واشنطن تمنح السجناء الأفغان حقوقا جديدة

سمحت للمعتقلين في قاعدة باغرام بالطعن في احتجازهم

TT

أشار مسؤولون في الإدارة الأميركية إلى أن المئات من السجناء الأفغان المعتقلين في السجون الأميركية في أفغانستان سيتمكنون من الطعن في اعتقالهم لمدة غير محددة واستدعاء الشهود عبر نظام مراجعة جديد يجري تنفيذه هذا الأسبوع.

وسيتم تطبيق النظام الجديد بحق أكثر من 600 أفغاني محتجز في قاعدة باغرام العسكرية فيما يعد مؤشرا على حدوث تغيير جوهري في سياسات الاعتقال الخارجي التي ورثتها إدارة أوباما من سلفها إدارة بوش.

وكانت قاعدة باغرام العسكرية التي تضم المعتقلين, ممن قضى العديد منهم أعواما من الاعتقال, قد تعرضت لانتقادات كبيرة من منظمات حقوق الإنسان الدولية، حيث لم يسمح لأي من السجناء بالحصول على محام أو حتى الحق بمعرفة السبب وراء اعتقالهم. وقال مسؤول كبير في الإدارة إن الأفغان ينظرون بامتعاض إلى باغرام، الذي يحتجز فيها غالبية معتقلي الولايات المتحدة.

وكجزء من الاحتجاج الواسع الذي بدأ في السجن في شهر يوليو (تموز) رفض المعتقلون في باغرام الواقع في شمال كابل زيارات اللجنة الدولية للصليب الأحمر ورفضوا التواصل مع عائلاتهم عبر الفيديوكونفرانس. ويأتي الهدف من الإجراء الجديد بحسب تصريح المسؤول الأميركي، خلق نظام جديد أكثر مصداقية يمنح المعتقلين الفرصة للتعبير عن أنفسهم.

وبموجب القانون الجديد سيتم تعيين مسؤول عسكري أميركي، وليس محاميا، لكل سجين ليكون وكيلا عنه ليدرس الأدلة الموجهة ضده. كما سيحصل المعتقلون على حق استدعاء شهود وتقديم أدلة إذا ما كانت متوفرة، أمام لجنة مؤلفة من مسؤولين عسكريين. وستقرر اللجان التي ستقيمها الولايات المتحدة ما إذا كان المعتقلون سيستمر احتجازهم من قبل الولايات المتحدة أم سيسلمون للسلطات الأفغانية أم سيفرج عنهم. بالنسبة لمن يتقرر استمرار حبسهم فتعقد محاكمة أخرى كل ستة أشهر. وتأتي الخطة الجديدة بشأن معتقل باغرام على غرار لجان المراجعة الإدارية السنوية للمشتبه بهم في قضايا الإرهاب في معتقل غوانتانامو. وقال المسؤولون إن المراجعة في باغرام دليل على حدوث تقدم جزئي لأنها ستقام في بلد المعتقلين حيث تتوافر الأدلة والشهود. وقال المسؤول الأميركي الذي تحدث مشترطا عدم ذكر اسمه لأنه لا يحمل تصريحا للحديث إلى الصحافة بشأن هذه السياسة: «تلك العملية تعني القيام بالأمر الصائب، واحتجاز من يتوجب احتجازهم».

من جانبها أشادت منظمات حقوق الإنسان التي اطلعت على تفاصيل الخطة من قبل البنتاغون الإجراء الجديد بأنه خطوة في الاتجاه الصحيح لكنها غير كافية. وقالت سحر محمد علي من منظمة «هيومان رايتس فيرست» التي تتخذ من نيويورك مقرا لها: «إن أي إصلاح في المعتقلات الأميركية في أفغانستان يعد تطورا، لكن لا يزال علينا الانتظار لنرى ما إذا كان النظام الجديد سيتمكن من علاج آلام الاعتقال الوحشي غير المحدد الذي كان السمة الرئيسة لسجن باغرام». وأضافت «يجب أن يشمل أي إجراء جديد حق التمثيل القانوني للمعتقلين لضمان وجود آلية ذات دلالة للطعن في اعتقالهم وهو أمر لا يتوافر في القرار الجديد».

وقالت ستيسي سوليفان مستشارة مكافحة الإرهاب في منظمة «هيومان رايتس ووتش» «إن الإجراء الجديد يجب أن يحمل مغزى ـ لا أن يكون ديكورا كما نشهد في معتقل غوانتانامو، فقد أقام الجيش عملية مراجعة مخجلة، بدت جيدة على الأوراق لكنها في الحقيقة أسفرت عن اعتقال مطول لأفراد لم يرتكبوا أي جريمة». وتنفيذا لوعد الرئيس باراك أوباما بإغلاق المعتقل بحلول نهاية العام، تقوم لجنة مشتركة تقودها وزارة العدل بمراجعة قضايا 226 معتقلا لا يزالون موجودين في غوانتانامو لتحديد أي المعتقلين الذين ينبغي إطلاق سراحهم وأيهم يجب أن يقدم للمحاكمة. ومن المتوقع أن تنهي اللجنة مراجعاتها الشهر القادم وأن ترفع تقريرها للرئيس.

وقال الرئيس إن عددا صغيرا، لكنه لم يحدده، من معتقلي غوانتانامو اعتبروا من الخطورة بمكان ولن يطلق سراحهم، لأن الأدلة ضدهم قوية ولا يمكن الإفصاح عنها أمام المحاكم أو حول كيفية الحصول عليها من خلال ما يسمى التعذيب، وقد يظلون في المعتقل دون محاكمة.

وقد وقع ويليام لين، نائب وزير الدفاع، قرار تشكيل لجان مراجعة قضايا المعتقلين في يوليو (تموز) وبعث به إلى الكونغرس من أجل مراجعته التي ستستمر على مدى 60 يوما تنتهي هذا الأسبوع. وخلال الأسابيع الماضية عكف مسؤولو البنتاغون على وضع أطر العمل الخاصة بتطبيق هذه القرار. وستقام اللجنة الأولى التي تنظر في هذه القضايا هذا الأسبوع.

وقالت وزارة الدفاع إن ما يقرب من 600 معتقل محتجزين في سجن باغرام لكنها رفضت طلبات من جماعات حقوق إنسان مدنية الإعلان عن الرقم الحقيقي للمعتقلين أو أسمائهم أو أي معلومات عن قضاياهم. وعلى الرغم من وجود العديد من المعتقلين منذ بدايات الحرب الأميركية على أفغانستان التي بدأت في سبتمبر (أيلول) 2001 إلا أن هذه المدة شهدت خروج أعداد كبيرة من المعتقلين ودخول معتقلين آخرين، حيث قامت السلطات الأميركية بنقل بعض المعتقلين ممن اعتبرتهم «محدودي الأهمية» أو من ألقت القبض عليهم لأسباب تتصل بمكافحة الإرهاب إلى السجن الأفغاني. وتقول منظمات حقوق الإنسان إن ما يقرب من 500 سجين تم نقلهم على أفغانستان منذ 2007، وأن حوالي 200 تمت إدانتهم من قبل المحاكم الأفغانية بناء على أدلة قدمتها الولايات المتحدة، ويقوم الجيش الأميركي في الوقت الحالي ببناء سجن في باغرام يسع 1,000 معتقل.

عندما تأسست «لجنة مراجعة المقاتلين الأعداء غير الشرعيين» قبل عام 2007، لم تكن هناك عملية رسمية لمراجعة القضايا أو أوضاع المعتقلين، وحتى أبريل (نيسان) 2008 لم يكن يسمح للمعتقلين بحضور تلك المراجعات. ووفق النظام الحالي لا يمنحون حق التمثيل أو الفرصة لدراسة التهم الموجهة ضدهم أو مراجعة الأدلة أو استدعاء الشهود.

يشكل الأفغان النسبة الأكبر بين معتقلي السجن الذين يعتبرون أسرى حرب أخذوا من مناطق القتال، وتشير بعض الإحصاءات، غير الدقيقة، إلى وجود ما يقرب من 30 معتقلا أجنبيا اعتقل العديد منهم خارج أفغانستان. وكان قاض فيدرالي قد أصدر هذا العام قرارا بأحقية ثلاثة من المعتقلين الأجانب في سجن باغرام، ممن اعتقلوا في دول أجنبية، بالمثول أمام المحكمة، وهو القرار الذي استأنفته الإدارة.

ولم تظهر المحاكم الأميركية بوجه عام أي ميول للتدخل في العمليات في أفغانستان. وقال مسؤول الإدارة: «إن قرار المثول أمام القضاء لا يلائم ساحات الحروب».

* شاركت جولي تات في كتابة هذا التقرير

* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ(«الشرق الأوسط»)