اليمن: القتال مستمر في صعدة رغم هدنة عيد الفطر.. واقتراح الحكومة تثبيت وقف إطلاق النار

تبادل الطرفان الاتهامات حول عدم احترام وقف العمليات العسكرية وإفشال وقف إطلاق النار

يمنيون نازحون بسبب الحرب بين القوات اليمنية والحوثيين في أحد المعسكرات التي أقامتها الهيئة العليا لشؤون اللاجئين في الأمم المتحدة بمدينة حجة (إ.ب.أ)
TT

استمر القتال شمال اليمن أمس بين القوات الحكومية والمتمردين الحوثيين، على الرغم من إعلان الحكومة تعليق العمليات العسكرية مؤقتا بمناسبة عيد الفطر واقتراحها تثبيت وقف لإطلاق النار اعتبارا من ظهر أمس إذا التزم المتمردون شروطها. وقال مصدر عسكري ميداني لوكالة «فرانس برس» إن «العمليات العسكرية مستمرة وجماعة الحوثي لا تزال تستهدف القوات الحكومية المتمركزة في مواقعها». وذكر المصدر أن القتال يتركز خصوصا في حرف سفيان بمحافظة عمران وفي منطقة الملاحيظ في محافظة صعدة، شمال البلاد.

وكانت الحكومة اليمنية أعلنت في بيان رسمي ليل الجمعة ـ السبت أنها «سوف توقف العمليات العسكرية في المنطقة الشمالية الغربية من لحظة إعلان هذا البيان». وأضافت أن هذا القرار جاء «بناء على توجيهات القيادة السياسية.. وبمناسبة حلول عيد الفطر المبارك واستجابة لمطالبات الإخوة المواطنين في محافظة صعدة وكافة النداءات الموجهة للحكومة.. من أجل إيصال المواد التموينية للمواطنين والمساعدات للنازحين». وعرضت الحكومة «تثبيت وقف إطلاق النار (ابتداء من منتصف يوم أمس) إذا التزمت عناصر التخريب والتمرد» شروطا كانت حددتها من قبل وكررتها في البيان مستثنية شرطا واحدا من أصل ستة يتعلق بالكشف عن مصير ستة رهائن أجانب. والشروط هي «الالتزام بوقف إطلاق النار وفتح الطرقات وإزالة الألغام والنزول من المرتفعات وإنهاء التمترس في المواقع وجوانب الطرق» و«إطلاق المحتجزين (لدى المتمردين) من المدنيين والعسكريين»، حسبما ورد في البيان. كما تشمل شروط الحكومة للمتمردين «الانسحاب من المديريات وعدم التدخل في شؤون السلطة المحلية» و«إعادة المنهوبات من المعدات المدنية والعسكرية» و«الالتزام بالدستور والنظام والقانون».

وتبادل الطرفان الاتهامات حول عدم احترام وقف العمليات العسكرية وإفشال وقف إطلاق النار. فقد أكد مصدر مسؤول في مكتب القائد الأعلى للقوات المسلحة أن عناصر التمرد الحوثي «استمرت في اعتداءاتها على القوات المسلحة والأمن في الملاحيظ وسفيان وباقم» على الرغم من إعلانها التجاوب مع مبادرة الحكومة. من جانبها أكدت قيادة التمرد الحوثي في بيان أصدرته قبل ظهر أمس، أي قبل الموعد الذي حددته الحكومة لتثبيت وقف إطلاق النار أن قوات السلطة «واصلت اعتداءاتها في مختلف مناطق المواجهات رغم إعلانها تعليق العمليات العسكرية». وقالت إن «زحفا عسكريا تحرك (صباح السبت) باتجاه مديرية سفيان (محافظة عمران) مصحوبا بإطلاق مكثف للصواريخ والمدفعية في حالة لا تختلف تماما عن حالة الحرب القائمة».

وكان محمد عبد السلام المتحدث باسم القائد الميداني للحوثيين عبد الملك الحوثي أكد في وقت سابق أن المتمردين «مستعدون لمعالجة» الشروط الخمسة التي حددتها الحكومة لتثبيت وقف إطلاق النار «وهذا أمر طبيعي». وقال المتحدث في تصريحات: «أكدنا عبر نداءات ومبادرات سابقة التزامنا بفتح الطرقات وعودة الأمور إلى ما كانت عليه أي فتح الطرقات وإزالة الحواجز وإنهاء التمترس وعودة السلطة المحلية إلى كل المناطق لممارسة دورها». وتابع الناطق باسم القائد الميداني للحوثيين «لا نرغب على الإطلاق ببقاء أي أسير لدينا رغم أن السلطة لم تلتفت إلى ما لديها من أسرى البعض منهم (في الأسر منذ) أربع سنوات». وذكر بأن هذه «النقاط هي نتاج للحرب وأي حرب لا بد أن يكون فيها أسرى وسيطرة على مناطق وآليات».

وأتت خطوة الحكومة بعد يومين من مقتل أكثر من ثمانين مدنيا في غارة للقوات اليمنية استهدفت تجمعا للاجئين في حرف سفيان شمال صنعاء بحسب المتمردين وشهود عيان ومنظمات إنسانية.

ونددت جهات دولية بينها الأمم المتحدة وفرنسا بهذه الحادثة الدموية التي لم تؤكد صنعاء وقوعها وإنما شكلت لجنة للتحقيق فيها. ودعا الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة بان كي مون الجمعة أطراف النزاع إلى «وقف المعارك على الفور والسماح بشكل عاجل بوصول المساعدات الإنسانية إلى المناطق المستهدفة».

وكان النزاع في شمال اليمن انفجر مجددا في 11 أغسطس (آب) الماضي في ما بات يعرف بـ«الحرب السادسة» بين الحكومة اليمنية والحوثيين ضمن الصراع المستمر منذ 2004. وتتهم السلطات المتمردين الحوثيين، بالسعي لإعادة حكم الإمامة الزيدية الذي أطاح به انقلاب عام 1962 أعلنت في أعقابه الجمهورية، كما تتهمهم بأنهم يحظون بدعم جهات في إيران. ومنذ 2004، أسفرت المواجهات بين السلطة المركزية والمتمردين عن مقتل الآلاف في صعدة. وتقع معاقل التمرد في محافظة صعدة الشمالية المتاخمة للسعودية، والمناطق المحيطة بها.