توتر أمني وسياسي في إقليم «أرض الصومال» بعد تأجيل الانتخابات الرئاسية

شرطة الإقليم تغلق مقر البرلمان بعد طرح نواب معارضين مشروعا لمساءلة الرئيس تمهيدا لإقالته

TT

لقي 3 مدنيين على الأقل مصرعهم، وأُصيب 7 آخرون، في مدينة هرجيسا عاصمة إقليم «أرض الصومال» الذي أعلن انفصاله عن الصومال من طرف واحد عام 1991، جراء اضطرابات أمنية وأعمال شغب بين محتجين غاضبين من أنصار أحزاب المعارضة في الإقليم، وشرطة مكافحة الشغب في المدينة. واحتشد الآلاف من أنصار المعارضة وهم غاضبون في شوارع المدينة احتجاجا على قيام قوات الشرطة بإغلاق مقر البرلمان في مدينة هرجيسا، حيث اتهموا الحكومة بالتدخل في سير أعمال مجلس النواب الذي تمثل المعارضة أغلب عناصره.

وقامت الشرطة المحلية بإغلاق مقر البرلمان بعدما طرح بعض أعضاء مجلس النواب من كتل المعارضة مشروعا لمساءلة الرئيس تمهيدا لإقالته من منصبه بتهمة خرق الدستور، حيث إنه لم ينجح في إجراء الانتخابات الرئاسية بموعدها المحدد (29 سبتمبر (أيلول) الحالي)، الأمر الذي عارضه نواب الحزب الحاكم بشدة، وانتهت آخر جلسة لمجلس النواب بالصخب والضجيج، وتبادل اللطمات في داخل القاعة، واستخدم أحد النواب مسدسا مهددا به النواب، علي الرغم من أن القانون لا يسمح بدخول الأسلحة إلى البرلمان.

في هذه الأثناء دعا رئيس «أرض الصومال» طاهر ريالي كاهين المواطنين في أرض الصومال إلى التزام الهدوء، وألقى باللوم على المعارضة ورئيس مجلس النواب ـ الذي ينتمي هو الآخر إلي المعارضة ـ بالوقوف وراء تأجيج وإثارة هذه الاضطرابات. وقال ريالي «هذه المشاكل السياسية والاضطرابات يمكن حلها عبر قنوات الحوار، لكن استخدام القوة فيما بيننا سيعطي فرصة لأعداء أرض الصومال». وأضاف «كان بابي مفتوحا للحوار مع الأحزاب السياسية المعارضة، ولا يزال مفتوحا حتى الآن، نحن كحكومة مستعدون للنقاش في كل المسائل الخلافية. أرى أن مثل هذه الانتفاضة ليست جيدة بالنسبة للشعب والأمة وتنميتها أيضا».

وقد أعرب الاتحاد الأفريقي عن قلقه البالغ إزاء التوترات السياسية في «أرض الصومال» بسبب تأجيل الانتخابات الرئاسية. وأوفد الاتحاد الأفريقي إلى هرجيسا «نيكولاس بواكيرا» مبعوث الاتحاد الأفريقي في الصومال بهدف احتواء الخلافات المتصاعدة بين الأحزاب السياسية هناك بشأن إجراء الانتخابات الرئاسية، كما تدخلت إثيوبيا لحل هذه الخلافات، والتي أوفدت وزير الدولة بوزارة الخارجية الإثيوبية تكدي أليمو، والتقى مع قادة الأحزاب السياسية، إلا أن جميع هذه المحاولات باءت بالفشل، كما تدخل مبعوث الأمم المتحدة إلى الصومال السفير أحمد ولد عبد الله لاحتواء الخلاف في النزاع السياسي في أرض الصومال.

وقد اندلعت أزمة سياسية في أرض الصومال بعد إعلان لجنة الانتخابات في الإقليم (يهيمن عليها الحزب الحاكم) تأجيل الانتخابات الرئاسية إلى أجل غير معلوم، وكان مقررا إجراؤها في 27 سبتمبر (أيلول) الجاري، مما أثار غضب الأحزاب المعارضة التي تهيمن على مجلس البرلمان، وطرح نواب المعارضة مذكرة لمساءلة الرئيس تمهيدا لإقالته من منصبه، حيث اتهمت المعارضة الرئيس الحالي طاهر ريالي كاهين بأنه يريد البقاء في السلطة، ولا يريد إجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها. وأعلنت الأحزاب المعارضة أنها لن تعترف بسلطة الرئيس كاهين بعد التاسع عشر من الشهر الجاري وهو موعد انتهاء ولاية الرئيس كاهين.

وقد تأجل موعد إجراء الانتخابات الرئاسية في أرض الصومال لمرتين، الأولى كانت في 29 مارس (آذار) الماضي، والثانية في 31 مايو (أيار) الماضي، وأعلنت لجنة الانتخابات تأجيلها للمرة الثالثة إلى أجل غير معلوم، وبررت اللجنة هذه المرة هذا التأجيل بأنه نظرا إلى الوضع السياسي في أرض الصومال وضرورة إيجاد وفاق بين الأحزاب السياسية، لا يمكن إجراء انتخابات حرة ونزيهة وشفافة، ولذا أعلنت عن قرارها بتأجيل موعد الانتخابات، ولم تحدد اللجنة حتى الآن موعدا آخر لإجراء الانتخابات.

وكانت أرض الصومال تتمتع باستقرار أمني وسياسي منذ إعلانها الانفصال عن الصومال من طرف واحد عام 1991، بالمقارنة مع باقي أجزاء الصومال، لكنها لم تحظ باعتراف دولي أو إقليمي حتى الآن. وتدور المعركة السياسية في «هرجيسا» حاليا بين الحزب الحاكم بقيادة الرئيس الحالي طاهر ريالي كاهين (وهو مرشح للرئاسة) والحزبين المعارضين «كولمي» و«أوعد» اللذين يريدان إجبار الرئيس كاهين على إجراء الانتخابات في موعدها أو مواجهة الإقالة من قبل البرلمان.