مرحلة صعبة تنتظر أفغانستان بعد إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية

كرزاي يحافظ على تقدمه بأصوات 54% إثر فرز 95 في المائة من صناديق الاقتراع

بارشا، نجل الصحافي الأفغاني، سلطان منادي، الذي قتل في هجوم شنته القوات البريطانية لتحرير مراسل صحيفة «نيويورك تايمز» البريطاني الجنسية، الذي كان محتجزا لدى طالبان، يضع يديه على صورة له مع والده في مؤتمر صحافي عقد بالعاصمة كابل أمس، وكان سلطان منادي قد قتل أثناء العملية التي جرت الأربعاء الماضي لتحرير زميله في صحيفة «نيويورك تايمز»، ستيفان فاريل، الصحافي البريطاني، الذي لم يصب بأذى في العملية (أ.ف.ب)
TT

حذر خبراء من أن أشهرا صعبة تنتظر أفغانستان بعد الانتخابات الرئاسية المثيرة للجدل التي ولدت أزمة سياسية حادة في الوقت الذي بلغ فيه العنف ذروته ولم يعد السكان يثقون في قادتهم وفي الغرب. وأشارت آخر النتائج الجزئية للانتخابات التي تشمل 95 في المائة من مكاتب الاقتراع إلى تصدر الرئيس المنتهية ولايته، حامد كرزاي (54.3%) متقدماً على وزير الخارجية السابق، عبد الله عبد الله (28.1%) الذي يتهمه بممارسة التزوير على نطاق واسع.

ويتوقع أن تصدر النتائج الخاصة بمكاتب الاقتراع كافة في غضون أيام غير أنه يتعين، قبل اعتمادها، النظر في آلاف الدعاوى بحصول تزوير وهو ما قد يؤخر النتائج النهائية عدة أسابيع. أما تنظيم دور ثان محتمل للانتخابات فإنه مستحيل في فصل الشتاء القاسي في أفغانستان، وبالتالي فإنه سيؤجل، عند الاقتضاء، إلى الربيع ما يفتح الباب أمام «عدة أشهر من الأزمة السياسية»، على ما أوضح هارون مير من المركز الأفغاني للبحوث والدراسات السياسية. وأعرب المحلل عن خشيته من أنه في الوقت الذي «تم فيه تمديد ولاية كرزاي التي انتهت في مايو أيار» بصعوبة حتى الانتخابات، فإن السكان «الذين فقدوا الثقة في قادتهم وفي الحلف الأطلسي بسبب هذه الأزمة» سيعيشون ربما بلبلة دستورية جديدة، كما أن أنصار المرشحين المهزومين قد يلجأون إلى العنف إذا اعتبروا أن نتائج الانتخابات ناجمة عن التزوير، لكن «حتى الآن دعا المرشحون إلى الهدوء»، على ما أفاد دبلوماسي غربي. ومهما يكن من أمر فإن رئيس الدولة المقبل سيواجه وضعا لا يحسد عليه مع استشراء الفساد وعجز الدولة عن احتواء العنف الذي بلغ مستويات قياسية. وأضاف دبلوماسي آخر «أن الطريقة التي سيقاوم بها الرئيس الجديد» زعماء الحرب والزعماء الدينيين أو القبليين الذين سيقصدونه طلبا لمناصب شرفية وعدهم بها أثناء الحملة «ستكون محددة، لأن أفغانستان بحاجة ملحة لكفاءات حقيقية». ورأت الباحثة مريم أبو ذهب، من المركز الفرنسي للدراسات والبحوث الدولية أنه في مثل هذه الوضعية «واهم تماما من يظن أنه ستكون لأفغانستان حكومة مستقرة خلال 12 إلى 18 شهرا» المقبلة. أما القادة الغربيون فإنهم يسعون للحصول على نتائج سريعا، وذلك بسبب ضغوط الرأي العام في بلدانهم، الذي لم يعد يقبل التزامهم العسكري في أفغانستان. وينتشر في أفغانستان مائة ألف جندي أجنبي ثلثاهم من الأميركيين وتسجل في صفوفهم خسائر قياسية. ومع أن الدول المعنية دعت إلى التفاوض مع طالبان فإن هؤلاء الأخيرين ومع تنديدهم بـ«الانتخابات المزورة»، يشترطون لذلك «أن يغادر الغزاة الأجانب البلاد». وقال يوسف احمدي المتحدث باسم طالبان أن عبد الله وكرزاي لن يكونا محاورين «لأننا نريد تصفيتهما كليهما» معتبرا أن الوضع «جيد جدا» بالنسبة لحركته. وإزاء هذا الرفض من طالبان أعلنت القوة العسكرية التابعة للحلف الأطلسي إستراتيجية جديدة تهدف إلى كسب تأييد المدنيين أول ضحايا النزاع. غير أن مريم أبو الذهب ترى أن «الغربيين لن يكسبوا أبدا العقول والقلوب، فات الأوان». ويطالب بعض القادة الأجانب بالانسحاب من أفغانستان في غضون بضع سنوات حين تكون قوات الأمن الأفغانية قادرة على السيطرة على الوضع في البلاد. وفي هذا السياق قال وزير الدفاع الأميركي، روبرت غيتس في الآونة الأخيرة في لقاء صحافي في واشنطن «إن النجاح سيكون في تمكن القوات الأفغانية بدور متعاظم الأهمية بالتوازي مع اكتفائنا بدور استشاري قبل الانسحاب في نهاية المطاف».