«البعث» تحمل بعنف على مراسلي الصحف العربية في دمشق وتنعتهم «بالمخبرين» المجردين من الكرامة والانتماء الوطني

بعد أن وصف رئيس الحكومة بعضهم بالمعادين الذين لا أمل فيهم

TT

للمرة الثانية خلال أقل من شهر تشن جريدة «البعث» السورية، لسان حال حزب البعث العربي الاشتراكي الحاكم، هجوما كاسحا على الصحافيين السوريين، وبالأخص العاملين في الصحف الخارجية، فبعد تصنيف رئيس الحكومة محمد ناجي عطري الصحافيين إلى ثلاثة أنواع؛ أحدها معاد لا أمل منه، نشرت صحيفة «البعث» في عددها الصادر أمس مقالة تهاجم فيها المراسلين السوريين العاملين لصحف تصدر في الخارج (مثل لبنان، ومصر ودول الخليج) متهمة إياهم بأنهم «لا يجيدون الكتابة إلا عن الأذيّات التي تصيب الأشخاص والمعاني».

وجاء في زاوية «حديث الصباح» التي يكتبها الروائي حسن حميد تحت عنوان «كي لا أزيد الطين بلّة!» ما يعبر عن «غيظ كثير» مما وصفه بـ«الهراء من الكلام المطفأ الذي يكتبه وينشره بعض الكتبة والصحافيين السوريين في بعض الصحف العربية (لبنان ومصر والخليج) والذي يأتي تحت يافطة عريضة هي ما يكتبه المراسلون». وقال إن هذا الكلام «ليس فيه سوى أنفاس حامضية لعينة، ورؤى ضريرة، وذم شامت، وأذى قاتل، وكراهية حاقدة، وكأن لا همّ لهم ـ أي المراسلين ـ ولا هدف سوى نقل كل ما هو سيئ، وباهت، وممرض، وموجع..». وكاتب المقال الذي بدأ مقالته بالحديث عن «بعض» الكتبة والصحافيين السوريين، عمم أحكامه على المراسلين كافة لدى تبريره موقفه الحانق وقال إنه يقول هذا.. «لأنني أرى تكاثرا عجيبا للأخبار السود التي تخصّنا في هذه الصحيفة العربية أو تلك، كما أرى تكاثرا في تعددية الأقلام الصحافية التي تمشي في درب التهلكة والأذى والتلفيق» ليصل إلى القول: «كأني بهؤلاء الخلق، أعني المراسلين الصحافيين، لا يجيدون الكتابة إلا عن الأذيّات التي تصيب الأشخاص والمعاني، لأنهم، وحسب متابعتي لهم، غير معنيين بالإيجابيات».

ولم يتوقف الكاتب حسن حميد عضو اتحاد كتاب العرب عند حد اتهام المراسلين الصحافيين وإنما وجه اتهامه أيضا إلى «الصحف التي يراسلونها» وقال إنها «لا تنشر لهم شيئا مكتوبا إلا إذا كان طافحا بالقيمة، والسوداوية، والأسى العميم». ويطرح الكاتب حميد أسئلة تشكك في مهنية المراسلين السوريين وتتهمهم بالتلفيق، فيتساءل: «لماذا هم وحدهم، من دون خلق الله العاملين في المراسلة الصحافية، الذين يدبجون الأخبار السيئة، والأحداث الملفقة بحق الآخرين؟!» ليجيب بالقول: «ترى إذا كانت الشهرة، والتكسب، والمثاقفة.. هي من الدوافع الكامنة وراء المراسلة الصحافية.. فهل الكتابة الفحمية، والتقول الكذوب، والأذى الشخصي والعام معا.. هي الطريق الوحيدة التي توصل إلى الشهرة، والتكسب، والمثاقفة؟ أو إن العدوانية الصحافية هي خصيصة عند بعض الصحافيين المراسلين؟! أو إن استجابات أولئك مطلقة ومجذوبة إلى ما تريده بعض تلك الصحف العربية؟!» هذا وقد فضل الكاتب عدم تسمية حادثة معينة أو مراسل في هجومه مؤثرا تعميم هجوم وصل حد تجريد المراسلين الصحافيين من «الكرامة الإنسانية، والانتماء الوطني، والثقافة الوطنية» لمجرد أنهم قبلوا تصنيفهم؛ «مخبر» صحافي، في عُرف القائمين على الصحف التي يعملون بها. هذه ليست المرة الأولى التي يهاجم فيها المراسلون الصحافيون السوريون، فقد سبق أن وجه لهم رئيس مجلس الوزراء، محمد ناجي عطري، انتقادا لاذعا، مميزا بين ثلاثة أنواع منهم: «إعلاميون ملتزمون وأوفياء لقضايا الوطن ومصلحته، وإعلاميون غير ملتزمين إلا لمصلحتهم الشخصية ويتنقلون بين القطاع العام والخاص ويكتبون بطريقة متناقضة، إضافة إلى الإعلامي المعادي الذي لا يوجد أي أمل منه». يشار إلى أن كلام رئيس الوزراء جاء في اجتماع دعت إليه صحيفة «البعث» للقاء الإعلاميين العاملين فيها بحضور هيثم سطايحي عضو القيادة القطرية لحزب البعث رئيس مكتب الثقافة والإعداد والإعلام ووزير الإعلام محسن بلال ومعاون وزير الإعلام والمديرين العامين للمؤسسات الإعلامية ورؤساء تحريرها، واللافت أن هجوم الكاتب عضو اتحاد الكتاب حسن حميد جاء على الصفحة الأخيرة من الجريدة نفسها في عدد يوم أمس، علما أن جريدة «البعث» انتقلت ملكيتها من القيادة القومية للحزب إلى القيادة القطرية السورية منذ بداية العام. هذا، وتتواصل الحملة على المراسلين السوريين العاملين في وسائل الإعلام الخارجية في وقت يفتقرون فيه إلى قانون إعلام معاصر ينظم آلية عملهم، كما أن اتحاد الصحافيين الذي أنشئ في الفترة التي كان فيها الإعلام الخاص محظورا، ما زال لا يعترف بالإعلاميين العاملين في القطاع الخاص ووسائل الإعلام الخارجية، إذ لا يستفيد من امتيازات الانتساب للاتحاد سوى الإعلاميين العاملين في المؤسسات الرسمية.