تركيا تعلن استعدادها لمساعدة طهران والدول الكبرى لتجاوز خلافات الملف النووي

وكالة الطاقة الذرية تبدأ اليوم مؤتمرها العام بمشاركة 150 دولة

TT

أعلنت تركيا أمس، انها مستعدة "لمساعدة الاطراف" في الملف النووي الايراني على تجاوز خلافاتهم، لكنها لا تنوي استضافة اجتماع بين ايران ومجموعة 5+1. في وقت كرر فيه الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد موقفه القائل ان ايران "لن تفاوض حول حقوقها الثابتة" في المجال النووي لكنها تريد بحث "التعاون الدولي.. لتسوية المشاكل الاقتصادية والامنية"، لدى استقباله السفير البريطاني الجديد سايمون غاس الذي سلمه اوراق اعتماده.

وقال الناطق باسم الخارجية التركية أمس انه يريد توضيح تصريحات ادلى بها سابقا وزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو اثناء زيارة الى طهران، ونقلتها وكالة الانباء الرسمية الايرانية ايرنا. واكد الناطق براق اوزوغرغين ان "تركيا مستعدة لبذل كل ما يسعها للمساعدة على تجاوز الخلافات بين الاطراف والتوصل الى اتفاق في اقرب وقت ممكن". لكنه اضاف ان تركيا لا ترغب في تقويض جهود المجتمع الدولي ولا سيما مجموعة 5+1 (الولايات المتحدة وروسيا والصين وفرنسا وبريطانيا والمانيا)، ولا تنوي في هذا الاطار استضافة اجتماع مماثل.

وكانت ايرنا نقلت في وقت سابق عن داود اوغلو قوله ان "رزمة المقترحات الايرانية تشكل قاعدة جيدة لبحث مسائل دولية كبرى وعبر عن الامل في ان تبدأ هذه المفاوضات في اسرع وقت ممكن". وقال ايضا ان "تركيا مستعدة لاستضافة مثل هذه المباحثات" بحسب الوكالة الايرانية. واعرب اوزوغرغين عن اعتقاده بان ايرنا اساءت تفسير اقوال الوزير الذي اختتم زيارة رسمية لايران استمرت يومين.

وقال الرئيس الإيراني أحمدي نجاد إن «التكنولوجيا النووية السلمية هي الحق الشرعي والنهائي للأمة الإيرانية، وإيران لن تتفاوض مع أحد حول حقوقها الثابتة» في هذا المجال. وأضاف، كما نقلت عنه وكالة أنباء «فارس»: «لكننا مستعدون لبحث التعاون الدولي لتسوية المشكلات الاقتصادية والأمن في العالم. ونعتبر أن هذه المشكلات لا يمكن أن تحل دون مشاركة الجميع». وطلب الرئيس الإيراني من بريطانيا «إصلاح أخطائها السابقة»، وقال بمناسبة استقباله السفير البريطاني الجديد سايمن غاس: «إننا ننظر إلى المستقبل، نأمل أن تكون الحكومة البريطانية استخلصت العبر وأن تصلح سلوكها في الماضي. مهمتكم الرئيسية تكمن في تحويل الذكريات السلبية إلى ذكريات إيجابية». وأضاف أن «الشعب الإيراني لن يسمح لأحد بالتدخل في شؤونه، وآمل أن تتمكن الحكومة البريطانية من إصلاح أخطائها السابقة».

وانتظر السفير البريطاني خمسة أشهر من أجل تقديم أوراق اعتماده إلى الرئيس الإيراني، وانتقد أحمدي نجاد بريطانيا ودولا أوروبية أخرى اتخذت ـ بحسبه ـ سلوكا معاديا حيال إيران. وقال: «تريد إيران علاقات ودية مع الدول كافة. مع الأسف، بعض الدول اتخذت مواقف معادية للشعب الإيراني، ولا سيما في السنوات الأخيرة.. آمل أن تصحح موقفها». واتهمت إيران عدة دول أوروبية بدعم حركة الاحتجاج على إعادة انتخاب أحمدي نجاد في 12 يونيو (حزيران). ويخضع موظفون في سفارتي بريطانيا وفرنسا في إيران للمحاكمة بتهمة المشاركة في التظاهرات.

إلى ذلك تبدأ الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالعاصمة النمساوية فيينا، صباح اليوم، جلسات مؤتمرها العام رقم 53 الذي سيتواصل حتى 18 من الشهر الجاري، برئاسة الدكتور محمد البرادعي المدير الحالي للمنظمة، ومشاركة وفود متوقعة من 150 تمثل مجموع الدول أعضاء الوكالة. ما يعني مشاركة عدد ضخم من وزراء الطاقة، ومديري منظمات ذرية، وتقنيين وقانونيين وإعلاميين من مختلف أنحاء العالم.

وتتضمن أجندة المؤتمر أكثر من بند من البنود الفنية والتقنية الخاصة بالتعاون القائم بين الوكالة ودولها الأعضاء، بالإضافة إلى النظر في ميزانية الوكالة، وانتخاب ممثلين جدد للمواقع الدورية التي ستخلو بمجلس أمناء الوكالة، بجانب موافقة المؤتمر العام على ترشيح الياباني يوكيا أمانو مديرا عاما للوكالة خلفا للبرادعي الذي ستنتهي ولايته بنهاية نوفمبر (تشرين الثاني) القادم، كما أنه من المؤكد أن يصادق المؤتمرون على توصية مجلس الأمناء بتكريم الدكتور محمد البرادعي بمنحه درجة مدير عام فخري للوكالة تقديرا لمجهوداته في قيادة الوكالة طيلة دورات ثلاث.

في سياق آخر من المتوقع أن تطغى المناقشات السياسية الخاصة بالنشاط النووي الإيراني على المؤتمر، خصوصا في ظل ما قدمته إيران، قبل أيام، من اقتراح لتضمين بند على جدول أعمال المؤتمر أشارت لتسميته بـ«الحماية من الهجوم على المنشآت النووية»، يدعو إلى حظر الهجمات المسلحة أو التهديد بشن هجمات مسلحة على المنشآت النووية سواء كانت قيد التشييد والإنشاء أو مكتملة. وعلمت «الشرق الأوسط» أن مجموعة دول عدم الانحياز، برئاسة السفير المصري لدى الوكالة إيهاب فوزي، كانت قد بعثت لمدير الوكالة خطابا يؤكد دعمها لهذا المقترح الإيراني، موصية بالموافقة على إدراجه ضمن برنامج أعمال المؤتمر العام.

من جانب آخر لا تستبعد مصادر تحدثت لـ«الشرق الأوسط» أن يثير مقترح إيراني بصيغة كهذه الكثير من النقاش ما بين معترض ومؤيد في أثناء جلسات المؤتمر، لا سيما والمحاولات الجارية حاليا من قبل الدول الغربية للضغط على إيران لإجبارها على وقف مشروعاتها النووية، آخذين في الاعتبار ما تقدمت به إيران الأسبوع الماضي من حزمة أفكار من خمس صفحات عرضت قبولها للاشتراك في محادثات موسعة، بينما سكتت عن ذكر برنامجها النووي، مشيرة إلى استعدادها لمناقشة موضوع نزع السلاح النووي في العالم بأجمعه.

وقد أعلن الرئيس الإيراني أحمدي نجاد أن الحصول على التكنولوجيا النووية السلمية هو حق إيران القانوني والنهائي، أضف إلى ذلك ما جاء في صلب حديث أدلى به وزير الخارجية الإيراني، منوشهر متقي، في مؤتمره الصحافي الأخير مكررا، أول من أمس، التصريحات الإيرانية المتمسكة بما وصفه بحق الأمة الإيرانية الأصيل فيما يتعلق بالتخصيب النووي، وما ظل السفير علي أصغر سلطانية مندوب إيران لدى الوكالة يصر على الإدلاء به في أروقة واجتماعات الوكالة الدولية، مبينا استعداد إيران لمناقشة 3 مسائل أساسية هي الطاقة النظيفة، وحق جميع الدول للاستخدام السلمي للطاقة الذرية، وقضية نزح السلاح النووي.

في سياق مواز كانت الولايات المتحدة الأميركية قد وزعت، نهار الجمعة الماضي، في الأمم المتحدة مشروع قرار يدعو جميع الدول إلى التعاون للتوصل إلى عالم خالٍ من الأسلحة النووية، داعية الدول الموقعة على اتفاقية حظر انتشار الأسلحة النووية الالتزام بمواثيقها والدول غير الموقعة بالمسارعة بالتوقيع.

في سياق آخر يتوقع أن يحظى الاقتراح بجعل منطقة الشرق الأوسط منطقة خالية من السلاح النووي بنقاش لا يقل حدة عن النقاش بشأن الموضوع الإيراني، خصوصا أن الوفد المصري سيعاود رفع مشروع قراره السنوي الذي يطالب بضرورة إلزام دول المنطقة كافة، دون أن يشير إلى إسرائيل بالاسم، بضرورة الالتزام بمقررات الضمان النووي في المنطقة. وكان مشروع القرار المصري هذا يمر سابقا بالإجماع دون اعتراض إلى أن عملت إسرائيل بدعم غربي في السنوات الثلاث الأخيرة على محاولة إدخال تعديلات عليه، ما جعل مصر تصر على عرضه للتصويت، بالإدلاء جهرا بنعم أو لا. كما من المتوقع كذلك أن يحاول سفراء مجموعة الدول العربية بفيينا إعادة مشروع قرار مشابه يذكر إسرائيل بالاسم للنقاش ضمن أجندة المؤتمر، وذلك بعد أن كانت إسرائيل ومن في معيتها من دول غربية قد نجحوا المؤتمر الماضي في اغتيال مجرد أمر طرح مشروع القرار العربي للنقاش.

من جانبه وجّه الدكتور محمد البرادعي الدعوة لعقد محفل خلال الفترة من 23 إلى 25 الجاري، لمناقشة موضوع العمل على جعل منطقة الشرق الأوسط منطقة خالية من السلاح النووي.