الرئيس الروسي لا يستبعد بيع إيران صواريخ «إس 300».. ويصف أي هجوم ضدها بالسيناريو «الأسوأ»

ميدفيديف أكد زيارة نتنياهو لموسكو سرا.. وقال إن تسليم طهران أسلحة دفاعية لا يفاقم التوتر *لندن تدعو طهران لاتخاذ «خطوات ثقة»

الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف خلال مقابلته مع قناة «سي ان ان» الأميركية (أ.ب)
TT

دافع الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف، عن سياسة بلاده بيع أسلحة دفاعية لإيران، ووصف أي هجوم تقوم به إسرائيل ضد طهران، بأنه «أسوأ شيء يمكن تصوره»، لكنه قال إن الرئيس الإسرائيلي شيمعون بيريس تعهد له خلال لقائه به الشهر الماضي، بأن لا تهاجم الدولة العبرية الجمهورية الإسلامية. وطلبت لندن أمس من طهران اتخاذ «خطوات ملموسة» في المحادثات المقرر لها مطلع أكتوبر (تشرين الأول) لإظهار أن أهداف برنامجها النووي للأغراض السلمية. وقال ميدفيديف في مقابلة مع قناة «سي ان ان» التلفزيونية الأميركية، إن من شأن أي هجوم على إيران أن يؤدي إلى «كارثة إنسانية وعدد ضخم من اللاجئين ورغبة إيران في الانتقام ليس فقط من إسرائيل ـ كي أكون صريحا ـ ولكن من دول أخرى أيضا. لكن زملائي في إسرائيل أخبروني أنهم لا يعتزمون التصرف بهذه الطريقة وأنا أثق بهم». وأوضح أن تسليم أسلحة دفاعية لإيران لن يفاقم التوتر في الشرق الأوسط بل سيحتويه.

وقال الرئيس الروسي في المقابلة التي أجريت معه في منزله في بارفيخا قرب موسكو وبثها الموقع الإلكتروني للكرملين: «حين زارني الرئيس الإسرائيلي شيمعون بيريس في سوتشي (جنوب روسيا) نهاية أغسطس (آب) قال أمرا بالغ الأهمية لنا جميعا، مفاده أن إسرائيل لا تنوي في أي شكل توجيه ضربة إلى إيران، وأن إسرائيل بلد مسالم لن يقوم بهذا الأمر». والتزم ميدفيديف في ذلك الاجتماع بإعادة النظر في بيع صواريخ روسية أرض ـ جو من طراز «اس 300» لإيران. وصرح بيريس إثر اللقاء أن «الرئيس ميدفيديف وعد بدرس هذه القضية مجددا، لأنني أوضحت أن هذا الأمر سيؤثر على توازن القوى في منطقتنا». لكن موقف موسكو لا يزال ملتبسا منذ أشهر حول بيع هذه الأنظمة الصاروخية المتقدمة جدا والذي من شأنه أن يجعل قصف المنشآت النووية الإيرانية أكثر صعوبة. وقال ميدفيديف في مقابلته مع «سي ان ان»: «لهذا السبب فإن أي عملية تسليم أسلحة، خاصة أسلحة دفاعية، لن يفاقم التوتر (في الشرق الأوسط) بل ينبغي على العكس أن يحتويه». وتدارك: «ولكن إذا كان لدى البعض مشروعات مماثلة، فأعتقد أن عليهم التفكير في ذلك. لهذا السبب، لا تكمن مهمتنا في دعم إيران وإضعاف إسرائيل، بل على العكس في السعي إلى أن يكون الوضع في الشرق الأوسط طبيعيا وهادئا». غير أن ميدفيديف لم يستبعد احتمال بيع صواريخ دفاعية روسية مضادة للطائرات من طراز «اس 300» لإيران. وقال إن روسيا لها الحق في بيع أسلحة دفاعية لإيران. وقال: «ما سلمناه وما سنسلمه كان دائما وسيكون دائما أسلحة دفاعية. إنه موقفنا الحازم ونحن متمسكون به لاتخاذ قرارات حاسمة في ما يتصل بكل العقود مع إيران».

وأضاف أن العقوبات غالبا ما تكون غير مجدية وأنه ينبغي عدم اتخاذ أي عمل ضد إيران إلا كملاذ أخير، مشيرا إلى أن فرص التوصل لاتفاق مع الولايات المتحدة بشأن معاهدة جديدة لخفض الأسلحة الهجومية الاستراتيجية بنهاية العام ما زالت «كبيرة». وتستطيع صواريخ «اس 300» ضرب طائرة على ارتفاع ثلاثين كلم وعلى بعد 150 كلم. وفي عام 2007، زودت موسكو إيران بـ29 نظاما دفاعيا مضادا للطائرات من طراز «تور ام وان» الأقصر مدى من نظام «اس 300». وخلال زيارة قام بها لموسكو في يونيو (حزيران)، أعلن وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان بدوره أن إسرائيل لا تنوي قصف إيران، على الرغم من أن إسرائيل لمحت إلى أنها قد تمنع إيران بالقوة من حيازة وسائل صنع قنبلة ذرية إذا استمرت طهران في رفضها تعليق تخصيب اليورانيوم الذي تزعم أنه للأغراض السلمية. وأكد الرئيس الروسي في المقابلة أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قام فعلا بزيارة غير معلنة لروسيا، لكنه لم يشر إلى هدفها، ولكن مراقبين، لم يستبعدوا أن تكون في إطار الجهود الإسرائيلية لمنع موسكو من بيع صواريخ «اس 300» إلى طهران. وقال ميدفيديف إن «رئيس الوزراء نتنياهو زار موسكو. لقد قام بهذه الزيارة في شكل غير معلن، كان ذلك قراره». ونقلت وسائل إعلام عدة في الأيام الأخيرة أن نتنياهو قام بهذه الزيارة السرية في السابع من سبتمبر (أيلول) لبحث بيع أسلحة روسية لخصمي إسرائيل اللدودين سورية وإيران. والجمعة، أكد مصدر في الكرملين حصول هذا الأمر، لافتا إلى أن «الجانب الإسرائيلي أراد إبقاء هذه الزيارة سرية». بدوره، أكد زئيف الكين رئيس الكتلة البرلمانية لحزب الليكود الذي يتزعمه نتنياهو الخميس زيارة رئيس الوزراء لموسكو، ولكن لم يتم الإدلاء بأي توضيح رسمي حول دواعي هذه الزيارة.

من جهته، قال وزير الخارجية البريطاني ديفيد ميليباند أمس إن إيران يتعين عليها اتخاذ «خطوات ملموسة» في المحادثات القادمة لإظهار أن أهداف برنامجها النووية سلمية. وقال ميليباند لقناة «سكاي» التلفزيونية: «القضية الإيرانية الآن قضية واضحة ينبغي التطرق إليها.. حان الوقت لاتخاذ إيران خطوات ملموسة لتظهر أن أهدافها من برنامج تخصيب اليورانيوم النووي سلمية فقط. إنه توقيت مهم للغاية».

وجاءت تصريحات ميليباند تكرارا لما قالته وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون يوم الجمعة من أن إيران عليها استغلال مناقشات الشهر القادم لتهدئة المخاوف إزاء برنامجها النووي وإلا ستتعرض لعزلة أكبر ولضغوط اقتصادية أشد. وتقول طهران إن برنامجها لتخصيب اليورانيوم موجه لإنتاج الطاقة، ولكن بعض القوى العالمية تخشى أن يكون غطاء لتصنيع أسلحة نووية. وقالت كلينتون إن المحادثات المقرر لها الأول من أكتوبر (تشرين الأول) بين إيران وما تسمى مجموعة «5+1» وهي الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن (بريطانيا والصين وفرنسا وروسيا والولايات المتحدة) بالإضافة إلى ألمانيا، يجب أن تتطرق للموضوع. ولكن إيران قالت مرارا إنها لن تستخدم المناقشات للمساومة على قدراتها النووية.

وذكر ميليباند أنه سيرأس اجتماعا في نيويورك هذا الأسبوع لوزراء خارجية الدول الست الأخرى قبل محادثات أكتوبر. وأضاف: «حان الوقت لاتخاذ إيران خطوات ملموسة لإظهار أنها ترغب في الالتزام بقواعد معاهدة حظر الانتشار النووي التي كانت لها أهمية كبيرة في الحد من الانتشار النووي خلال الأربعين عاما الماضية».

وتحدث وزير الخارجية البريطاني من جهة ثانية عن تخلي الرئيس الأميركي باراك أوباما الخميس عن مشروع الدرع المضادة للصواريخ في أوروبا الذي أثار توترا حادا مع روسيا، وقال ديفيد ميليباند: «قرار أوباما براغماتي وحكيم»، معتبرا أن دول شرق أوروبا لن تبقى من دون حماية. وأضاف ميليباند أن «الحلف الأطلسي الجديد أعلن التزامات واضحة وإلزامية على صعيد الدفاع عن أراضي أعضائه.. الولايات المتحدة وبريطانيا تقفان إلى جانب أصدقائهما. لكنني أعتقد أن من المهم أيضا الإقرار بأن من مصلحتنا ومصلحة روسيا على السواء التصدي لأخطار انتشار السلاح النووي».