الرئيس الصومالي: مشكلاتنا كثيرة.. ولا أعرف من أين أبدأ

شيخ شريف في حديث تنشره «الشرق الأوسط»: الدولة ستنهار إذا لم نجد من يدعمنا.. وفرض الحجاب ليس أولوية

الرئيس الصومالي شيخ شريف شيخ أحمد (رويترز)
TT

قال الرئيس الصومالي شيخ شريف شيخ أحمد، إن بلاده قد تواجه خطر انهيار كامل إذا لم تحصل على مساعدات خارجية، عسكرية ومدنية، لمواجهة التحديات الأمنية، والخدمية، الكبيرة التي أكد أن مقديشو وحدها لا تستطيع مواجهتها منفردة. وقال في حوار، تنشره «الشرق الأوسط»، إن المسائل العسكرية تشغل نحو 75% من تفكيره، إلى جانب سعيه إلى إقامة إدارات ومؤسسات للدولة التي تلاشت منذ سنوات، لدرجة أنه لا يعرف من أين يبدأ. وقال الرئيس شريف «أي حكومة في العالم لا تحصل على الموارد المناسبة لا يمكنها البقاء، فلماذا لا يحدث ذلك في الصومال؟».

وأكد شريف من جانب آخر تغلغل تنظيم القاعدة في الصومال، وقال إن وجودها بات أمرا معروفا «وإذا ذهبت إلى الأماكن التي تسيطر عليها المعارضة فإنك سترى مقاتلين أجانب، وتجد هناك رموزهم وأعلامهم». كما أشار إلى أن تعليم الفتيات وجلوسهن بالقرب من الصبيان في فصول الدراسة لم تكن يوما مشكلة في الصومال، وأوضح أن حكومته لن تجد معارضة إذا قررت فرض الحجاب على النساء بحكم أن الغالبية الآن يرتدينه. وأضاف أن فرض «قانون للحجاب يتطلب أن نصل بالناس إلى المرحلة التي يقومون فيها بذلك بدافع الاقتناع، حسب السنة النبوية الكريمة». لكنه قال إن حكومته تعمل الآن على الحفاظ على أرواح البشر «وهي أولوية أكبر من هذا الموضوع».

* دعنا نبدأ بعدوك، أنت تعلم هؤلاء الأشخاص فقد اعتدت العمل معهم. أمثال حسين ضاهر أويس وأبو منصور (وهما قياديان متمردان بارزان). لماذا لا يمكنك الوصول إلى سلام معهما؟ ولماذا تجد صعوبة في إحضارهما إلى الطاولة؟

ـ هذا صحيح، إنه سؤال مهم. كان سيكون من الأفضل بالنسبة لي أن نعمل سويا في الوقت الحالي بعد أن عملنا سويا في اتحاد المحاكم الإسلامية. الناس تمر بمراحل وفي بعض الأحيان قد يأخذون منعطفا خطأ. وعندما لم ينضموا إلى عملية السلام، ذهبوا بعيدا ولا يمكنهم حاليا الخروج من هذا المأزق.

* قالت وزيرة الخارجية (الأميركية) هيلاري كلينتون إنه من المهم التواصل وكسب هذه الحركات المعارضة. ما الذي تقوم به بخصوص ذلك؟

ـ نحن عاكفون على القيام بذلك، وقد لحق بالحكومة فعلا جزء كبير من الحزب الإسلامي ومعهم بعض من عناصر ميليشيا الشباب.

* كيف تحاول إقناعهم؟

ـ هناك أشخاص داخل الحكومة يصلون إلى هؤلاء، وهناك صوماليون آخرون. وباب الحكومة مفتوح ومطروح دوما خيار مراجعة موقفهم.

* متى كانت المرة الأخيرة التي تحدثت فيها إلى أويس؟

ـ لا أتذكر ولكنها كانت منذ مدة.

* هل يمكنك الاتصال به؟

ـ لا توجد مشكلة بالنسبة لي في القيام بذلك من ناحية المبدأ. ولكني لا أعتقد أن هذا هو الوقت المناسب وأن مكالمة تليفونية يمكن أن تصنع فارقا.

* ما هو تصورك عن تحقيق السلام؟ واذكر بعض ملامح ذلك؟

ـ تأمل الحكومة كسب أكبر عدد ممكن من الحركات عن طريق المصالحة وتعمل الحكومة من أجل كسب ثقة المواطنين. ويساعد على ذلك الوسائل التي يستخدمها الحزب الإسلامي وميليشيا حركة الشباب، فوسائلهما مظلمة.

* ما الذي قامت به الحكومة منذ أن أصبحت رئيسا في فبراير (شباط)؟

ـ واجهت الحكومة معوقات لم تكن في وقت واحد، فكان علينا أن نتعامل مع الحركات الإرهابية الدولية التي تدمر أماكن أخرى. وقد كانت خطتهم هي الإطاحة بالحكومة بعد أن وصلت سريعا. ولكن برهنت الحكومة على قدرتها على البقاء. وقد أصبحت رؤية الحكومة واضحة بالنسبة للشعب الصومالي والمجتمع الدولي. نحن نعمل على الجبهة الأمنية كثيرا، ونقوم بالتعمير، ونقوم بأنشطة إنسانية، وقمنا بأشياء في مجال الحكومة الجيدة. ويجب أن تتذكر أنه يجب أن تتوفر موارد من أجل القيام بالكثير.

* كيف سيكون الوضع إذا لم تحصل على المساعدة التي تحتاج؟

ـ لن نكون قادرين على تحقيق الكثير، ولن يمكننا تحقيق القيام بالكثير، حيث تتعامل الحكومة مع أشياء عدة ونحن نسعى إلى إقامة إدارات ونحاول الوصول إلى أجزاء من البلاد يسيطر عليها المتطرفون في الوقت الحالي. ونعمل من أجل الوصول إلى مصالحة وهناك ضغوط كبيرة بسبب القتال.

* ما هو مقدار إلحاحية ذلك؟ هل سيتعذر على الحكومة البقاء ما لم تحصل على المزيد من الدعم؟

ـ مشكلة المساعدات الدولية هي أنها تصل متأخرة وتكون محدودة. ولا شك في أن أي حكومة قائمة لا تحصل على الموارد المناسبة لن يمكنها البقاء، فلماذا لن يحدث ذلك في الصومال؟

* لماذا كانت حركة أهل السنة والجماعة (وهي حركة إسلامية معتدلة يتزعمها رجال دين مسلمون صوفيون) قادرة على هزيمة حركة الشباب وطردها خارج مقديشو ولم تستطع أنت؟

ـ هناك اختلافات بين المدن والأقاليم، وكان اتحاد المحاكم الإسلامية وحده قادرا على السيطرة على مقديشو. وبالطبع نحتاج إلى بذل المزيد ولكن المعارضة منشغلة بالهجوم على الحكومة في مقديشو وهو ما يجعل الوضع أسهل بالنسبة لتحرير الأقاليم.

* لست رجلا عسكريا، وهو ما يراه الكثيرون شيئا جيدا. ولكن ما هو مقدار الوقت الذي تقضيه في القضايا العسكرية؟

ـ نستغرق الكثير من الوقت في قضايا ذات صلة بالأمن.

* ما هي النسبة من ناحية الوقت؟

ـ نحو 75 في المائة.

* هل أصبحت أفضل في الاستراتيجية العسكرية؟

ـ (يضحك) لا يمكنني أن أقول ذلك.

* هل تشعر بالقلق من أن يصبح أهل السنة أكثر نفوذا. ـ الفصائل الصوفية لا تذهب في العادة إلى الحرب، ولا يسفكون غالبا الدماء. وقد اعتاد كبار الصوفيين في الماضي أن يقودوهم من خلال العلاقات الروحانية. وأخشى أنهم إذا استمروا في طريق القتال أن يتحولوا عن هذه المبادئ والأفكار.

* ما هو مقدار قربك منهم؟ ذهبت إلى دوسا مارب (وهي مدينة تقع في وسط الصومال) ولم يبد أن أهل السنة والحكومة يعملون سويا إطلاقا. ـ يتبع معظم الصوماليين الطريقة الصوفية. وقد عانى أهل السنة على يد حركة الشباب، بالخصوص. ولديهم الحق في الدفاع عن أنفسهم. وتجاوز هذا الدفاع سيكون غير قانوني وستكون هناك محاسبة.

* إذن، ما الذي يعنيه ذلك؟ إنهم يتخطون الدفاع عن النفس، ويسيطرون على أقاليم جديدة.

ـ نرى ذلك في إطار الدفاع عن النفس.

* دعنا نتحدث عن الشريعة الإسلامية، فقد وافق البرلمان على استخدام الشريعة كمبدأ استرشادي. ولكن ما هي الصورة؟

ـ الشريعة في ذاتها لا تتغير، ولكن من يتغير هم الأشخاص الذين يفسرونها. والتأكيد هنا يجب أن يكون ما الذي يعود بأكبر نفع على الشعب في هذه الدنيا وفي الدار الآخرة.

* ولكن، هل يمكن أن تعطي لنا بعض السمات؟ هل سوف تذهب الفتيات إلى المدارس مع الصبيان ويكون التعليم بالتساوي؟ ـ هذه نقطة لا مشكلة لدينا فيها داخل الصومال، فوفق العرف الصومالي لدينا نساء كبار السن مسؤولات عن تعليم المواطنين.

* وماذا عن الحجاب؟ هل سيسمح للمرأة الصومالية أن تمشي في الشارع دون حجاب؟

ـ تفسير الحجاب قضية في ذاتها، فبصورة عامة يدعو الإسلام المرأة إلى تغطية جسدها وهدف ذلك ألا يكون هناك إغواء ومنع المشكلات الأخرى.

* ولكن، هل أنت مستعد لإصدار قانون بخصوص ذلك؟ في تركيا، لا يجعلون النساء يرتدين الحجاب. ولكن يقومون بذلك في دول أخرى. أين سيكون موقف الصومال في قضية الحجاب؟

ـ الهدف هو أن نصل بالناس إلى المرحلة التي يقومون فيها بذلك بدافع الاقتناع، قل 80 في المائة من الشعب. وسوف تساعد الحكومة النسبة الباقية. وسنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم هو عدم إصدار التعليمات والأوامر دون إعداد الناس أولا.

* ولكن ما يعنيه ذلك في الصومال حاليا؟ هل سيقول القانون أن على المرأة ارتداء الحجاب أم لا؟

ـ إذا نظرت إلى الوضع في الصومال اليوم، تجد أن هذه نقطة خلافية، فقد أصبح الحجاب هو العادة. وبالنظر إلى الصعوبات التي تواجهنا، فإن ذلك لا يعد مشكلة كبرى. ونحن نعمل على ما يمكن أن يحافظ على أرواح البشر وهي أولوية أكبر من هذا الموضوع.

* ما هو رأيك في «القاعدة» وأثرها هنا؟

ـ نعتقد بأن هناك علاقة قوية بين «القاعدة» وبعض المواطنين هنا، المواطنون الذين يقودون القتال. والعلاقة مع «القاعدة»معروفة جيدا. وقد قالتها «القاعدة»، وقالها المقاتلون المحليون. وإذا ذهبت إلى الأماكن التي تسيطر عليها المعارضة فإنك سترى مقاتلين أجانب، وتجد هناك رموزهم وأعلامهم.

* عندما كنت جزءا من اتحاد المحاكم الإسلامية عام 2006، هل كنت ترى أن ذلك يتقدم ببطء؟ ـ كان هناك الكثير من النوايا الطيبة خلال وقت المحاكم الإسلامية، ولم تكن هناك وسيلة للقول بأن هذه كانت بدايات لـ«القاعدة» أو أي شيء من هذا القبيل في الوقت.

* ولكن، حينها، كانت الحكومة الأميركية تطلب مساعدتكم في تسليم فضل عبد الله محمد وإرهابيين مشتبه فيهم تابعين لـ«القاعدة»، ولم تقوموا بذلك وكان ذلك سببا دفع الولايات المتحدة لدعم إثيوبيا كي تقوم بالغزو. هل تنظر إلى الوراء وترى أنه كان يمكنك القيام بشيء لوقف ذلك؟

ـ لا، لم يكن يمكن القيام بشيء لوقف ذلك.

* لماذا؟

ـ كانت هناك معلومات محدودة عن هؤلاء الأفراد. وكنا نحتاج إلى الوقت.

* ما هو الخطأ الأكبر الذي قمت به كرئيس. ـ بدأنا من وقت قريب، ولم يكن لدينا وقت للتفكير في ذلك.

* بالتفكير في عام 2006، هل كان يمكن القيام بشيء بصورة مختلفة؟

ـ أنا متأكد من ذلك، ولكن كان سيحتاج الواحد إلى النظر في الوضع آنذاك وما الشيء المهم الذي كان يجب القيام به. ولكن، هل كان سيتحقق ذلك، إنها قضية أخرى.

* يعتقد بعض المواطنين أنه يجب التركيز بدرجة أكبر في الصومال من أجل الوصول إلى نظام حكومي يعطي أولوية للحكومة المحلية. وقد ذهبت أخيرا إلى الأقاليم ولم أر أي دليل على وجود حكومة مركزية. ما رأيك في هذا الاتجاه؟

ـ جزء من خطة الحكومة هو بناء إدارة داخل الأقاليم.

* ولكن ماذا يعني ذلك؟ مدارس ومستشفيات ومساعدة عسكرية، من أين ستبدأ؟

ـ بناء إدارة كاملة.

* من أين ستبدأ؟

ـ لا نريد أن نتوسع.

* كيف يبدو التحول من شخص خارج السلطة على مدار عامين ماضيين إلى شخص يشغل منصب الرئيس في الوقت الحالي؟ لم يعد عليك أن تفتح باب سيارتك بنفسك، فهناك شخص آخر يقوم بذلك. ـ أعتقد أنه لا توجد نتيجة كبيرة سواء فتحت أنا الباب أم فتحه شخص آخر. والمهم هو أننا قطعنا عهدا بأن نعمل من أجل صالح البلاد.

* كيف يبدو حاليا العمل مع الأميركيين الذين ساعدوا الإثيوبيين على التخلص منكم؟

ـ سوف أصوغ السؤال بطريقة مختلفة؟ كنا نقاتل من أجل صومال ينعم بالسلام يمكنه التعامل مع باقي العالم.

* ما هو عمرك؟

ـ نسيت عمري لأنني منشغل في كل هذه الحروب.

* حقا؟

ـ ولدت عام 1966.

* ما هو عدد الأولاد الذين لديك؟

ـ لدينا تعبير في جنوب الصومال عندما يكون هناك سؤال عن عدد الأولاد، فقد يرد الشخص «نحن بخير». وآمل أن تكون هذه إجابة كافية.

* هل عمرك 42 عاما أم 43 عاما؟ ما هو الشهر الذي ولدت فيه؟

ـ ماذا في هذا السؤال؟ لماذا هو مهم بهذه الدرجة؟

* في الصحيفة التي أعمل لديها، لا نضع «1966» كعمر. ولكن، نحدد عمرا بالأعوام. ـ حسنا، ولدت في يناير (كانون الثاني) 1966.

* خدمة «نيويورك تايمز»