فرنسا تزيل مخيمات المهاجرين غير الشرعيين

بدأت بأبرز مخيم في كاليه وأوقفت 278 مهاجراً نصفهم قاصرون

الشرطة الفرنسية تنقل مهاجرين بعد تفكيكها مخيماً كانوا يتخذونه ملجأ لهم في كالي بشمال البلاد أمس (ا.ب.ا)
TT

بعد أسبوع على إعلان السلطات الفرنسية عزمها إزالة مخيمات المهاجرين غير الشرعيين لديها، فككت الشرطة أمس مخيما واسعا في كالي بشمال البلاد، يسميه المهاجرون «الغاب»، وكانوا يتجمعون فيه تحيناً للتسلل إلى بريطانيا. ويعد الأفغان غالبية الموجودين في المخيم.

وخلال العملية التي استمرت ساعتين، أوقفت الشرطة 278 مهاجرا نصفهم تقريباً قاصرون. وبدأت سيارات الشرطة قبيل الساعة السابعة والنصف صباحا بتطويق المخيم الذي يمتد على أرض رملية تتكدس فيها أكواخ مصنوعة من الأقمشة وألواح الخشب، في منطقة صناعية في كالي.

ومع اقتراب قوات الأمن، حاول ناشطون في شبكة «نو بوردر» (لا حدود) التي تناضل ضد سياسات ضبط الهجرة، أن يشكلوا درعا بين المهاجرين وقوات الشرطة التي أخرجت المهاجرين الواحد تلو الآخر واستخدمت القوة. وقالت وكالة الصحافة الفرنسية إن خمسة ناشطين على الأقل أوقفوا. وذكرت جمعيات أن الأفغان سينقلون إلى مركز للاحتجاز والمراقبة بينما سينقل القاصرون إلى مراكز إيواء.

وصرح وزير الهجرة الفرنسي ايريك بوسون «نحن اليوم أمام عملية بالغة الأهمية. انه المخيم الرئيسي لكننا سنفكك مخيمات أخرى اليوم وفي الأيام المقبلة». وأوضح أن «شريعة الغاب تسود في المخيم. انه مخيم مهربي اللاجئين. ليس مخيما إنسانيا وهناك زعامات. إنها شريعة الغاب». واعتبر الوزير في حديث تلفزيوني أن تفكيك المخيم كان مبررا لأنه صار بمثابة قاعدة للمهربين وكان المهاجرون ضحية للعنف فيه. وأضاف أن كل مهاجر سيحصل على «حل فردي» مع إعطائه خيار الرحيل طواعية أو التقدم للحصول على حق اللجوء أو طرده بالقوة. وكان الوزير بوسون أعلن الأسبوع الماضي القرار المثير للجدل الذي يقضي بإغلاق مخيمات المهاجرين غير الشرعيين.

وفي المخيم اصطف المهاجرون وراء لافتات باللغتين الانجليزية والبشتون. وكتب على واحدة من هذه اللافتات «نريد مأوى وحماية. نريد ملجأ وسلاما. الغاب هو بيتنا». وقال بلال، 18 عاما، «لا يمكننا أن نذهب إلى أي مكان. ستقبض علينا الشرطة في أي مكان في كالي. المخيم هو بيتنا ولا نخاف فيه».

وانتظر الأفغان تدخل رجال الشرطة بصمت وبحضور عدد من الصحافيين والناشطين في جمعيات، قبل أن يهتفوا بالانجليزية «لا إبعاد» (نو ديبورتيشن) ثم بالفرنسية «وثائق للجميع». وقد امضوا ليلتهم متحلقين حول النار مع الصحافيين وهم يشربون الشاي ويدخنون.

وجاءت عملية أمس بعد سبعة أعوام من إغلاق مركز الصليب الأحمر في سانغيت في 2002 الذي قرره الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي. وكان هذا المركز شهد مرور آلاف المهاجرين الذين تم إيواؤهم في شروط مروعة.

وتدين جمعيات الدفاع عن المهاجرين «تدخلات الشرطة التي تدل على قصر نظر» ولا تحل المشكلة بل تؤدي إلى توزع المتسللين على السواحل الفرنسية لبحر المانش. وحذر النائب الاشتراكي عن هذه المنطقة جاك لانغ من أن «تجمعات أخرى تسودها شريعة الغاب ستظهر قريبا».

ويقع المخيم الذي أصبح رمزا ليأس المهاجرين الذين يسعون للتوجه إلى بريطانيا بأي شكل ويعتبرونه «جنة» لهم، قرب الطرق التي تسلكها الآليات الثقيلة قبل نقلها إلى العبارات التي تجتاز المانش. وعند إعلان تفكيك هذا المخيم كان يعيش فيه بين 700 و800 مهاجر معظمهم من الشبان الأفغان من إثنية البشتون، وتقول الجمعيات الإنسانية إن مئات المهاجرين غادروا المخيم في الأسابيع الأخيرة حتى لا يتم توقيفهم. و«الغاب» هو الاسم الذي أطلقه المهاجرون بأنفسهم على المخيم الذي يشهد ظروفا صحية هشة، إذ تنتشر فيه أكياس بلاستيكية وقوارير وقمامة ومزود بنافورة مياه واحدة منذ الصيف. وقد أدى تدهور الظروف الصحية إلى انتشار الجرب.

وأقيم مسجد مؤقت تزينه ورود ويتسم بالنظافة. وقد فككته عناصر الشرطة «بأيديهم» أمس لتجنب التسبب بصدمة للمهاجرين، في حين تم تفكيك الخيام باستخدام آلات. وكان المهاجرون يمضون أيامهم أمام خيامهم متحلقين حول نار أشعلوها لتجفيف ملابسهم التي يغسلونها كيفما اتفق، والتدخين وشرب الشاي والاستعداد لمحاولاتهم الليلية للتسلل إلى بريطانيا. وكان يعيش بعضهم منذ أكثر من عام في المكان بسبب تعزيز إجراءات المراقبة الذي يحكم إغلاق الحدود في وجه الساعين للهجرة غير المشروعة. ويقدر عدد المهاجرين الذين ما زالوا موجودين على الساحل الشمالي لفرنسا بحوالي ألفين من اريتريين وأفغان وصوماليين وسودانيين وإيرانيين ونيجيريين وأكراد.