محام عن الحكومة البريطانية: الانتهاكات في جنوب العراق لطخت سمعة مؤسستنا العسكرية

في مستهل تحقيق بدأته لندن عن ممارسات قواتها بما فيها مقتل بهاء موسى تحت التعذيب

صورة عائلية لبهاء موسى مع زوجته وطفليهما (أرشيف «الشرق الأوسط»)
TT

اعترف محامٍ يعمل لدى الحكومة البريطانية أمس بأن سمعة المؤسسة العسكرية البريطانية شُوهت جراء انتهاكات وقعت في جنوب العراق بما في ذلك مقتل عامل بأحد الفنادق في عهدة الجنود البريطانيين.

واعتذر الجيش البريطاني عن المعاملة التي تعرض لها بهاء موسى (26 عاما)، وهو عراقي تعرض للضرب والقتل داخل منشأة حجز تتبع القوات البريطانية في أعقاب غارة على الفندق الذي يعمل به في مدينة البصرة، جنوب العراق، في سبتمبر (أيلول) 2003. وفي مستهل تحقيق بدأ أمس ويستمر عاما حول الانتهاكات التي ارتكبها الجنود البريطانيون، قال المحامي ديفيد بار إن مقتل موسى «لطخ سمعة الجيش البريطاني». ونقلت عنه وكالة «أسوشييتد برس» قوله مخاطبا الضحية: «الجيش البريطاني يعتذر عن المعاملة الفظيعة التي عانيتها على يد الجيش البريطاني، وأثار السلوك البشع للجنود البريطانيين الغثيان في نفوسنا».

ويجري هذا التحقيق بهدف تناول المخاوف المرتبطة باستغلال المؤسسة العسكرية البريطانية أساليب تحقيق في العراق محظورة منذ السبعينات، بينها وضع قلنسوة على الرأس والحرمان من النوم.

وأثارت قضية موسى، وكان عمره 26 عاما عندما توفي، ضجة في البصرة بعدما سلمت القوات البريطانية جثته لوالده مغطاة بالدماء والجروح في 30 أبريل (نيسان) عام 2003. واعتقلت القوات البريطانية موسى بعد مداهمتها فندق ابن الهيثم. وكانت خمس عائلات عراقية قدمت شكاوى في المحاكم البريطانية لقتل أقربائها في البصرة، بينهم حازم السكيني وكان عمره 23 عاما عندما مات جراء رصاص بريطاني في أغسطس (آب) 2003، إلا أن القضاء البريطاني لم يعتبر القوات البريطانية مسؤولة قانونيا عن وفاتهم.

وورد أن موسى تعرض للضرب على امتداد 36 ساعة داخل قاعدة بريطانية، ما أسفر عن إصابته بـ93 إصابة، بينها كسر في الضلوع وتحطم أنفه، حسبما أوضح محامي أسرته رابيندر سينغ. وخلص تشريح الجثة إلى أن موسى مات بسبب الاختناق الناجم عن تعرض جسمه لوضع يشكل ضغطا عليه بإجبار من الجنود. وقال سينغ إن التحقيق من المفترض أن يتوصل إلى السبب وراء ومن يتحمل مسؤولية اللجوء إلى أساليب في التحقيق محظورة سابقا ضد مدنيين عراقيين.

من ناحيتها، اعترفت المؤسسة العسكرية البريطانية بأن جنودها استخدموا أساليب قاسية في العراق سبق حظرها عام 1972 بعد استخدامها ضد مدنيين في أيرلندا الشمالية. وقال سينغ: «في عام 2003 جرى استخدام ما يطلق عليه الأساليب الإشراطية في العراق ضد مدنيين باسم الشعب البريطاني، ومنها وضع قلنسوة على الرأس والحرمان من النوم والطعام والتعرض للضوضاء... لقد عادت جميعها، وربما لم تغب هذه الأساليب قط من الأساس».

على الجانب الآخر، قال نيل غراهام المحامي عن الجنود البريطانيين إنهم كانوا «يعملون في خضم بنية تحتية تعيقهم وخطر التعرض لهجمات من المتمردين وفي بيئة حارة وقاسية».

وأضاف: «هذه الظروف الصعبة لا تبرر شيئا، لكنها قد تفسر الكثير». إلى ذلك، أكد مصدر مسؤول في قيادة شرطة محافظة البصرة أن أسرة موسى انتقلت من البصرة إلى بغداد العام الماضي بعد تسلمها تعويضا من الحكومة البريطانية. وقال العقيد كريم الزيدي الناطق الرسمي في قيادة شرطة المحافظة لـ«الشرق الأوسط» أمس: «انتقلت أسرة العقيد في الشرطة داود موسى والد الضحية بهاء العام الماضي من البصرة إلى بغداد بعد حصوله على تعويض مجز من الحكومة البريطانية». ويُنتظر أن يدلي والد الضحية بشهادته أمام لجنة التحقيق البريطانية هذا الأسبوع. ونُسب إليه قوله إنه يريد العدالة لابنه.