أوباما يقر «توجها جديدا» تجاه صواريخ إيران.. ويؤجل نشر الدرع الأوروبية 6 سنوات

غيتس: تهديد الصواريخ الإيرانية طويلة المدى ليس وشيكا * روسيا ترحب وتأمل ليونة إيرانية في ملفها النووي

وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس خلال مؤتمر صحافي في البنتاغون بآرلينغتون أمس (أ.ف.ب)
TT

تراجعت الولايات المتحدة عن خطتها لنشر نظام دفاع صاروخي في وسط أوروبا، بعدما أعادت تقييم برنامج إيران للصواريخ بعيدة المدى. لكن رغم هذه الخطوة، أكدت واشنطن أنها لا تزال تهدف لنشر نظام الدفاع الصاروخي عام 2015، وأن برنامج الصواريخ الإيرانية العابرة للقارات لا يزال يشكل تهديدا.

وأعلن الرئيس الأميركي باراك أوباما أمس عن «توجه جديد» لموضوع الدفاع الصاروخي في أوروبا قال إنه «سيوفر قدرات بشكل أسرع ويبني على أنظمة راسخة ويوفر دفاعات أكبر ضد تهديد أي هجوم صاروخي مقارنة مع برنامج الدرع الصاروخية الأوروبية» التي تم اقتراحها عام 2007. وأضاف «إن تركيزنا الواضح والمتواصل كان على الدوام على التحدي الذي يمثله برنامج إيران للصواريخ الباليستية ولا يزال ذلك هو تركيزنا وأساس البرنامج الذي نعلن عنه اليوم». وأشار أوباما إلى التقدم الذي حققته تكنولوجيا الدفاع الصاروخي «خاصة في مجال معترضات الصواريخ الأرضية والبحرية والمجسات التي تدعمها». وقال إن التوجه الجديد سيستخدم تكنولوجيا أثبتت فعاليتها وأقل تكلفة.

ومن جهته، أكد وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس أن بلاده لا تزال تهدف لنشر الصواريخ في بولندا وجمهورية تشيكيا في 2015 على الرغم من أن برنامج إيران للصواريخ بعيدة المدى لن يتحقق، كما كان يعتقد، خلال فترة زمنية قريبة. وقال غيتس في مؤتمر صحافي «لدينا الآن فرصة لنشر مجسات ومعترضات جديدة للصواريخ في شمال وجنوب أوروبا تستطيع أن توفر على المدى القريب تغطية دفاعية صاروخية ضد مزيد من التهديدات الوشيكة من إيران أو غيرها». وأضاف أن «المشاورات بدأت مع الحلفاء بدءا من بولندا وجمهورية تشيكيا حول استضافة نسخة جديدة من صواريخ إس إم ـ 3 الأرضية وغيرها من أجزاء النظام» الصاروخي. وأكد أنه «رغم أن تهديد الصواريخ طويلة المدى الإيرانية ليس وشيكا كما كنا نعتقد سابقا، فإن هذا النظام سيسمح لنا بإضافة قدرات دفاعية مستقبلية ضد مثل هذه التهديدات مع ظهورها».

ونفت واشنطن أمس تعديل خطتها الصاروخية بناء على صفقة مع روسيا التي عارضت المشروع بقوة. وقال المتحدث باسم البيت الأبيض روبرت غيبز للصحافيين: «الأمر لا يتعلق بروسيا».

واتصل أوباما هاتفيا الليلة قبل الماضية برئيس الوزراء التشيكي يان فيشر ليبلغه قرار بلاده العدول عن مشروع نشر الدرع الصاروخية، كما أعلن فيشر صباح أمس. وقال فيشر «كنا نعلم أن الولايات المتحدة تراجع خطتها لبناء رادار ضمن إعادة تقييمها لتهديدات معينة، وأن أحد الخيارات يمكن أن يكون التخلي عن خطة لبناء رادار». وأضاف أن «التهديدات الآن تكمن في الصواريخ قصيرة ومتوسطة المدى وليس في الصواريخ بعيدة المدى».

ولم يعبر الجانب التشيكي عن رد فعل غاضب مثلما جاء من الجانب البولندي. فقد قال ألكساندر زيغلو، مسؤول مكتب الأمن القومي التابع للرئاسة البولندية عبر قناة «تي في إن 24» أمس: «إذا تأكد (إلغاء الدرع الصاروخية) سيكون إخفاقا للمخطط الأميركي بعيد الأمد لهذه المنطقة من أوروبا». وذكر بأن مشروع الدرع الصاروخية لم تكن له أهداف عسكرية فحسب بل كان له بعد «سياسي واستراتيجي» في أوروبا الوسطى أيضا.

كما أطلعت واشنطن حلفاءها في بروكسل على تفاصيل قرارها الجديد. وقال الأمين العام لحلف الأطلسي أندريس فوغ راسموسين أمس «لقد تحدثت هذا الصباح مع السفير الأميركي (لدى الحلف) وخرجت بانطباع بأن الخطط الأميركية المتعلقة بالدفاع المضاد للصواريخ ستشمل حلف الأطلسي بدرجة كبيرة».

وكانت الإدارة الأميركية السابقة أعلنت عزمها بناء قاعدة رادار في جمهورية تشيكيا ونشر صواريخ معترضة في بولندا، لصد أي تهديد من دول «مارقة» مثل إيران. وقال جيف موريل، المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية، إن «النظام السابق كان يستند إلى اعتقاد أن إيران مصممة على تطوير برنامج للصواريخ الباليستية العابرة للقارات، ولكن بعد المعلومات الاستخباراتية الأخيرة، تبين أنهم (أي الإيرانيين) يركزون أكثر على تطوير القدرات قصيرة ومتوسطة المدى».

وبدورها، عبرت موسكو عن ارتياحها لتراجع واشنطن عن نشر برنامجها الدفاعي في بولندا وتشيكيا التي كانت سببا رئيسيا في تدهور العلاقات مع الولايات المتحدة ابان عهد الرئيس السابق جورج بوش. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الروسية أندريه نستيرينكو إن روسيا ترحب بالقرار الأميركي القاضي بتعليق خطط لنشر أنظمة مضادة للصواريخ في بولندا وجمهورية تشيكيا. وأضاف أن موسكو تعتبر مثل هذه الخطوة «إيجابية».

وبدوره، اعتبر قسطنطين كوساتشوف رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الدوما، أن القرار الأميركي الجديد يمكن أن يدفع إيران إلى إعادة النظر في برنامجها النووي بعد رفع عناصر الضغط التي كانت تهددها، ويسهل من مهمة إجراء المباحثات الروسية الأميركية حول تقليص الأسلحة الاستراتيجية الهجومية. وأشار كوساتشوف إلى أن القرار الأميركي يدل على تقدير موضوعي للأوضاع في إيران من جانب، ومن جانب آخر يبدو مؤشرا إلى موقف موضوعي نحو الحوار الاستراتيجي بين روسيا والولايات المتحدة بوصفه من أهم عناصر الحفاظ على الاستقرار العالمي. وأعرب عن تقدير مماثل فلاديمير دفوركين، كبير خبراء معهد الاقتصاد العالمي والعلاقات الدولية، الذي أشار إلى أن القرار الأميركي الجديد سيسهل إلى حد كبير المباحثات حول المعاهدة الجديدة للحد من الأسلحة الاستراتيجية من منظور الحلول الوسط. كذلك، قال فيكتور يسين الرئيس السابق لهيئة أركان القوات الاستراتيجية الروسية، إن تخلي واشنطن عن خطة نشر عناصر الدرع الصاروخية سيسهم في سرعة توقيع معاهدة الحد من الأسلحة الاستراتيجية قبل نهاية العام الجاري إلى جانب تقريب مواقف البلدين تجاه العديد من قضايا الأمن العالمي.

ومن المقرر أن يلتقي أوباما بنظيره الروسي ديمتري مدفيديف في الأمم المتحدة في نيويورك الأسبوع المقبل. وكان أوباما بذل جهودا كبيرة لتحسين العلاقات الفاترة مع روسيا.