شكاوى بالفساد من الحكومة المحلية الجديدة بالأنبار.. وسكانها: لا تختلف عن القديمة

اتهامات للمحافظ بتفضيل معارفه في مجال الاستثمار.. والفهداوي يرد: نوفر الوظائف

محافظ الأنبار قاسم الفهداوي بمكتبه في الرمادي، مركز محافظة الأنبار (نيويورك تايمز)
TT

مر ما يزيد على سبعة أشهر منذ أن وصل التحالف القبلي الرئيسي إلى السلطة هنا في محافظة الأنبار، ولكن يتهم قادته بالفعل بالقيام بالقليل لمعظم المواطنين مع السعي إلى الثراء من خلال عقد صفقات للمقربين.

وقال رجل الأعمال الشيخ غازي سامي العبد، رجل الأعمال البارز في المحافظة: «إن أغلبهم يجرون وراء المكاسب الشخصية. ويسعى قليل منهم لإعادة بناء البلاد».

وكان من المفترض أن تمنح انتخابات المجالس المحلية التي أجريت في نهاية يناير (كانون الأول) امتيازا لسكان هذه المحافظة من عرب السنة، التي كانت من قبل معقلا للمتمردين والمسلحين المتصلين بالقاعدة. وبعد مقاطعة جميع قبائل الأنبار السنية تقريبا للانتخابات السابقة عام 2005، اعتبرت انتخابات العام الحالي مهمة من أجل دخول تلك القبائل في الحكومة وربما تخفيف التوترات مع الحكومة الوطنية في بغداد.

ولكن أظهرت مقابلات عديدة مع سكان الأنبار أنهم يرون اختلافا ضئيلا بين حكومتهم الجديدة والمجلس المحلي السابق. وكان ذلك المجلس، الذي اعتبره العديد من السنة المقاطعين للانتخابات غير شرعي، متهما بأن حكمه فاسد وعاجز، مما أثار مخاوف من تجدد القتال بين القبائل.وقال رجل أعمال آخر من الأنبار، رفض ذكر اسمه خوفا من الانتقام، واصفا الزعماء السياسيين الحاليين: «إنهم رجال عصابات أصبحوا سياسيين، ولديهم الآن الكثير من المال».

ويأتي الشعور بالاستياء في الأنبار في فترة حرجة، حيث قللت الولايات المتحدة من وجودها العسكري هنا بصورة كبيرة وتوقفت تماما عن إنفاق المال على مشروعات جديدة، على الرغم من الاحتياجات «الهائلة» في البنية التحتية للمحافظة، كما يقول مسؤول أميركي رفيع المستوى.

لقد كانت الأموال والتعاقدات الأميركية هي التي دفعت معظم زعماء القبائل إلى التنديد بحركات التمرد والتحول إلى التحالف مع الجانب الأميركي منذ ثلاثة أعوام تقريبا، في ما يُعرف بمجالس الصحوة. وفي غياب الرعاية الأميركية، يدور السؤال المثير للقلق في الأنبار، التي تبلغ مساحتها ثلث مساحة العراق، حول ما إذا كان الاستياء العام مع المنافسات السياسية والاقتصادية بين زعماء القبائل في السلطة وهؤلاء في الخارج قد يؤدي إلى أحداث عنف واسعة النطاق. ويقول جيمس سوريانو، الذي يرأس فريق إعادة الإعمار المحلي في وزارة الخارجية الأميركية المتمركز في أطراف مركز المحافظة في الرمادي: «يختلف هيكل الحكومة المحلية الجديدة بما فيه من شفافية ومحاسبة مع التوقعات التقليدية للزعماء القبليين. ويوجد احتمال لوقوع مشكلات إذا تضاءل حجم الكعكة». ويزداد تعقيد الصورة بالعلاقة غير المستقرة بين هذه المحافظة، التي كانت من أكثر المحافظات ولاء لصدام حسين، والحكومة الوطنية التي يقودها الشيعة. ويبدو أن رئيس الوزراء نوري المالكي يضع الزعماء السنة في بعضهم مواجهة بعض ويبحث عن حلفاء قبليين هنا يمكنهم تعزيز موقفه كقائد وطني ومساعدته من إجل إعادة الترشح في الانتخابات التي تُجرى في شهر يناير (كانون الثاني). وبالإضافة إلى الأموال التي أنفقها الأميركيون في الأنبار، حصلت الحكومة المحلية السابقة على مئات الملايين من الدولارات من الحكومة المركزية. ويعتقد أن معظم تلك الأموال ضاعت بسبب الفساد وسوء الإدارة. ومن بين القادة السياسيين الجدد الذين يتعرضون لانتقادات متزايدة محافظ الأنبار قاسم الفهداوي. وفي غياب مساعدات التنمية الأميركية الجديدة، التي تتضاءل في الوقت الذي تحث فيه الولايات المتحدة الحكومة في بغداد على ملء الفراغ، اتبع الفهداوي النموذج الغربي وتحول إلى القطاع الخاص من أجل الاستثمار والمساعدة. بل وبفضل جهوده وصفته مجلة «فورين دايركت إنفستمنت»، التي يقع مقرها في لندن، بـ«شخصية العام العالمية».

وفي مقابلة أُجريت معه في الفترة الأخيرة، لم يخف الفهداوي تفضيله لمجموعة صغيرة من أصدقائه في القبيلة ورجال الأعمال على آخرين في ما يتعلق بالاستثمارات والعقود المستقبلية في المحافظة. وتسبب علاقته بالشيخ أحمد أبو ريشة، الذي لعب دورا رئيسيا في حركة الصحوة القبلية التي دعمتها الولايات المتحدة منذ عامين، استياء في المحافظة. وقد حول الشيخ أحمد حركة الصحوة إلى حزب سياسي سائد هنا، حيث يرأس التحالف الذي يدير مجلس محافظة الأنبار. ويقول العديد من خصوم الرجلين إن الفهداوي يعمل في الأساس مديرا ماليا للشيخ أحمد، ويجمع الاثنان قواتهما لاستخدام السلطة السياسية في السيطرة على توزيع عقود الأعمال في الأنبار على شركات خارجية. ويصر الرجلان على أن تعاملاتهما التجارية علنية تماما، ويقول الفهداوي إنه ساعد على جلب الاستثمار والوظائف التي ساعدت على إعادة الصناعات المحلية إلى الحياة. ومن أهم الصفقات التي دخل فيها الرجلان محاولة إحضار شركتين من الإمارات، وهما «دانة غاز» وشركة نفط «الهلال»، من أجل تطوير حقل غاز عكاز العملاق في الأنبار. وقد تمكن الشيخ أحمد من التفاوض معهما، وتعهدت الشركتان بالمساعدة على توفير 100.000 وظيفة في المحافظة، كما قال الفهداوي.

* خدمة نيويورك تايمز.