الخويطر: اجتزنا أصعب العقبات في إقناع العلماء بالتعاون مع جامعة لم تكوّن بعد «سمعة علمية»

نائب الرئيس المكلف للتطوير الاقتصادي يستعرض أبرز تحديات التأسيس

الواجهة البحرية لجامعة الملك عبد الله («الشرق الأوسط»)
TT

يستذكر أحمد الخويطر، نائب الرئيس المكلف للتطوير الاقتصادي، التجربة التي خاضها الفريق المكلف بتأسيس الجامعة، خلال ثلاث سنوات من العمل الشاق، فهو يرى في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنه أمام مختلف التحديات التي واجهها الفريق، أن تحدياً كبيراً تمثل في القدرة على إقناع العلماء بالتعاون مع جامعة لا تمتلك بعد (سجلاً) وليس لها رصيد من السمعة العلمية.

وقال: «وجدنا أن أهم ما يمكن أن يجذب الباحث هو أبحاثه، والإمكانيات التي تجعله ينجز تلك الأبحاث وتوفر له المناخ الملائم والأنظمة الموضوعة لإدارة هذه الجامعة، وأن علينا أن نحيط العلماء والباحثين بشبكة من المتعاونين بنفس مستوى الجودة، وهو من الصعوبات الحقيقية، حيث يتعين علينا أن نضمن الجودة لكل المساهمين».

وشغل أحمد الخويطر قبل تعيينه نائبًا للرئيس المكلف لجامعة الملك عبد الله للتطوير الاقتصادي، منصب وكيل الجامعة المكلف، حيث ساعد في الإشراف على تطوير الوظائف الأكاديمية ووظائف الأبحاث في الجامعة بالتعاون مع فريق من الخبراء العالميين. وقد التحق الخويطر بشركة أرامكو السعودية في عام 1984، حيث عمل في وظائف فنية مختلفة في دوائر انتاج الزيت والغاز، بدءًا من التصميم وإدارة المشاريع والتجهيز لبدء التشغيل إلى التشغيل الكامل. وفي عام 2001، تولى قيادة التجهيز لبدء تشغيل معمل الحوية للغاز وبدء تشغيله، وتبعه في عام 2003 معمل حرض للغاز، وهما من أكبر معامل إنتاج ومعالجة الغاز الطبيعي في العالم. وكانت آخر الوظائف التي تولاها قبل أن يتولى المسؤولية في عام 2006 عن التخطيط الرئيسي لجامعة الملك عبد الله هي مدير إدارة تخطيط المرافق المسؤولة عن دراسات الجدوى وبرنامج أرامكو السعودية الرأسمالي. وشارك في عضوية مجلس إدارة شركة بترون، أكبر شركة نفط في الفلبين.

والخويطر حاصل على درجة بكالوريوس العلوم في الهندسة الكيميائية من جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، الظهران في عام 1988؛ وماجستير العلوم في الهندسة الكيميائية (متخصصًا في نظم التحكم المتقدمة والمحاكاة) من جامعة كاليفورنيا، سانتا باربارة، في عام 1995؛ وماجستير إدارة الأعمال كزميل كلية سلون من معهد ماساتشوستس للتقنية في عام 2005.

ويعتبر الخويطر، نائب الرئيس المكلف للتطوير الاقتصادي أن جامعة الملك عبد الله تمثل مجمعاً بحثياً على مستوى العالم، بمعنى أن البحوث التي تقوم بها الجامعة ستكون بجودة وأهمية البحوث التي تقام في أفضل مراكز البحوث العالمية.

وقال الخويطر لـ«الشرق الأوسط» ان جامعة الملك عبد الله هي أول جامعة بحوث علمية في المنطقة. وتركز الجامعة على الأبحاث أولاً، وعلى التعليم ثانياً. وفي حين يعتبر السياق العام للتعليم في الجامعات التقليدية بأنه نقل للمعلومات والعلوم، فإن الجامعات البحثية تعمل على إنتاج العلم والمعرفة والابتكار، وهو أهم بكثير، خاصة فيما يتعلق بالاقتصاد.

ولكن كيف تمثل الجامعة بداية جديدة في العالم؟، قال الخويطر، إن التركيز على الأبحاث المشتركة بين التخصصات، حيث بدأت بنهاية القرن العشرين محاولات العلماء دمج الأبحاث بين تخصصات مختلفة، كالهندسة البيولوجية، والرياضيات البيولوجية، يمثل نقلة جدية على مسار العلوم البحثية، كما أن الاكتشافات الهامة الأخيرة كانت بفضل هذا النسق العلمي المشترك. وأشار الخويطر إلى أن تقنية النانو مثلاً أصبحت عبارة عن أبحاث مشتركة بين العلوم شملت الكيمياء والفيزياء والهندسة الميكانيكية والأحياء البيولوجية.

وقال الخويطر، إن الجديد في جامعة الملك عبد الله سيكون أنها أسست منذ البداية على أنها جامعة مشتركة في الأبحاث بين مختلف العلوم والتخصصات.

ولتأكيد هذا الشيء في بنية الجامعة،وفقا للخويطر، فإنه لا توجد داخلها أقسام محددة بين المجالات، لأن الفرق البحثية تتكون من عدة تخصصات، فعلم المواد مثلاً يمثل عدة مراكز بينها مركز الألياف الذي يمكن أن يبحث فيه عالم الفيزياء أو البيولوجيا. وبالتالي فهي الجامعة الأولى في المملكة التي أنشئت على أساس البحث المشترك.

وفي رده على سؤال «الشرق الأوسط» بشأن التحدي الذي يمثله إنشاء جامعة حاضنة للأبحاث وجاذبة للعلماء، أفاد الخويطر أنها ليست المرة الأولى التي تنشأ فيها جامعة علمية بحثية في مكان مشابه لظروف المملكة، بل كانت التجارب السابقة دليلاً على أن الجامعات أخذت على عاتقها النهوض العلمي والاقتصادي لمحيطها الجغرافي الذي نشأت فيها. ويقول الخويطر، إن جامعة (ستانفورد) التي أنشئت نهاية القرن التاسع عشر في ولاية كاليفورنيا واجهت تحدياً أصعب من جامعة الملك عبد الله، وبرغم الصعوبات فقد ظهرت الجامعة بعد الحرب العالمية الثانية بأنها أهم رافد ومحرك لبناء الاقتصاد في ولاية كاليفورنيا وعلى مستوى الولايات المتحدة، واستقطبت الشركات الكبرى حتى أقيم بجوارها وادي السيلكون. وهذا يؤكد أننا يمكن أن نبدأ حتى من دون بنية علمية تحتية.