مبارزة قضائية بين ساركوزي ودو فيلبان حول قضية «كليرستريم»

محاكمة رئيس الحكومة السابق تهدد بنشر الغسيل الوسخ على سطوح فرنسا

TT

بدأت أمس في محكمة باريس أولى الجلسات للنظر في ما اصطلح على تسميته «فضيحة كليرستريم» التي يتواجه فيها الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ورئيس الحكومة السابق دومينيك دو فيلبان، حيث يتهم الأول الثاني بالضلوع في عملية تزوير واسعة ذات أهداف سياسية أولها إخراجه من السباق الرئاسي وتلطيخ سمعته والإيحاء بأنه يملك حسابات سرية في مصرف «كليرستريم» الموجود في دوقية لوكسمبورغ.

ويمثل دو فيلبان أمام المحكمة برفقة أربعة متهمين آخرين هم جان لوي جيرغوران، المسؤول السابق في شركة EADS الدفاعية الأوروبية واللبناني عماد لحود الخبير في المعلوماتية، والمتدرب في شركة «كليرستريم فلوريان بورج». وينتظر أن تدوم جلسات المحاكمة أربعة أسابيع يفترض أن يعمد خلالها الأفرقاء إلى نشر الغسيل الوسخ على سطوح الجمهورية الفرنسية التي تشهد لأول مرة في تاريخها مواجهة أمام المحاكم بين رئيس جمهورية راهن ورئيس حكومة سابق.

وعمد دو فيلبان، إلى قراءة بيان سياسي لحظة وصوله إلى المحكمة ظهر أمس اتهم فيه ساركوزي بـ«استغلال السلطة» واصفا المحاكمة بأنها «محاكمة سياسية» ومعلنا أنه سيخرج منها «حرا ونظيفا». ويعترض دو فيلبان ومحاموه على كون ساركوزي طرفا وحكما في الوقت نفسه إذ هو طرف لكونه مدعيا وحكم لكونه رئيسا للجمهورية وبالتالي له سلطة على الادعاء وعلى جزء من القضاة. وسيمثل الرئيس الفرنسي الذي اتجه إلى نيويورك للمشاركة في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة محاميه. وما يزيد من «إثارة» المحاكمة نوعية الشهود المدعوين للإدلاء بإفاداتهم وبينهم رئيس الحكومة الأسبق جان بيار رافاران ورئيس الاستخبارات الخارجية السابق بيار بوسكيه دو فلوريان، ورئيس الاشتخبارات العامة السابق إيف برتراند وأحد أبرز العسكريين الفرنسيين في الحقل الإستخباري الجنرال فيليب روندو وقاضي التحقيق فون ريمبيك وعسكريون وموظفون كبار.

والقضية معقدة، وكانت أولى خيوطها قد بدأت بالظهور في عام 2004 عقب «اكتشاف لائحة» معلوماتية عائدة للشركة المالية «كليرستريم» تتضمن عددا من أسماء كبار السياسيين وصناعيين وعسكريين. وأشهر الأسماء الموجودة على اللوائح اسم رئيس الجمهورية الحالي المشار إليه مرتين. مرة أولى تحت اسم ستيفان بوكزا والثانية بول دو ناجي. واسم رئيس الجمهورية الكامل هو: نيكولا بول دوناجي بوكزا ساركوزي. ولكن تبين سريعا للجنرال روندو ولقاضي التحقيق أن اللائحة التي هي في الأساس لائحة حقيقية مأخوذة من ملفات «كليرستريم» قد زورت لإضافة مجموعة من الأسماء بينها اسم ساركوزي. وأظهرت التحقيقات أن عماد لحود الذي عمل لفترة قصيرة مخبرا لدى الأمن الخارجي الفرنسي هو من عمد إلى زيادة الأسماء المضافة بناء على طلب من جيرغوران الذي عينه موظفا في شركة الدفاع الأوروبية. وهذا الأخير على علاقة قوية مع دو فيلبان منذ سنوات طويلة ومنذ دخوله إلى الخارجية الفرنسية حيث كان جيرغوران رئيسه التراتبي. وبين التحقيق أن اجتماعات عديدة عقدت في مكتب دو فيلبان في الخارجية عندما كان وزيرا للخارجية ثم في وزارة الداخلية عندما انتقل إليها. ووصف شهود كيفية نقل جيرغوران إلى الداخلية في سيارات مموهة ومن غير إجراءات المراقبة العادية عليها. وكلف دو فيلبان الجنرال روندو التحقق من اللائحة. وسريعا جدا اكتشف روندو أن اللائحة مزورة. ولم يعلم ساركوزي بموضوع اللائحة إلا في وقت لاحق واعتبر أن الغرض منها هو إلغاؤه سياسيا عن طريق إظهاره بمظهر الفاسد وقطع طريق الأليزيه عليه وترك الميدان حرا لدو فيلبان. وذكر روندو في الملاحظات التي كان يدونها أن دو فيلبان المح إلى أنه يعمل بعلم رئيس الجمهورية (السابق) جاك شيراك. وبالطبع ينفي دو فيلبان كل التهم الموجهة إليه ومنها التآمر والتزوير، ويؤكد أن كل ما قام به كان في إطار مسؤولياته الوزارية. وبدوره يتهم ساركوزي بـ«استغلال» القضية لأهداف سياسية فضلا عن استغلال القضاء وتسخيره لمآرب شخصية.