انقسام وسط الجمهوريين الأميركيين بشأن تنظيم متطرفي حزبهم مظاهرات ضد أوباما

عشرات الآلاف تظاهروا ضد سياسات الرئيس وخصوصاً مشروعه للرعاية الصحية

TT

بدا قادة الحزب الجمهوري أمس منقسمين بشأن دخول أعضاء متطرفين في حزبهم على خط الجدل السياسي في واشنطن، وتنظيمهم أول من أمس مظاهرة ضد سياسة الإنفاق التي يتبعها الرئيس باراك اوباما وخصوصا مشروعه لإصلاح النظام الصحي.

ففي مقابلة في برنامج «واجه الأمة» الأسبوعي الذي يبثه تلفزيون «إن بي سي»، قال نيوت غنغرتش، الزعيم السابق للأغلبية الجمهورية في مجلس النواب أمس: «كانت مظاهرة ناجحة، ويجب ألا يقلل الحزب الجمهوري من أهميتها، ومن دورها في وضع برامج الحزب للحملات الانتخابية القادمة». غير أن اريك كاندور، زعيم الأقلية الحالية في مجلس النواب، والذي ظهر في برنامج «حالة الاتحاد» الأسبوعي في تلفزيون «سي إن إن»، كان أقل تشددا، وقال إن الذين نظموا المظاهرات «جزء هام من الحزب»، لكنه لم يدع إلى تبني برامجهم والشعارات التي رفعوها.

وكان عشرات الآلاف من المتظاهرون قد ساروا من البيت الأبيض إلى الكابيتول مقر مجلسي الكونغرس، وهم يرفعون لافتات تتهم الإدارة الديمقراطية بقيادة البلاد الى الاشتراكية. ونظمت التظاهرات من قبل تحالف يضم منظمات متطرفة منها «تي بارتي» (حزب الشاي). ويشير الاسم إلى مظاهرات سنة 1773 في بوسطن ضد الاستعمار البريطاني، وكانت الشعلة التي أوقدت الحركة الوطنية وحققت الاستقلال بعد ذلك بثلاث سنوات.

رفع بعض المتظاهرين لافتة كتب عليها «الإجهاض ليس عناية طبية»، بينما رفعت مهاجرة متحدرة من أوكرانيا لافتة كتب عليها «عشت بما فيه الكفاية الاشتراكية في الاتحاد السوفياتي». وقالت هذه المتظاهرة إن «الكثير من الأمور تذكرني بما عشته في الدول الشيوعية. الشيوعية لم تكن مجدية في الخارج ولن تكون مجدية هنا». وفي وسط جادة بنسلفانيا التي سار فيها اوباما وزوجته ميشال يوم تنصيبه رسميا، رفع فتى في الحادية عشرة من عمره لافتة كتب عليها «ولدت حرا وفرضت علي ضرائب حتى الموت». وأكدت شقيقته ميغن، 13 عاما: «نظرا لوضع الاقتصاد يمكن للضرائب أن تؤثر فعلا على أسلوب حياتنا». وأضافت أن «هذا يؤثر علينا فعلا. ما زلنا نملك ثمن غذائنا ولذلك علينا أن نتحرك الآن حتى لا يتفاقم الوضع».

كذلك، رفع متظاهرون شعار «لا تجعلني اغضب عليك»، في إشارة إلى شعار عسكري ترفعه قوات المارينز، ويهدف إلى تحذير خصوم أميركا. كذلك، كان هناك شعار «نحن نملك القبة»، في إشارة إلى قبة الكونغرس.

ورغم أن الحزب الديمقراطي يسيطر على الكونغرس، فان بعض أنصار الجمهوريين يعتبرون أن الديمقراطيين يتمردون على المبادئ التي تأسست عليها الولايات المتحدة. ويعتبرون أنفسهم ممثلين للشعب الأميركي، بصرف النظر عن حزب الأغلبية أو حزب الأقلية. غير أن بعض الشعارات كانت شخصية، وضد الرئيس اوباما خاصة، وفيها تهديدات مبطنة، مثل شعار: «لا نريد التغيير، أنت تريده».

واستعمل البعض كلمة «شنج» التي تعني «تغيير» وتعني أيضا «بقشيش». وفي هذا إساءة إلى الرئيس أوباما الأسود، لان بعض السود إما يعملون ندلاء في المطاعم أو المقاهي، أو يقفون ويشحتون في ملتقى طرق في شوارع واشنطن. كذلك، كان هناك شعار «ليس البيت الأبيض مكان هذا الرجل». ورغم أن الشعار حذف كلمة «اسود» فقد كان واضحا انه يقصد ذلك. وكانت هناك صور كثيرة لاوباما في صورة هتلر، بشارب هتلر المميز. وكتب على بعض اللافتات «اوباما يساوي هتلر» و«اوباما نازي».

وقال نيك بيكاكيس الذي قدم مع زوجته هولي من كاليفورنيا للاحتجاج انه «غير المناسب لنا القدوم إلى هنا ويكلفنا ذلك مالا لكننا نشعر بأننا نكاد نفقد صبرنا لذلك قررنا المشاركة في التظاهرة بأي ثمن».

وكان بين المتظاهرين عدد من الذين يحاولون فهم سبب الموقف المناهض لاوباما. وقالت ليندساي وندسور، 22 عاما، الطالبة في جامعة جورجتاون إنها طلبت من المتظاهرين توضيح آرائهم في الرئيس. وأضافت وندسور التي كانت ترتدي قميصا يحمل صورة اوباما وبايدن إن «الكثير من الشعارات كانت ملتهبة وأريد أن افهم ما تعنيه فعلا». وأكدت لمجموعة من النساء «لا أريد أن أحاول إقناعكم بأنني على صواب بل أحاول أن أتفهمكم. إذا أردنا حل مشاكل بلد ما نحتاج إلى التحاور». وردت ابنة كالزوني أن اوباما «من الخلايا النائمة.. عليك التوجه إلى آخرين للتحدث إليهم».

ورغم أن أغلبية الشعارات كانت محترمة، فقد كان واضحا أن المتطرفين دخلوا على الخط وأرادوا إظهار معارضتهم لأوباما شخصيا.

وقال سام تيننهاوس، مؤلف كتاب «موت المحافظين والمتطرفين»: «ينقسم المحافظون والمتطرفون إلى قسمين: الذين يريدون تحويل حركتهم إلى حركة سياسية محترمة، والغوغاء الذين يريدون الإثارة». وأضاف: «قبل نصف قرن، في عهد الرئيس السابق كيندي، نظر إليه المتطرفون نظرة شكوك، وعدم ثقة، بل وغضب. ورفعوا شعارات ربما مثل التي رفعت يوم السبت أمام مبنى الكونغرس». كان يشير إلى منظمة «بيرش» المتطرفة التي نمت في ولايات الجنوب، والتي اعتبرت كيندي الكاثوليكي، «ممثل بابا الفاتيكان في أميركا».

وقال كريغ شيرلي، مؤلف كتاب عن الرئيس السابق رونالد ريغان إن ريغان تعمد أن يتحول ليس فقط من الحزب الديمقراطي إلى الحزب الجمهوري، ولكن، أيضا، من وسط الحزب الجمهوري إلى يمينه، وإنه تعمد الاستفادة من المتطرفين والمحافظين في الحزب الجمهوري. وقال: «في الوقت الحاضر، يبدو أن الحزب الجمهوري لا يعرف ماذا يفعل. هزمه الحزب الديمقراطي في انتخابات سنة 2006، وسيطر على الكونغرس، ثم هزمه في انتخابات سنة 2008، وزاد سيطرته على الكونغرس، وسيطر على البيت الأبيض. في مثل هذه الظروف، يقدر الحزب على الاستفادة من هؤلاء المتطرفين والمحافظين». لكنه انتقد بعض المتظاهرين الذين خرجوا أول من أمس، وقال إنهم ركزوا على «معارضة اوباما، ومعارضة الحزب الديمقراطي، ومعارضة الليبرالية»، معتبراً أن «المعارضة لا تكفي وحدها».

غير أن رتشارد ارمي، الزعيم السابق للأغلبية في مجلس النواب، والذي يعمل الآن مدير منظمة «فريدوم ويركس» (الحرية تعمل)، دافع عن المتظاهرين وفلسفتهم العامة، وقال: «لسنا ضد أي شخص أو ضد أي حزب، نحن مع الحرية. الحرية الاقتصادية والحرية السياسية. ونحن نعتقد بأن الرئيس اوباما يريد بحكومته أن تخنق هذه الحريات».