أوباما: مسائل خطيرة شابت الانتخابات الأفغانية

الأمم المتحدة تتوقع حسم الأزمة قبل الشتاء.. وطالبان تريد «إزالة» كرزاي وعبد الله

TT

أعلن الرئيس الأميركي باراك أوباما أمس، أن «مسائل خطيرة» شابت عملية إجراء الانتخابات الأفغانية الأخيرة. وقال اوباما في مقابلة مع شبكة «إن بي سي» الإخبارية، إن الانتخابات الأفغانية «لم تجر بنفس السلاسة التي كنا نأملها، وهناك بعض المسائل الخطيرة حول كيف جرت هذه الانتخابات في بعض أنحاء البلاد».

وجاء هذا في وقت عبرت الأمم المتحدة عن ثقتها في حسم أزمة الانتخابات قبل الشتاء المقبل، سواء بإعلان الرئيس حميد كرزاي فائزاً بولاية جديدة أو بإجراء جولة ثانية للاقتراع.

وحتى الآن، تظهر النتائج الجزئية حصول الرئيس كرزاي على 54.6 في المائة من الأصوات، أي بنسبة كافية للفوز في الانتخابات التي أجريت في 20 أغسطس (آب) الماضي من الجولة الأولى، لكن «لجنة الشكاوى الانتخابية»، التي ترعاها الأمم المتحدة، أمرت بإجراء فرز جزئي للأصوات بسبب التزوير. وإذا أسفرت عملية إعادة الفرز عن نتيجة تمنح كرزاي أقل من نسبة 50 في المائة، فإنه إجراء جولة ثانية مع منافسه الرئيسي، وزير الخارجية السابق عبد الله عبد الله.

وقال مسؤول انتخابي رفيع في أفغانستان مساء أول من أمس، انه يتعين إجراء الجولة الثانية من الانتخابات إذا لزم إجراؤها في الأسبوع الثالث من أكتوبر (تشرين الأول) أو تأجيلها إلى العام المقبل بسبب الظروف الجوية القاسية، التي تجعل أغلب مناطق البلاد من الصعب الوصول إليها. وهذا يعني أن أمام المحققين في مسألة تزوير الانتخابات نحو أسبوعين لإتمام إعادة الفرز حتى يتبقى أسبوعان آخران للحملات الانتخابية.

وقال عليم صديق، المتحدث باسم الأمم المتحدة، انه واثق من أن عملية إعادة الفرز يمكن أن تتم بسرعة كافية إما لإعلان كرزاي الفائز من الجولة الأولى أو لإجراء جولة ثانية هذا العام. وأضاف أنه كإجراء احترازي، أمر مسؤولون بطبع بطاقات الاقتراع لاحتمال إجراء جولة ثانية. وقال صديق: «كلنا ندرك صعوبة إجراء جولة ثانية مع اقتراب الشتاء، لكن كل هذا يقوي إصرارنا على تكريس كل جهودنا لإجراء جولة ثانية هذا العام إذا لزم الأمر».

وأمرت لجنة الشكاوى الانتخابية المدعومة من الأمم المتحدة بإعادة فرز الأصوات في نحو 10 في المائة من مراكز الاقتراع بعد التوصل إلى «أدلة واضحة ومقنعة عن حدوث تلاعب». وتصف بعثة مراقبة تابعة للاتحاد الأوروبي أكثر من ربع الأصوات بأنها «مريبة» بما في ذلك أكثر من ثلث الأصوات، التي تم الإدلاء بها لصالح كرزاي. ويقر الرئيس بحدوث بعض التلاعب، لكنه يقول إن الإعلام والمراقبين الأجانب بالغوا في حجم هذه المخالفات. وتبحث اللجنة الانتخابية في أفغانستان مع لجنة الشكاوى الانتخابية المدعومة من الأمم المتحدة في كيفية إعادة الفرز إذا صدرت أوامر بإجرائه في أسرع وقت ممكن لتجنب تأجيل جولة الإعادة. ويقول دبلوماسيون غربيون، إن تأجيل جولة ثانية إلى العام المقبل ربما يجعل أفغانستان أكثر اضطرابا. وقال صديق إن من الممكن الإسراع بخطوات التحقيقات، التي تجرى في الانتخابات من خلال اختبار عينة من البطاقات من مراكز الاقتراع المريبة واللجوء إلى الحسابات؛ لتحديد ما إذا كان التلاعب شديدا لدرجة تبطل فوز كرزاي. وأردف قائلا «إنها مسألة حسابات. لا بد من التأكد من أن حجم العينة كبير بدرجة كافية».

في غضون ذلك، أعربت حركة طالبان عن رفضها التفاوض مع الرئيس المنتهية ولايته كرزاي ومنافسه عبد الله عبد الله، مضيفة أنها «تريد إزالة الاثنين». ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية أمس عن المتحدث باسم طالبان، يوسف أحمدي، قوله إن «نتيجة الانتخابات الرئاسية لن تبدل شيئا أيا كان الرئيس المقبل. وقال «لا نريد لا حميد كرزاي ولا عبد الله عبد الله». وتابع «عبد الله كان وزيرا في إدارة من القتلة وكرزاي كان على رأسها. نريد إزالة الاثنين».

وفي وقت تدعو الحكومة الأفغانية والدول الغربية إلى التفاوض مع المتمردين، قال احمدي «لسنا مستعدين إطلاقا للتفاوض».

واعتبر أن الحل الوحيد هو أن «يرحل الغزاة الذين دنسوا ارض أفغانستان من البلاد»، متوعدا بأنه «طالما أنهم موجدون، لن نكون أبدا مستعدين للتفاوض».

وأوضحت مريم أبو ذهب من المركز الفرنسي للدراسات والأبحاث الدولية، أن «طالبان لا مصلحة لهم إطلاقا في التفاوض. إنهم حاليا في موقع قوة» في مواجهة حكومة ضعيفة في كابل يلف الغموض مستقبلها السياسي، ومعارضة متزايدة للحرب لدى الآراء العامة الغربية.

وقال يوسف أحمدي، إن الحركة «نجحت في نسف هذه الانتخابات. أثبتنا مصداقيتنا وأسقطنا مصداقية الحكومة». وندد أحمدي بالانتخابات «المزورة» مؤكدا أن «10% من الناخبين فقط شاركوا فيها». وأعلنت السلطات الأفغانية أن نسبة المقاطعة وصلت إلى 61.3% من الناخبين، وعزتها بشكل أساسي إلى حملة التخويف التي شنتها حركة طالبان. وقال المتحدث باسم الحركة «قلنا للناس إنهم سيعاقبون إن صوتوا. الجميع امتثل لهذه الأوامر». وخلص إلى أن «الحكومة ستسقط مع رحيل القوات الدولية» متوقعا لها انسحابا وشيكا، لأن «هزيمة حقيقية تنتظر الغزاة». وأضاف انه بعد رحيل القوات الدولية «سيبقى الأفغان فيما بينهم، وسيكون في وسعهم إقامة إدارة ذات صدقية» تقوم على «البنى القبلية التي سننظم بفضلها مجالس جيرغا»، في إشارة إلى مجالس أعيان القبائل، الذين ما زالوا يتمتعون بنفوذ كبير في أفغانستان.