على حساب ثوابتنا ومبادئنا. والنائب سعد الحريري باق على تلك الثوابت».

من جهته، أكد وزير الاتصالات جبران باسيل أن «لبنان لن يكون فيه حكومة إلا حكومة وحدة وطنية، محفوظ فيها حق كل فريق، ولا أحد سيمس بحقوقنا أو يتعدى على صلاحيتنا. وقد سقطت التجربة التشكيلية الأولى ونحن نفتخر بأننا أسقطناها، ونأمل أن تكون التجربة التشكيلية الحريرية الثانية أنجح وأوعى لكي لا نذهب إلى التجربة الحريرية الثالثة وهكذا دواليك».

وأكد رئيس كتلة حزب الله النائب محمد رعد، أن «ما تسعى إليه المقاومة هو الحرص على السلم الأهلي والتوافق الوطني في لبنان وتشكيل حكومة تستجيب لتطلعات كل مكونات الشعب اللبناني». وقال: «المقاومة في لبنان لا تسعى إلى الحكم ولا إلى السلطة، ولكن وجود المقاومة في الحكومة بات يشكل ضمانة ومبعث طمأنينة حتى للذين يشكلون الحكومة».

واعتبر أن «المحاولة التي حصلت خلال الأيام الماضية من الرئيس المكلف لتشكيل حكومة وحدة وطنية لا نعتبرها نهاية المطاف، ولا نعتبر أنها وصلت إلى طريق مسدود، على الرغم من الاعتذار عن التكليف، لكن نعتبر أن فترة التكليف لم تستنفد فيها الجهود المعقولة والحوار المدروس».

ورأى أن «حكومة الوحدة الوطنية ليست جوائز ترضية لأحد إنما ضرورة تفرضها الظروف الراهنة وطبيعة الأزمة التي تتفاقم في البلاد يوما بعد يوم. حكومة الوحدة الوطنية يفرضها استمرار الأزمة السياسية، وحين لا تكون هناك أزمة سياسية ربما لا نكون في حاجة إلى حكومة ائتلاف وطني تجمع كل الفئات والمكونات. لكن بما أن البلد مأزوم، والوضع السياسي والأمني على شفير هاوية، نحتاج إلى أن نتعاون معا ونمد أيدينا بعضنا إلى بعض من أجل أن ننهض بالتحديات والمسؤوليات الملقاة على عاتقنا».

بدوره، أكد عضو تكتل «التغيير والإصلاح» النائب حكمت ديب، أن لبنان «لا يحكم إلا بالتوافق وبمشاركة جميع أبنائه، ولا يجوز أن نؤلف حكومات أو أن تكون هناك سلطة من طرف واحد ولون واحد. لبنان لديه ديمقراطية خاصة وآن الأوان لكي يفهم الجميع أن هذه الديمقراطية لا يجوز ضربها. ليس هناك أكثريات وأقليات، هناك مجموعات في لبنان وهناك قوى سياسية ممثلة في لبنان تريد المشاركة وإعطاء رأيها بحجمها الحقيقي وبقرارها الحر داخل السلطات الدستورية».

وقال: «آن الأوان لكي يتعظ الجميع في لبنان وليفهم الجميع أن أبناء هذا البلد كلهم يجب أن يشاركوا بحكمة ولا مجال لكي يستقر الوضع في لبنان ما لم يشارك جميع أبنائه».

وأعلن الوزير السابق وئام وهاب، «أن المعارضة اللبنانية جدية في المطالبة مجددا بتأليف حكومة وحدة وطنية، ولكن البعض في لبنان فضل تنفيذ الأوامر الخارجية لا تنفيذ المصالح اللبنانية، وهذه هي المشكلة التي وقعنا بها مؤخرا. وهذا البعض وضع نفسه ووضع لبنان على خط اشتباك إقليمي ـ دولي ولا أحد يعرف نتائجه».

وقال: «المسألة شكلا هي الحكومة وتشكيلها، وشكلا هي صراع على الحقائب والأسماء، ولكن في العمق الصراع هو على موقع لبنان، وعلى المقاومة ودور المقاومة في لبنان وربما على دور المقاومة في كل المنطقة».