لبنان «السياسي» في عطلة تؤجل خرق جدار الأزمة الحكومية

عون ينفي زيارته لسورية سرا.. ونوابه يطرحون مبدأ «المداورة» في الحقائب

TT

لا تزال عطلة عيد الفطر تخيّم على لبنان، لترجئ بذلك أي أمل في جديد يخرق جدار أزمة تأليف الحكومة. ورغم ذلك، لم تهدأ السجالات، ففيما طغت أول من أمس تصريحات نواب المعارضة، سجّل أمس نواب الأكثرية حضورا لافتا.

فقد رأى عضو كتلة «الكتائب» النائب سامي الجميل أن «الشعب أصبح منقسما فئتين، الأولى يحق لها حمل السلاح واستخدامه ولا تحترم قوانين الدولة، بينما الفئة الثانية تحترم الدولة وقوانينها ولا تحمل السلاح». ورأى أن «مصطلح الديمقراطية التوافقية اخترع ليؤدي إلى تطيير نتائج الانتخابات النيابية».

من جهته، قال وزير السياحة النائب إيلي ماروني (الكتائب) إن «المسيرة لا تزال طويلة لأن الذين وضعوا أعينهم على لبنان ودمروه واحتلوه وقتلوا أفضل شبابنا، لا يزالون يحاولون بشتى الطرق تعطيل مسيرة بناء الدولة». وانتقد «حزب الله» من دون أن يسميه بقوله «ثقافتنا هي ثقافة الحياة، لا نريد أن نموت من أجل لبنان، بل أن نعيش من أجله، لأن لبنان في حاجة إلى أبنائه ليبنوه من جديد. نقول لهم دعوا لبنان، وهم لا يقبلون ويستمرون عبر أدواتهم المنتشرة في كل لبنان وفي كل المواقع في تعطيل المؤسسات وبناء الدولة وقيامها وتعطيل وحدة هذا البلد وكرامته، كذلك تعطيل قيام جيش واحد وبندقية واحدة في أرضنا». وأشار إلى أن الكتائب «تحضر لنهضة كبيرة رغم كل المآسي التي مرت علينا». وتطرق إلى مسألة الحكومة، معتبرا أنها «في النهاية ستؤلَّف. ونحن في حزب الكتائب ندعم الرئيس المكلف الشيخ سعد الحريري ليؤلف حكومة على مستوى المرحلة. حكومة تباشر إنماء لبنان وإعماره»، مؤكدا «إننا لن نخاف من التعطيل وسنتصدى مع جميع حلفائنا في قوى 14 آذار وسنكون يدا واحدة لمواجهة كل محاولة تعطيل والعودة بنا إلى الوراء في مسيرة بناء الدولة».

وخلال رعايته تكريما للطلاب المتفوقين في الشهادات الرسمية، قال عضو كتلة «المستقبل» النائب نضال طعمة «كلّنا ننتظر ولادة الحكومة العتيدة برئاسة الشيخ سعد الحريري وكلّنا مدعوون، كلٌ من موقعه، لأن نكون جسر عبور نحو الآخر ورسل سلام وخير». وأضاف «عسى أن تبصر أجيالنا ولادة الدولة العزيزة والقوية والكريمة التي تحتضن كل أبنائها في حمى الجيش اللبناني الذين أثبت، والمؤسسات الأمنية الأخرى، في أكثر من امتحان دم أن رجاله يقدمون لحمهم الحي ولا يهونون أمام الكرامة الوطنية ويضحون في سبيل عزة لبنان وكرامته ومنعته».

في المقابل، انشغلت أوساط المعارضة وتحديدا نواب تكتّل «التغيير والإصلاح» بنفي ما نقلته إحدى وسائل الإعلام العربية عن زيارة قام بها رئيس التكتّل النائب العماد ميشال عون لسورية مطلع الشهر الحالي، وذلك بعدما أصدر مكتبه بيانا كذّب فيه هذا الخبر «جملة وتفصيلا». وأكد أن «أي خطوة أو عمل أو تحرك يقوم به، إنما يعلنه على الملأ ويكون أمام الملأ ولا يخجل به وليس أدل على ذلك سوى زيارة القلب المفتوح التي قام بها لسورية».

بدوره، قال عضو التكتّل نفسه النائب سيمون أبي رميا، إن «المعارضة قدّمت تنازلات كثيرة من النسبية مرورا بالثلث الضامن وصولا إلى القبول بعشرة وزراء»، موضحا أن «المشكلة أن الرئيس الحريري طرح فكرة حكومة الوحدة الوطنية لكن الوحدة الوطنية تتطلب المشاركة الحقيقية».

وأشار إلى أن عون «طرح مبدأ المداورة، لكنّهم لا يطبقون المداورة إلا على حقوق التيار»، لافتا إلى أن «العماد عون قال إنّهم إذا أعطوه وزارة المالية فهو مستعدّ لأخذ 4 وزراء دولة». وأضاف «نحن منفتحون، لكن لا يمكننا أن ننزل إلى اللامعقول، وشروط المعارضة في تأليف الحكومة هي أكثر من مطالب بل هي حقوق، وخاصة في ما يتعلق بالتيار الوطني الحر».

وتمنى «أن يكون هناك حوار جاد ونية حقيقية لتأليف حكومة وحدة وطنية بعد عودة الحريري»، مشيرا إلى أن «المطلوب من اللبنانيين عدم التطلع إلى خارج الحدود اللبنانية، ويجب ألا نظهر وكأننا شعب قاصر». وأعلن عضو التكتل نفسه النائب حكمت ديب «إننا ننتظر من رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري أسلوب تعامل جديدا بالنسبة إلى تأليف الحكومة»، آملا في أن «يكون قد اختمر لديه الوعي بعد التعقيدات اللبنانية وأن يعرف كيف عليه احترام كل فريق».

من جهة ثانية، نفى ديب أن يكون عون قد زار سورية سرا، مؤكدا أن «هذا الخبر الكاذب يهدف إلى ذر الرماد في العيون وربما لإيجاد أعذار جديدة لتأخير الحكومة في انتظار تطور ما».

وأعرب رئيس تيار «التوحيد اللبناني» الوزير السابق وئام وهاب عن تخوفه «من انفجارات أمنية في البلاد»، كاشفا عن «وجود خلايا كثيرة لتنظيم القاعدة منتشرة في كل المنطقة، ومن أولوياتها القوات الدولية، لا سيما أن (زعيم تنظيم القاعدة أسامة) بن لادن لديه عقدة القضية الفلسطينية التي لم تعمل الحكومات العربية على حلّها أو خدمتها بشيء حتى الآن».

ورأى، أن «كل الأخبار تشير إلى أن لبنان لم يعد من أولويات الإدارة الأميركية». وسأل «لماذا سمح الحريري لنفسه أن يسمي وزراء العماد عون؟ وأتحدى أن يتجرأ على تسمية وزير واحد من وزراء (رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد) جنبلاط أو الوزراء الشيعة».

وأكد الوزير السابق لـ«القوات اللبنانية» جو سركيس أن «موقفنا الثابت بتسهيل التأليف وبتقديم المصلحة العامة على المصالح الخاصة، لا يمكن أن يعني في أي شكل من الأشكال تخطي حجمنا التمثيلي ووزننا السياسي والجهود المبذولة في كل المحطات لدفع عجلة بناء الدولة إلى الأمام. وعليه، ندعو إلى إنصاف القوات اللبنانية في ما يجري تحضيره للتشكيلة الحكومية». ونبّه «المعارضين في الوقت نفسه إلى أننا لن نسمح باستغلال التزامنا تسهيل التأليف وتقديم المصالح الوطنية على المصلحة الخاصة، للانقضاض على مكتسباتنا وحقوقنا وقضمها كأن ليس وراءها أي مطالب». وذكّر بأن «الأكثرية التي حازت ثقة الشعب وفازت في الانتخابات النيابية الأخيرة، لها الحق في الحكم بمفردها. وإذا ارتأت أن تتنازل عن هذا الحق في سبيل الوحدة الوطنية، فلا يظنن أحد أن في إمكانه أن يتستر بشعار تلك الوحدة والسلم الأهلي ليضرب كل مقوماتهما وأسس قيامهما. وليعلم الجميع أنه تحت هذا السقف وتحت هذه العناوين يجب أن تسير الأمور». وقال النائب عن «الجماعة الإسلامية» عماد الحوت إن الحريري «سينطلق بجولة مشاورات»، آملا في «أن تكون كذلك، وليست جولة اشتراطات». ولفت إلى أن «الفرق ما بين التكليفين الأول والثاني هو أن المعارضة لم تسم النائب سعد الحريري». وشدد على أن «طرح صيغة 15 ـ 10 ـ 5 شرطا أولا ثم طرح شروط أخرى أمر غير مقبول». ورأى أن «الأفق غير مسدود إذا تخلى الأفرقاء عن أنانياتهم»، واصفا طلب التيار الوطني الحر حول المداورة بالحقائب وطلب وزارة المالية إضافة إلى أربع وزارات دولة، بالمزايدة السياسية والإعلامية، ومعتبرا أن «الوطني الحر رفع في الآونة الأخيرة سقف مطالبه». وأكد أن «صيغة 15 ـ 10 ـ 5 ما زالت مقبولة لكن من دون شروط إضافية». وأمل في أن «تُعزّز الاتصالات العربية ـ العربية وخصوصا على المسار السوري ـ السعودي، لأن ذلك يوفر أجواء مساعدة لتأليف الحكومة».

من جهته، قال عضو كتلة «التنمية والتحرير» النائب علي بزي «لا مصلحة لأحد في لبنان، بغض النظر عن انتماءاته السياسية، في إضاعة الفرصة تلو الفرصة». ورأى أن «علينا أن نطوي صفحة الكلام السياسي لنقدم هدية إلى اللبنانيين عنوانها حكومة الوحدة الوطنية. ولا أعتقد أنه من مصلحة أحد التباطؤ أو التأجيل أو تعطيل ولادة الحكومة». وأضاف «من جهتنا سنعمل على إلغاء حدة الانقسامات والاصطفافات والتجاذبات السياسية، لنقرأ جميعا في كتاب الوحدة وكتاب الشراكة وكتاب حماية مصالح كل الناس». وردا على سؤال، قال: «لا أريد أن ألزم نفسي بتواريخ ومواعيد لتأليف الحكومة. في السابق حددنا مواعيد بناء على معطيات ولكن كما قلت فإن الزعيم والمفكر والقائد السياسي هو الذي يقتنص الفرص. نحن في لبنان تعودنا على هدر الفرص وعدم الاستفادة من عامل الوقت. وبالأمس قلنا إن عامل الوقت سيف ذو حدين ونحن سنستعمل الحد الإيجابي وليس السلبي».