خادم الحرمين يفتتح غدا جامعة العلوم والتقنية بحضور دولي كبير

جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية بدأت نشاطها البحثي بدراسة علمية حول انتشار فيروس «H1N1» * النعيمي: رؤية الملك عبد الله للجامعة هي أن تصبح عالمية برؤية محلية سعودية.. تهتم بالدرجة الأولى بالأبحاث العملية المتقدمة جدا

TT

أُعلن في السعودية أمس رسميا أن خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز سيرعى الاحتفال بافتتاح جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية، مساء يوم غد الأربعاء، في حضور عدد كبير من قادة الدول العربية والإسلامية والصديقة وممثليهم، وذلك في بلدة ثول (90 كيلومترا) شمال جدة.

وأعرب المهندس علي بن إبراهيم النعيمي وزير البترول والثروة المعدنية رئيس مجلس أمناء الجامعة في تصريح لوكالة الأنباء السعودية، عن سعادته برعاية خادم الحرمين الشريفين لافتتاح الجامعة، بعد أن قطعت مرحلة تأسيسها رحلة ألف يوم، وبدء الدراسة بها في الخامس من شهر سبتمبر (أيلول) الجاري.

وأكد المهندس النعيمي أن هذه الجامعة، من خلال رؤية خادم الحرمين الشريفين لها، ستنقل المملكة إلى مستقبل حافل بالمنجزات العلمية والاقتصادية، وأن ما ستوفره من وسائل لتحقق رؤيتها العلمية سيعيد مساهمات العرب والمسلمين في الحضارة البشرية.

وقال رئيس مجلس الأمناء «إن الاطمئنان الكامل لتحقق غايات الجامعة في هذه المرحلة ليس سهل المنال، خصوصا أن أهدافها العلمية كبيرة ومتقدمة جدا، وما نأمله أن تستمر الجهود على الوتيرة نفسها، لمزيد من ضمانات تحقيق رؤية الجامعة ومسيرتها إلى مستقبلها».

وأوضح أن رؤية خادم الحرمين الشريفين للجامعة هي أن تصبح جامعة عالمية برؤية محلية سعودية، تهتم بالدرجة الأولى بالأبحاث العلمية المتقدمة جدا. وقال: «إننا نستشعر من خلال توجيهات وأحاديث خادم الحرمين الشريفين وزياراته للجامعة في أثناء مرحلة التأسيس، قوة وحجم اهتمامه بأن تبلغ الجامعة غاياتها التي رسمها بنفسه، فقد كان يسأل ويتقصى ويطمئن على كل صغيرة وكبيرة في فكر الجامعة ومناهجها ومبانيها، وما ستوفره من وسائل لتحقق رؤيتها العلمية، بوصفها منارة إشعاع علمي عربي جديد.

وكشف المهندس النعيمي أن «أهداف الجامعة العلمية كبيرة ومتقدمة جدا، وتتطلب الكثير من الإجراءات والوسائل المساعدة في تحقيق هذه الأهداف، مشددا على أن فريق العمل بذل جهودا هائلة لتأسيس هذه الجامعة، وبناء ثقافتها ومناهجها وأبحاثها ومدينتها الجامعية، وهي الآن بعد قرابة سنتين فقط من وضع حجر الأساس لها تنبض بالحياة العلمية، وقد استقطبت أساتذتها وطلبتها من المملكة وكل أنحاء العالم حيث بدأت الدفعة الأولى من الطلبة الدراسة بها قبل نحو أسبوعين بعد أن تم اختيارهم من بداية مرحلة التأسيس».

وأضاف: «كما أن الجامعة في اتجاه آخر قطعت أشواطا مهمة في تشكيل مجلس أمناء من أعضاء بارزين على المستوى المحلي والدولي، ووضع أسس التعاون مع مؤسسات المعرفة السعودية والدولية، وبناء شراكات أكاديمية وصناعية ممتازة مع عدد من الجامعات والمؤسسات المرموقة في المملكة والعالم»، معربا عن أمله في أن تستمر هذه الجهود على الوتيرة نفسها، لتصل إلى مزيد من ضمانات تحقيق رؤية الجامعة ومسيرتها إلى مستقبلها.

وعزا وزير البترول والثروة المعدنية رئيس مجلس الأمناء النجاح الذي تحقق في إنشاء الجامعة إلى عاملين رئيسيين، أولهما ميثاق الجامعة الذي أقره خادم الحرمين الشريفين، وحظي باحترام وقبول كبير لدى المؤسسات العلمية والصناعية الدولية، وثانيهما ما تكتسبه «أرامكو» السعودية التي كُلفت بتأسيس الجامعة من احترام وسمعة دولية كبيرة سهلت على أعضاء فريق التأسيس الكثير من المهمات، وذللت بعض الصعوبات التي كانت تظهر من حين إلى آخر.

وأكد المهندس النعيمي أهمية الانطلاق من النقطة الناجحة التي وصلت إليها الجامعة الحديثة لتحقيق نجاحات أخرى لها، مع الأخذ في الاعتبار أن ملاحقة الجديد على مستوى العلم والمعرفة تتطلب جهودا مضنية ومستمرة لا تنقطع، لتظل الجامعة محتفظة بالمنجزات نفسها لمرحلة تأسيسها، ولتظل على مستوى التطورات في مجالها العلمي والبحثي.

وقال: «إن هذه الجامعة ـ مثل بقية الجامعات في المملكة ـ ستسخر جهودها لخدمة التنمية العلمية والاقتصادية الشاملة في المملكة، وستفتح أبوابها ومعاملها البحثية لتستفيد منها مرافق البحث العلمي والأكاديمي كافة في المملكة، سواء في الجامعات أو في مجمل مؤسسات المعرفة الوطنية».

وأوضح وزير البترول والثروة المعدنية رئيس مجلس الأمناء أن الجامعة «تقبل الطلاب في مجال الدراسات العليا العلمية فقط، وهو مجال الدراسة في الجامعة، على أساس الجدارة والتميز في دراساتهم ومواهبهم العلمية الاستثنائية، وهو المتبع من قبل الجامعات الدولية المعروفة التي تتنافس كل سنة على استقطاب الطلبة الموهوبين من كل الجنسيات حول العالم».

وأضاف: «فتحت الجامعة مجالا أكبر لقبول طلاب من جنسيات مختلفة، انطلاقا من رؤية تأسيسها وأهدافها بوصفها جامعة عالمية، إلى جانب استقطابها طلبة سعوديين، وخضعوا جميعهم للمعايير نفسها التي يجري على أساسها قبول الطلاب»، مشيرا إلى أن عدد الطلبة السعوديين بالجامعة الآن يتجاوز 100 طالب، ومن المنتظر أن يتنامى هذا الرقم في المستقبل مع ارتفاع وتيرة التعرف على الجامعة وتخصصاتها، وطريقة المنافسة على القبول فيها.

واستشرف المهندس النعيمي ما ستحققه الجامعة مستقبلا، إذ «ستقرن المنجز العلمي بالمنجز الاقتصادي الذي يحقق رفاه ورغد المجتمعات، بتسخير أبحاثها ودراساتها لتطوير مصادر جديدة للطاقة في المملكة من جهة، ومن جهة أخرى تحويل هذه الأبحاث والدراسات إلى تطبيقات عملية تعود بفائدتها على جميع مناحي التنمية الاقتصادية، ليس في المملكة وحسب، بل وفي المنطقة والعالم».

وشدد على أن البحوث المتقدمة التي ستنفذها الجامعة في مجال الطاقة الشمسية، واستغلال رمال الصحراء، وتطوير محاصيل غذائية جيدة واقتصادية تنمو في الأراضي القاحلة والحارة، والزراعة في المياه المالحة، والاستغلال الأمثل لبيئة البحار وغيرها من المجالات البحثية، كلها تصب في خانة المستقبل الاقتصادي للمملكة وأجيالها، لتسهم الجامعة بجميع تلك المجالات في تعزيز المصادر الحالية، وتوفر البدائل الاقتصادية المناسبة للمستقبل.

يشار إلى أن غلوريا مكاباجال أرويو رئيسة جمهورية الفلبين، كانت أول الرؤساء المشاركين الواصلين إلى الأراضي السعودية للمشاركة في حفل افتتاح الجامعة، إذ انتقلت أمس والوفد المرافق لها إلى مدينة جدة، بعد يوم واحد من وصولها إلى مدينة الظهران (شرقي السعودية).

وفي سياق متصل علمت «الشرق الأوسط» أن جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية بدأت نشاطها البحثي بدراسة علمية حول انتشار فيروس «N1H1» المسبب لمرض إنفلونزا الخنازير.

وكانت الجامعة أعلنت في وقت سابق تأسيس 11 مركز أبحاث ضمن المرحلة الأولى لتشغيل الجامعة التي بدأت في الخامس من الشهر الجاري، فيما تشمل المجالات البحثية قضايا الموارد والطاقة والبيئة، وعلم وهندسة المواد، والعلوم الحيوية والهندسة الحيوية، والرياضيات التطبيقية والعلوم الحاسوبية.

واختارت جامعة الملك عبد الله محاور ومراكز الأبحاث هذه لأهميتها في تقدم المعارف الأساسية في العلوم والهندسة، وصلتها بالصناعات القائمة في المملكة، وتطوير الصناعات المستقبلية القائمة على المعرفة، واحتياجات المملكة الاجتماعية والاقتصادية، وأثرها الإقليمي والدولي المحتمل.

يأتي هذا فيما يسابق أكثر من 100 باحث وعالم وفني هذه الأيام الزمن في مختبراتهم الخاصة الواقعة داخل حرم جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية، في إطار أبحاث تُعنى بتطبيقات النانو وتقنياته، بهدف الوصول إلى نتائج بحثية تحقق اقتصاداً معرفياً واستثمارياً تتطلع إليهما الجامعة.

ويعمل الباحثون بدأب لتحقيق إنجازات علمية في مجالاتهم البحثية، بعد أن وصل معظمهم إلى جامعة الملك عبد الله في ثول، إذ بدأ كل منهم منذ لحظة وصوله إلى المملكة في تصميم وإعداد مختبره الخاص بحسب متطلبات عمله البحثي.

وتركز الدراسات البحثية المستخدمة لتقنيات النانو في مراكز الجامعة، والتي تدعمها المرافق الأساسية التابعة لها، تركز على مجالات الحفز، وعلم الأحياء الحسابي، والنمذجة الهندسية، والتصور العلمي، والغشائيات، وعلم وهندسة الطاقة الشمسية، والطاقة البديلة، وعلم هندسة البحر الأحمر، والاشتعال النقي، وتحلية المياه وإعادة استخدامها.