بعد العنف الطائفي.. موجة من الجريمة المصحوبة بالعنف تجتاح بغداد

تزايد حوادث خطف الأطفال والسطو المسلح.. والاشتباه بعناصر أمن ومتمردين سابقين

TT

في الوقت الذي تنحسر فيه أسوأ فترات إراقة الدماء الطائفية في البلاد، يواجه العراقيون تهديدا جديدا لحياتهم، وهو انتشار الجريمة. ويعتقد أن كثيرا من المتورطين في تلك الجرائم متمردون سابقون لديهم خبرات في القتال، ولا يستطيعون العثور على عمل مشروع. وغالبا ما يضفون على جرائمهم النزعة الوحشية ذاتها التي أظهروها في قتالهم الذي دفع البلاد إلى الوقوع في براثن العنف الطائفي عامي 2006 و2007.

وأصبحت النتيجة موجة جديدة من عمليات السرقة والسطو المسلح وسرقات المنازل والسيارات ومحلات الجواهر ووكالات الصرافة ومحلات الرهونات والمصارف. وحسب تقرير لوكالة «أسوشييتد برس»، تنتشر جرائم الاختطاف بدرجة مريعة، كما كان الحال في ذروة عمليات الإرهابيين. ولكن في الوقت الحالي يزداد استهداف الأطفال، وبدلا من أن تكون دوافع المختطفين طائفية أصبحوا يسعون للحصول على فدية. منح مختطفو طفل يبلغ من العمر 11 عاما والده الذي يعمل ميكانيكي سيارات، يومين فقط لإحضار فدية قيمتها 100000 دولار. وعندما لم يستطع الأب تنفيذ مطلبهم سارعوا بمعاقبته، فقطعوا عنق الطفل ويداه وألقوا بجثته في القمامة. وكانت آخر كلمات الطفل، محسن محمد محسن، لوالده في مكالمة هاتفية قبل مقتله: «أبي، أعطهم المال، إنهم يضربونني».

محسن محمد محسن يبلغ من العمر 11 عاما، اختطف ظهرا وهو في طريقه إلى المنزل عائدا من جنازة أحد الجيران في 31 أغسطس (آب) في مدينة الصدر شرق بغداد. وبحث عنه والده وهو يكاد يفقد صوابه في سجلات الشرطة والمستشفيات ووزع صورته، وبعد يومين اتصل به المختطفون. وقال محمد محسن، الذي يبلغ 39 عاما وهو أب لستة أبناء: «كانوا يتصلون بنا مرة كل 8 ساعات على مدار يومين متتاليين. وقالوا: (أنتم أغنياء)، وطلبوا 100000 دولار، ولكني قلت لهم إنه في إمكاني توفير 10000 دولار فقط». وأضاف: «في اليوم التالي وجدته الشرطة ملقى في القمامة، مقطوع الرأس واليدين، وتظهر على جسده الحروق وعلامات التعذيب». وقال عن ابنه: «لقد كان أقربهم إلى قلبي. لقد عرفوا من يخطفون».

وفي منطقة السيدية جنوب بغداد ألصقت صور الأطفال المفقودين على أعمدة الإنارة وعلى الجدران الخرسانية التي تحيط بالكثير من مناطق العاصمة التي دمرتها التفجيرات.

ويتخذ صابر حسن (54 عاما) وعلاء الموسوي (45 عاما)، وهما رجلا أعمال من بغداد، احتياطات جديدة نظرا لانزعاجهما من موجة الجرائم المتزايدة. فاستعان حسن، الذي يمتلك شركة نقل، بحارسين إضافيين لحماية شاحناته. ويقول حسن: «كانت الأشهر الأربعة الماضية مخيفة نظرا لأعداد الجرائم والسرقات المتزايدة، وخصوصا تلك التي تستهدف العربات المسافرة على الطرق السريعة النائية». وسحب الموسوي، وهو رئيس مجلس إدارة شركة استيراد وتصدير، معظم رأسماله من المصرف ليودعه في مكان آمن. ويقول: «ما يزيد من مخاوفنا ويثير قلقنا هو أن بعضا من أفراد تلك العصابات من عناصر القوات الأمنية».

وفي شهر أبريل (نيسان) أنشأ العراق فرقة عسكرية لمكافحة الجرائم التي ترتكب على طريقة العصابات بعد أن قتل مسلحون يحملون أسلحة ذات كاتم صوت سبعة أشخاص على الأقل في وضح النهار في حوادث سرقة لمحلات المصوغات، ولكن ما زال المجرمون يعملون دون خوف من الوقوع في قبضة الشرطة.