قطار تأليف الحكومة اللبنانية انطلق ثانية.. ولقاء الحريري وعون لم يتجاوز «العموميات»

حزب الله يتحدث عن ضرورة تشكيل «حكومة توافقية»

الرئيس المكلف تشكيل الحكومة اللبنانية سعد الحريري مجتمعا أمس برئيس كتلة التغيير والإصلاح النائب ميشال عون في منزل الأخير (أ.ف.ب)
TT

انطلق قطار تأليف الحكومة اللبنانية أمس مرة ثانية بعد التكليف الثاني لرئيس «تكتل لبنان أولا» النائب سعد الحريري، الذي قام بالزيارات البروتوكولية لرؤساء الحكومات السابقين رشيد الصلح والدكتور سليم الحص والعماد ميشال عون. وإذ اكتفى الصلح بالترحيب بالرئيس المكلف وتمنى له التوفيق قال الحص إن اللقاء «كان مناسبة طيبة للتحدث في الأوضاع السياسية العامة داخليا وإقليميا وانعكاسات هذه الأوضاع المحتملة على عملية التأليف المرتقبة». وقال إنه لمس من الرئيس المكلف «استعدادا طيبا لمواجهة كل التحديات. ولقد أنست بالرئيس سعد الحريري تفاؤلا في تجاوز كل العقبات والصعوبات واستعدادا لإنهاء عملية التأليف في أقرب ما يمكن على الوجه الذي يرضي مختلف الأطراف ويحفظ للمجتمع وحدته الوطنية».

واستمر لقاء الحريري وعون عشرين دقيقة، وامتنع طرفاه عن الإدلاء بأي تصريح. ولكن رشح أن البحث بقي عموميا.

وفي موازاة نشاط الرئيس المكلف عكف رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان على تقويم نتائج الاستشارات النيابية التي أدت إلى تكليف الحريري ثانية، وأجرى سلسلة اتصالات من أجل التوصل إلى حكومة وحدة وطنية.

وفي المجال نفسه، رأى مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني أن «إعادة فرض الشروط للقبول والرضا بتشكيل حكومة جديدة من الجهة التي كانت تشترط وتضع العراقيل في طريق تشكيلها بالمطالب التعجيزية سوف يعيد لبنان إلى وضع المراوحة والتعطيل وعدم التقدم إلى الأمام، ويدين بالتالي نفسه باستمرار بقاء لبنان في الفراغ وعدم تشكيل حكومة تدير شؤون البلاد»، ووصف هذا المنطق بـ«الخطير الذي يضع لبنان في مهب تعطيل المؤسسات الدستورية كما جرى في السابق تماما ولو بشكل آخر».

واعتبر «أن إعادة تكليف الرئيس سعد الحريري بتشكيل الحكومة هو تجديد الثقة في رجل المهمات الصعبة»، وأكد «أهمية الشراكة بين كل الأفرقاء السياسيين في الحكومة العتيدة من منطلق نتائج الانتخابات النيابية الأخيرة».

ورأى حزب «الكتلة الوطنية» أن الأزمة العميقة في لبنان هي بين القبول بالديمقراطية ومواعيدها، نتائجها ومسارها، أو الخضوع لمنطق القوة والتعطيل والسلاح، «فما نشاهده اليوم ليس سوى حلقات من مسلسل تقويض المؤسسات وإفراغ الانتخابات من مضامينها. إنه انقلاب في قاموس السياسة حيث لا تستطيع الأكثرية النيابية ممارسة حقها في الحكم، بينما الأقلية تريد أن تفرض إرادتها مهما كان الثمن، والذي خسرته في الانتخابات تريد أن تأخذه بقوة السلاح، فارضة شروطا مذلة ومهينة تطلب فيها من الرئيس المكلف كل شيء، بينما هي لا تسميه حتى إن خطأ الأكثرية السيادية أنها أعطت رئاسة المجلس النيابي لأقلية نيابية دون شروط أو وعود فقط بمبادرة حسن نية عنوانها الشراكة، بينما اليوم والذي أعطيت له الرئاسة الثانية والذي كان أول من رفض إعطاء ضمانات بعدم التعطيل، يشترط على الرئيس المكلف من دون أن يرد له الجميل. إنه النظام الجديد الذي يحاول (حزب الله) وحلفاؤه فرضه على المجتمع اللبناني».

ورأى النائب عضو «كتلة المستقبل» محمد كباره بدوره في مؤتمر صحافي أنه «مع اعتذار الشيخ سعد الحريري عن عدم تأليف الحكومة سقطت كل المعايير والمقاييس السياسية والحصصية التي سادت حقبة الـ73 يوما التي استغرقتها استشاراته الأولى». وقال: «بغض النظر عمن سمى الحريري لتشكيل الحكومة الجديدة أو من امتنع عن تسميته، على جميع الأطراف الراغبة في المشاركة في الحكومة الإقرار بأن الأكثرية هي أكثرية والأقلية هي أقلية، وفقا لإرادة اللبنانيين من خلال انتخابات اعترف الجميع بنزاهتها، ومشاركة الأقلية في الحكم هي رغبة من الأكثرية بهدف تحقيق الائتلاف الوطني لحماية البلد والمشاركة في إدارته. وأي مشاركة للأقلية تحت أي عنوان آخر مرفوضة من جانبنا لأنها لا تحقق الوحدة الوطنية، بل تفرض رأي الأقلية ولا تحمي البلد، بل تستبيحه وتبقيه ساحة تمارس فيها القوى الإقليمية نفوذها خدمة لمصالحها». وأضاف: «لن نقبل بعد الآن بأقلية تشارك في حكومة تضمن لها سلاحا حملته لمقاتلة العدو الإسرائيلي ثم استخدمته للغدر بأهلنا».

أما عضو «كتلة الوفاء للمقاومة» النائب نواف الموسوي فقال: «إن اختيار حكومة توافقية هو الصائب، وغير ذلك يؤدي بلبنان إلى لا استقرار وخيبة لمن دخل في هذه المتاهة التي لا ضوء في نهايتها». وقال: «ثمة مناخ يتشكل شبيه بالمناخ الذي سبق انتخاب الرئيس التوافقي، ونرى أن هذه المناخات تبرز من الجانب الأميركي وبعض الأطراف العربية». وأضاف: «كان من الأفضل أن تأتي إعادة تسمية الرئيس المكلف من فريق ميثاقي بحيث تعكس التسمية تمثيلا وطنيا شاملا غير مقتصر على فريق دون آخر. أما وقد حصل التكليف فإن التأليف يجب أن يأخذ بعين الاعتبار الوقائع اللبنانية».

وأكد النائب ميشال فرعون في المجال نفسه أن «الدولة اللبنانية هي كسائر الدول التي ترعاها الدساتير والقوانين والسلطتان التشريعية والتنفيذية بنظام ديمقراطي يتجدد في تمثيل الشعب بمواعيد الاستحقاقات الدستورية». ولفت إلى أن «التأليف واجه عملية تعطيلية من قبل فريق المعارضة، ما يعطي انطباعا وكأن هناك محاولة لكسر إرادة الشعب والانقلاب على نتائج الانتخابات وأخذ المؤسسات رهينة على مذبح المصالح الخارجية». وحض على «عدم السماح لليأس والعنف والدموع بالتغلب على ثقافة السلام والحرية وعدم السماح للفتاوى المتلفزة أن تغير قواعد اللعبة»، داعيا «الفقهاء الموسميين» إلى البحث في هذا الأمر في مجلس النواب. ولفت إلى «الضمانات التي اتفق الجميع عليها، وعلى الثقة بالضامن الأول رئيس الجمهورية».

ورأى عضو «كتلة القوات اللبنانية» النائب أنطوان زهرا أن «التكليف الأول اصطدم بعقبات وحائط مسدود ومطالب تعجيزية. ما دعا الرئيس المكلف سعد الحريري إلى الاعتذار عن عدم إكمال مهمته». ورأى أنه لا يمكن «تجاوز إرادة الشعب اللبناني والأغلبية الشعبية والنيابية التي أفرزتها الانتخابات الأخيرة، وهذا ما استدعى التكليف الثاني الذي يجب أن يكون مختلفا في مساره وجوهره».

بينما رأى وزير الدولة جان أوغاسابيان أن «الشروط التعجيزية التي تفرضها قوى الثامن من آذار كسبيل للمشاركة في الحكومة ليست سوى الوجه الداخلي لأزمة أسبابها الحقيقية إقليمية». وقال: «إن مقاربة الأقلية في تشكيل الحكومة جعلت لبنان ورقة تفاوض بيد سورية وإيران، فالأولى تعتبر أن شهر العسل مع الولايات المتحدة الأميركية قد انتهى، وقد عبر عن ذلك الرئيس السوري بشار الأسد بقوله إنه لا تغيير في إدارة الرئيس باراك أوباما، في وقت استثنى المبعوث الأميركي جورج ميتشل دمشق من جولته على المنطقة، وأرجأت واشنطن تعيين سفيرها في العاصمة السورية. أما إيران فأعلنت بوضوح أنها وضعت لبنان بندا في سلة المقترحات التي قدمتها للبحث عن حلول للملف النووي الإيراني، مما ربط وضع لبنان بالمحادثات المرتقبة بين إيران والدول المعنية بهذا الملف في الأول من أكتوبر (تشرين الأول) المقبل».

واعتبر النائب أحمد فتفت أن «التكليف الآن له متطلبات مختلفة في هذه المرحلة التي هي سابقة وللمرة الأولى يعاد فيها تكليف رئيس حكومة معتذر، كما أن التكليف الآن اقتصر على الأكثرية النيابية، وأعتقد أنه من الناحية السياسية أصبحت الأمور أوضح وربما تكون أسهل أيضا، لأن التكليف العريض كان يحمل الرئيس المكلف عبئا أكبر».

وقال: «إن المنطلقات الآن منطلقات دستورية كما قال دولة الرئيس المكلف الشيخ سعد الحريري، وبناء عليه ستجرى مفاوضات مع كل الأطراف السياسية، وإذا كان التجاوب فعليا من أجل حكومة وحدة وطنية من المؤكد أن الرئيس والأكثرية على استعداد لذلك، إنما من منطلق مختلف لأن لدى الأكثرية أيضا مطالب من أجل تثبيت حكومة وحدة وطنية وهي تقاسم الوزارات. إذا عدنا إلى تركيبة معينة أي 15- 10- 5 أو غيرها عندها يجب توضيح الموضوع، أي وزارة لأي طرف».