الحرب تترك آثارها المؤلمة على الغزيين في عيد الفطر

الفلسطينيون حرصوا على زيارة أسر أقاربهم الذين قتلوا في الغزو

TT

مضى وقت طويل صباح أول من أمس قبل أن يتمكن جمال من مغادرة منزل العائلة لمعايدة أقاربه، حيث كان هو ووالده أشقاؤه الأربعة منشغلين في مواساة والدتهم حاكمة التي كانت تنتحب باكية صبيحة أول أيام العيد، إذ إنه العيد الأول الذي يحل دون أن يطرق عليها الباب أخوها سلامة الذي قتل خلال الحرب الإسرائيلية الكبيرة على قطاع غزة.

وتقول حاكمة التي تقطن في مخيم المغازي للاجئين وسط قطاع غزة، إن شقيقها سلامة كان يحرص على أن يكون أول من يقدم لتهنئتها بالعيد مصطحبا معه بناته الثلاث. في قطاع غزة تكرر هذا المشهد كثيرا، فكثير من الأمهات اللاتي ثكلن أولادهن والأخوات اللاتي فجعن بإخوانهن والبنات اللواتي فقدن آباءهن أجهشن بالبكاء عندما افتقدن أعزاءهن في أول عيد يحل بعد الحرب الإسرائيلية على القطاع.

وقد حرص الفلسطينيون في غزة بشكل خاص على زيارة أُسر أقاربهم الذين سقطوا في الحرب الأخيرة. وقد حرص محمد سمرة الذي يقطن مدينة غزة على أداء صلاة العيد مع أبنائه في مدينة رفح، أقصى جنوب القطاع، حتى يكون أول من يطرق باب منزل شقيقته إنعام التي قتل زوجها رباح في الحرب الأخيرة.

ويقول محمد لـ«الشرق الأوسط» إنه حرص على اللقاء بشقيقته وعائلتها في العيد لمحاولة تقليص الشعور بالفقدان والحرمان في أول عيد يغيب عن عائلة أخته زوجها الذي كان لزوجته وأبنائه كل شيء. ولا يقتصر تأثير الحرب الأخيرة على أجواء العيد في زيارة أُسر الشهداء ومشاعر الحرقة الناجمة عن افتقاد الأحبة في هذا اليوم الفضيل، بل إن الآلاف من الأُسر عانت خلال هذا العيد لأنها ببساطة لم تعد تقطن منازلها التي دمرها جيش الاحتلال خلال الحرب، فكثير من الأُسر التي دمرت منازلها إما أنها تستأجر شققا سكنية، أو أنها تعيش عند أقاربها، حيث إنها لم تتمكن من إعادة إعمار المنازل لعدم توفر مواد البناء بسبب الحصار. فقد شعر علي عوايده بالحرج الشديد عندما لم تتسع غرفة الضيوف لجيرانه الذين حرصوا على زيارته في الشقة التي يستأجرها في منطقة بركة الوز، وسط القطاع. فقد دمر منزل علي خلال الحرب الأخير، إذ إن مروحية إسرائيلية من طراز «أباتشي» أطلقت عدة صواريخ على منزله المكون من ثلاثة طوابق ودمرته، فاضطر إلى البحث عن شقة للإيجار في نفس المكان.

ومن مظاهر تأثير الحرب الأخيرة على أجواء العيد أنها أسهمت في تشتيت الكثير من الأُسر الفلسطينية، بحيث إنه أضاف أعباء على الكثير من الفلسطينيين الحريصين على زيارة أقاربهم في العيد. ففي مخيم جباليا، شمال القطاع، كانت توجد منازل لخمسة أشقاء لعائلة راضي، ودمرت هذه المنازل خلال الحرب، فكانت النتيجة أن كل واحد من الأشقاء استأجر منزلا في منطقة تبعد عن المناطق التي أستأجر فيها بقية أشقائه، وهذا أضاف عبئا كبيرا على بعض أقارب الأشقاء الذين وجدوا من الواجب زيارة هؤلاء الإخوة في العيد من باب المساواة في المصاب الجلل.

لكن من الأمور الإيجابية حرص الناس على زيارة ومواساة ذوي الشهداء والجرحى والذين دمرت منازلهم حتى لو لم يكونوا من أقاربهم. في كثير من الأحياء في المدن والمخيمات شكلت لجان شعبية لزيارة هذه العائلات ومواساتها وتقديم المساعدات لها في يوم العيد. في نفس الوقت لعبت الجمعيات الخيرية والحركات السياسية ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين دورا هاما في تقديم يد العون لهذه العائلات في هذا اليوم الفضيل.