قمة المناخ: أوباما يعد بالتحرك ويقر بالتحديات.. وبان يحذر من الفشل

ساركوزي يقترح اجتماعا للدول الملوثة الرئيسية في نوفمبر.. أملا في إنقاذ قمة كوبنهاغن

ساركوزي يمارس رياضة الركض في سنترال بارك قبل مشاركته في قمة المناخ بنيويورك أمس (إ.ب.أ)
TT

أعلن الرئيس الأميركي باراك أوباما من على منبر الأمم المتحدة أمس «تصميمه» على التحرك من أجل المناخ مع اعترافه بصعوبة التحديات، في حين أكد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أنه لا يمكن من الناحية الأخلاقية تبرير الفشل إذا حصل في مؤتمر كوبنهاغن المقبل حول المناخ. وجاء هذا في وقت تعهدت الصين بخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون لديها، وإبداء الاتحاد الأوروبي «قلقه» من اقتراب المفاوضات بشأن المناخ إلى طريق مسدود.

وذكر أوباما الذي تُعتبر دولته من كبار الملوثين في العالم، أمام عشرات القادة من العالم بأسره اجتمعوا في مقر الأمم المتحدة في نيويورك أمس أن «التهديد المتمثل في التغير المناخي خطر وداهم ومتزايد». وحذر من أن الأجيال المقبلة ستواجه «كارثة لا مناص منها»، إذا لم تتصرف الأسرة الدولية «بجرأة وسرعة في نفس الوقت». وأضاف: «نتفهم خطورة التهديد المناخي ونحن مصممون على العمل. وسنوفي بوعودنا تجاه الأجيال الصاعدة». وتابع قائلا: «لا نستطيع أيضا السماح لانقساماتنا القديمة التي طبعت النقاش بشأن المناخ على مدى سنوات، أن تعرقل التقدم».

وأقر الرئيس الأميركي بأنه «لا يجب أن نكون واهمين لأن التحديات القادمة ستكون الأصعب»، مشيرا إلى مؤتمر كوبنهاغن، وذلك بعد أن وصلت المحادثات الدولية إلى طريق مسدود. وشدد أوباما أيضا على أن الدول المتقدمة عليها أن تكون قدوة، مذكرا بهدفه القاضي بتخفيض انبعاثات غازات الدفيئة في الولايات المتحدة إلى ما كانت عليه في العام 1990 وذلك بحلول 2020. وقال أيضا إنه سيعمل على إلغاء الدعم الحكومي للمحروقات الآتية من موارد أحفورية وذلك في خلال اجتماع مجموعة العشرين الخميس والجمعة في بيتسبرغ (شرقي الولايات المتحدة). واعتبر أنه «يجب على الدول الناشئة السريعة النمو أن تضطلع بدورها في محاربة الاحترار لأنها ستكون مسؤولة عن انبعاثات الغازات الكربون كلها تقريبا في العقود القليلة المقبلة».

وبدوره، اعتبر بان كي مون في افتتاح قمة التغير المناخي في نيويورك أنه لا يمكن من الناحية الأخلاقية تبرير الفشل إذا حصل في مؤتمر كوبنهاغن حول المناخ، وقال إن «الفشل في التوصل إلى اتفاق واسع في كوبنهاغن سيكون غير مبرر من الناحية الأخلاقية، وقصير النظر من الناحية الاقتصادية، ويفتقر إلى الحكمة من الناحية السياسية». وأضاف أن «مصير الأجيال المقبلة وآمال وموارد رزق المليارات اليوم تتوقف عليكم، بالمعنى الحرفي للكلمة». وكان بان قد دعا إلى عقد القمة في مقر الأمم المتحدة قبل مائة يوم من مؤتمر كوبنهاغن الذي يُفترض أن يشهد تبني اتفاق جديد يحل محل بروتوكول كيوتو للحد من الانبعاثات المسببة لارتفاع حرارة الأرض.

من جانبه، تعهد الرئيس الصيني هو جينتاو خلال قمة نيويورك أمس بخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في بلاده «بهامش كبير» بحلول 2020. إلا أن الرئيس الصيني قال إنه سيتم قياس الخفض استنادا إلى وحدة إجمالي الناتج المحلي وذلك لأن الصين تحرص على الحفاظ على نموها الاقتصادي المتسارع. وقال الرئيس الصيني: «سنعمل على خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون استنادا إلى وحدة إجمالي الناتج المحلي بهامش كبير بحلول عام 2020 مقارنة مع مستوى عام 2005». ولم يحدد هو رقما لكمية الخفض. وتقاوم الصين وغيرها من الدول النامية الخفض الإجباري لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون في إطار المعاهدة المقبلة حول مكافحة التغير المناخي. ووعد هو بالعمل «بجد» على تطوير مصادر الطاقة المتجددة والطاقة النووية.

من ناحيته، اقترح الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي في قمة نيويورك أمس أن تعقد الدول الملوثة الرئيسية قمة في منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل لتحديد التزاماتها قبل قمة كوبنهاغن. وقال ساركوزي إن «الأيام أصبحت معدودة فلم يبق أمامنا سوى 87 يوما» قبل قمة كوبنهاغن بشأن الاحترار المناخي»، و«في مواجهة تعقيد هذه المفاوضات بات من الضروري عقد قمة جديدة قبل كوبنهاغن». وأضاف أن «فرنسا تقترح أن يلتقي رؤساء الدول الاقتصادية الرئيسية التي تمثل 80% من حجم الانبعاثات في منتصف نوفمبر، وذلك لتحديد التزاماتهم ضمانا لنجاح كوبنهاغن».

من جهة أخرى تلوم الدول الأوروبية الولايات المتحدة لأنها لا تدعم جهود الدول الأقل نموا ولا تلتزم بأهداف طموحة كالتي تلتزم بها الدول الأوروبية أي الحد من الانبعاثات بنسبة 20% بالمقارنة مع 1990 أو حتى أكثر إن قررت دول أخرى الالتزام. وتقلق هذه الدول أيضا بسبب الوقت الذي يستغرقه الكونغرس لإصدار التشريعات. وقد تَبنّى مجلس النواب نصا يقترح الحد من الانبعاثات بنسبة 17% بالمقارنة مع العام 2005 بحلول العام 2020، إلا أن نص الكونغرس يسير ببطء وقد لا يرقى إلى مستوى نص مجلس النواب.

وعشية قمة نيويورك أعرب رئيس المفوضية الأوروبية خوسي مانويل باروزو الليلة قبل الماضية عن قلقه، وقال من نيويورك: «أقر بأنني قلق جدا بشأن كوبنهاغن لأن المفاوضات بدأت تقترب من الحائط المسدود في الوقت الراهن». ويبدو أن الاتحاد الأوروبي لم يعد يعوّل على اجتماعات الأمم المتحدة ومجموعة العشرين في الولايات المتحدة الأسبوع الحالي لأنها في نظره عاجزة عن تسريع المفاوضات الهادفة لمحاربة ارتفاع حرارة الأرض. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مسؤول أوروبي لم تكشف هويته قوله: «هناك مواضيع مختلفة تُعتبر أكثر أهمية في الوقت الراهن» نظرا إلى الأزمة الاقتصادية والمالية التي يواجهها العالم. وفي نظر الأوروبيين، يتعين على الولايات المتحدة أولا ثم الدول الناشئة أن تكشف عن أوراقها حول نواياها بالحد من الانبعاثات في اجتماع الأمم المتحدة التالي في بانكوك في 28 سبتمبر (أيلول) الحالي. وقالت مفاوضة مقربة من رئاسة الاتحاد السويدية إنه «من الضروري أن نحقق تقدما كبيرا في بانكوك، وإلا فسنتجه نحو الفشل في مؤتمر كوبنهاغن العالمي الذي يفترض أن يتمخض عنه التزامات بحد ارتفاع الحرارة بدرجتين فقط بحلول عام 2050.