إسرائيل: موسكو ليست مخولة بالحديث نيابة عنا.. والخيار العسكري ضد طهران قائم

واشنطن تسعى إلى «توافق» لا «اختراق» حول الملف النووي الإيراني

TT

أفاد مسؤولان إسرائيليان رفيعان، أمس، أن إسرائيل لم تتخل عن خيار الرد العسكري على برنامج طهران النووي، وجاء ذلك بعد أن صرح الرئيس الروسي بأن نظيره الإسرائيلي أكد له أن إسرائيل لن تهاجم إيران. فيما كشفت مسؤولة أميركية عن أن بلادها تعتبر اجتماعات الأمم المتحدة في نيويورك، التي ستُعقد هذا الأسبوع، فرصة للتشاور مع شركائها لتحقيق «توافق» بشأن الملف النووي الإيراني.

وقال داني أيالون نائب وزير الخارجية الإسرائيلي، ردا على سؤال عما إذا كان تعليق الرئيس الإسرائيلي شيمعون بيريس الذي أشار إليه الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف أول من أمس يعد ضمانا بأن إسرائيل لن توجه أي ضربة إلى إيران: «بالتأكيد هذا ليس ضمانا»، مضيفا: «مع كل احترامي لا أعتقد أن الرئيس الروسي مخول بالحديث نيابة عن إسرائيل وبالطبع لم نستبعد أي خيار»، حسب ما أوردته وكالة «رويترز».

وكرر اللفتنانت جنرال جابي أشكنازي رئيس هيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي نفس الموقف في أثناء مقابلة مع راديو الجيش الإسرائيلي ردا على سؤال عما إذا كانت إسرائيل يمكنها شن هجوم ضد إيران، وقال: «من حق إسرائيل الدفاع عن نفسها، وكل الخيارات مطروحة». وترفض إسرائيل التطمينات الإيرانية بأن برنامجها النووي لا يهدف إلى إنتاج أسلحة، وقالت إنها لن تقبل بمثل هذا المستوى من التسليح في إيران التي تفصح بعدائها لإسرائيل.

وبحسب نسخة الكرملين للحديث الذي أدلى به الرئيس الروسي لقناة «سي إن إن» التلفزيونية الأميركية الثلاثاء الماضي فقد حذر من أنه من شأن شن أي هجوم على إيران أن يؤدي إلى «كارثة إنسانية» ويجازف برد انتقامي ضد إسرائيل قد يؤثر على دول أخرى. وأضاف ميدفيديف: «لكن زملائي في إسرائيل أخبروني أنهم لا يعتزمون التصرف بهذه الطريقة، وأنا أثق بهم». وقال: «صرح الرئيس الإسرائيلي بيريس بشيء مهم بالنسبة إلينا جميعا: إسرائيل لا تعتزم توجيه أي ضربات إلى إيران. نحن بلد مسالم ولن نفعل ذلك».

وتلعب روسيا دورا في المواجهة بين إسرائيل وإيران. ويحرص رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي قام بزيارة لم يعلن عنها لموسكو الشهر الجاري على أن لا تبيع روسيا صواريخ مضادة للطائرات لطهران وعلى أن تؤيد موسكو أيضا العقوبات الدولية ضد إيران.

وفي الأسبوع الماضي قال مسؤول سابق بارز في وزارة الدفاع الإسرائيلية إن بلاده ستضطر إلى مهاجمة المنشآت النووية الإيرانية إذا لم تتفق القوى الدولية على عقوبات أشد ضد إيران قبل نهاية العام.

وعلى صعيد ذي صلة، تسعى الولايات المتحدة لتحقيق توافق لا تسجيل اختراق بشأن الملف النووي الإيراني خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا الأسبوع في نيويورك.

ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة، سوزان رايس، قولها الأسبوع الماضي إن «اللقاءات في نيويورك ستشكل فرصة مهمة للولايات المتحدة من أجل التشاور مع شركائها والتكلم بصراحة كبيرة عن أهدافنا المشتركة، وما ننتظره من إيران وما سيُعتبر نتيجة بنّاءة».

وستجري وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون في نيويورك محادثات مع نظرائها الآخرين في مجموعة الدول الست (الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا والصين وروسيا) التي تجري منذ سنوات مفاوضات مع إيران حول برنامجها النووي.

ومن غير الاعتيادي عقد اجتماع على هذا المستوى الرفيع وستليه دورة خاصة لمجلس الأمن برئاسة الرئيس الأميركي باراك أوباما يخصص لمسألة انتشار الأسلحة النووية.

وقالت رايس إن أوباما سيبحث أيضا برنامج إيران النووي في محادثات ثنائية مع قادة آخرين يشاركون في الجمعية العامة.

وذكرت من بين القادة الذين سيلتقيهم أوباما في نيويورك قادة دول من مجموعة الثماني مثل إيطاليا وكندا واليابان.

ولم يعلن البيت الأبيض عن أي لقاء بين أوباما والرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، وقال خبراء لوكالة الصحافة الفرنسية إنه من المستبعد أن يطرح الرئيس الأميركي بشكل مباشر البرنامج النووي الإيراني خلال دورة مجلس الأمن المخصصة لمسألة انتشار الأسلحة النووية.

وفي المقابل، قال جون ألترمان مدير برنامج الشرق الأوسط في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية إن واشنطن ستسعى «لبناء أوسع وأقوى ائتلاف ممكن حول المواضيع المتعلقة بإيران». والنشاطات التي ستجري في كواليس الجمعية العامة هي التي ستهيئ مجموعة الدول الست المفاوضة قبل اجتماعها المقرر مع إيران في الأول من أكتوبر (تشرين الأول) غير أنه لا يزال هناك خلافات في وجهات النظر داخل مجموعة الست حول أفضل أسلوب للتعامل مع إيران. ويتمسك أوباما حتى الآن بنهج منفتح على الحوار، مع التهديد بعقوبات جديدة.

وهذا النهج يحظى بتأييد بريطانيا وألمانيا وفرنسا، وقد دعت باريس هذا الأسبوع المجموعة المفاوضة إلى تحديد مهلة لفرض عقوبات جديدة على إيران في حال لم يتم إحراز أي تقـــدم خلال المفاوضات. أما روسيا والصين فتبديان تحفظــا على هذه الاستراتيجية المزدوجة القائمة على التفاوض والترهيب.

من جهتها، قالت إيران إنها مستعدة للتفاوض لكنها استبعدت مسبقا وقف نشاطاتها النووية مؤكدة أن هدفها محض مدني.

ونقض المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي أول من أمس التهم الموجهة إلى إيران بالسعي لامتلاك أسلحة نووية. وقال خامنئي في خطاب بثه التلفزيون الرسمي: «إنهم يخطئون في اتهام الجمهورية الإسلامية بإنتاج أسلحة نووية. نرفض من الأساس السلاح النووي ونحظر تصنيع واستخدام هذا النوع من الأسلحة».

ولفت عدد من الدبلوماسيين إلى أن إصرار إيران على استبعاد إمكانية تعليق نشاطاتها النووية الحساسة هو موقف يتخذه هذا البلد دائما عشية مفاوضات دولية هامة.

كما أن الاضطرابات التي تلت إعادة انتخاب أحمدي نجاد ستكون أيضا من العوامل التي تحول دون تحقيق اختراق خلال المحادثات، في نظر عدد من الخبراء.

وقال راي تاكيه المسؤول في مجلس العلاقات الخارجية إن «سلوك النظام الإيراني خلال الانتخابات والفترة التي أعقبتها يحد من هامش المناورة السياسية الضروري لإجراء حوار». ومن المرجح أن يعمد أحمدي نجاد في مواجهة ضغوط الداخل والخارج، إلى التمسك بمواقف متشددة.