«سعودي أوجيه»: 21 ألف شخص حجم فريق العمل المنفذ للجامعة

الحريري نائب المدير العام ومهندسو الشركة يشرحون لـ«الشرق الأوسط» تفاصيل مراحل وبناء المشروع

الحريري يشرح مع بعض مستشاريه تفاصيل إعمار جامعة الملك عبد الله (تصوير: عبد الله عتيق)
TT

في مكتبه الكائن وسط العاصمة السعودية الرياض، تدق عقارب الساعة كما كانت دقة الأعمال والإنجاز في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية، بحسب وصف أيمن الحريري نائب المدير العام لشركة «سعودي أوجيه» عملاق الإنشاءات السعودية.

يتحدث الحريري عن تنفيذ مشروع جامعة الملك عبد الله وعيناه مملوءتان بإحساس النجاح في تحقيق حلم كان يراوده منذ فترة ويسعى لتحقيقه بالمشاركة في انشاء جامعة حيث يشير الى أن تنفيذ شركة «سعودي اوجيه» لمشروع جامعة الملك عبد الله يمثل له شرفا كبيرا.

وأكد أيمن في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أنه تعلم الكثير من هذا المشروع من خلال فكرة الملك عبد الله الذي عمل عليه المشروع، ومن خلال الفرصة التي اتيحت للشركة لبناء وتصميم جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية، والتي أوضح أنه من القليل رؤية مشروع في ضخامة وتطوير مشروع جامعة الملك عبد الله حول العالم.

وأكد ان تاريخ البشرية سيتغير في الخامس من سبتمبر (أيلول) 2009، وهو اليوم الذي انطلقت فيه الدراسة في الجامعة، وذلك لكون جامعة الملك عبد الله لن تكون فقط مجرد جامعة، وإنما نقلة نوعية في حياة البشرية في ظل الاهداف التي تسعى لتحقيقها في أن تكون واحدا من اكبر مراكز تطوير الابحاث والتقنيات في العالم.

وأشار الى أن خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز أعطى هدية ليس للمملكة فقط وانما للعالم في تنفيذ هذه الجامعة، والتي يتوقع أن تغير حياة الناس حول العالم، وانها ستكون مركز اختراع كبيرا. وأكد أن كل من نفذ مشروع جامعة الملك سيكون فخوراً بالمشاركة في هذا الصرح العالمي الجديد، والذي سيؤسس لحضارة بشرية جديدة ستنطلق من المملكة العربية السعودية.

وأشار الى أن الرؤية التي يملكها خادم الحرمين الشريفين ستعمل على تغيير خارطة العلم في العالم، وهو ما تم الاحساس به خلال تنفيذ مشروع جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية.

وأكد أن جهود المهندس علي النعيمي وزير البترول والثروة المعدنية ساهمت بكثير من التسهيلات وإزالة المعوقات في سبيل انجاز بناء جامعة الملك عبد الله، مقدماً شكره للوزير النعيمي على تلك المتابعة والتسهيلات التي قدمها لإنجاح المشروع، بالإضافة الى شكره للمهندس خالد الفالح رئيس شركة أرامكو على تعاونه في إنجاح المشروع . وأضاف الحريري إلى أن شركة «سعودي اوجيه» عملت على المشروع من خلال خطط مدرسة تتواكب مع الفكر الذي أنشئت عليه الجامعة، موضحا أن العمل مع «ارامكو» كان بمثابة الدرس الذي تعلمته «سعودي اوجيه» في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية، واصفا أنهم أول طلاب في الجامعة من خلال العلم والتقنية الموجودة في بناء الجامعة الضخمة. ولفت نائب المدير العام لشركة «سعودي اوجيه» إلى أن شركته عملت على ان تجمع بين النوعية والجودة في ظل الوقت الذي تم تحديده، مؤكداً أن المشروع يعد من المشاريع سريعة الإنشاء، بالإضافة إلى متطلباته من انتقاء المواد المستخدمة فيه، والتشطيبات عالية الجودة.

وقال «عندما استلمنا المشروع لم يكن هناك تصميم، فعملنا على وضع مزيج بين التصميم والتنفيذ، ووجدنا الحل في المشاريع التي نفذتها (سعودي اوجيه) من قبل، وهو الامر الذي ساعدنا في عملية بناء الجامعة».

من جهته قال المهندس فريد شاكر المدير العام المساعد لقطاع العمليات في شركة «سعودي اوجيه» إن الشركة سعت إلى وضع عصارة خبراتها في المشروع، وذلك من خلال حلول كافة المعوقات المتوقع حدوثها اثناء التنفيذ، مبينا أنه في حال تنفيذ مشروع مثل جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية، فانه يجب ان تعرف ما هي الآليات التي ستستعملها قبل بدء المشروع، وذلك للتمكن من البناء السريع بتكلفة منخفضة. وبين فريد أن شركة «سعودي اوجيه» عملت على وضع الحلول لتقليل كلفة البناء، وهي الحلول التي توافق بين الكلفة وبين السرعة، موضحاً الى الشركة سعت من خلال خبراتها في تنفيذ مشاريع التصميم والبناء، ومن خلال مكاتب الشركة حول العالم من مصممين ومهندسين، لوضع تصاميم مرنة تتوافق مع كافة التطورات والمتغيرات والتي يتوقع ان تطرأ خلال عمليات البناء. ولفت المهندس فريد الى أن التصميم عمل عليه نحو 3 آلاف، مشيرا إلى أنه من النادر أن تستثمر شركات المقاولات في المهندسين المصممين، في الغالب أن الشركات تتعاقد مع مكاتب خارجية، مؤكدا أن الشركة لديها خبراء يعملون على دراسة ما هي المعوقات المتوقعة التي من الممكن ان تطرأ على التصميم في المستقبل، وعند التنفيذ.

وأبان أن معظم المشاريع التي تعمل عليها الشركة هي من هذا النوع وهو البناء السريع، مشيراً الى أن الثقافة التي اكتسبتها الشركة ساعدت على بناء الجامعة، موضحاً أن الفكرة في عملية البناء السريع، تكمن في انه في حال تم بدء البناء فإن الجميع يعرف ما هي مهماته في المشروع والكل يعمل وفق الخطط الموضوعة له. وأشار المدير العام المساعد لقطاع العمليات في «سعودي اوجيه» إلى أن مجرد ترسية العقد على الشركة من قبل «ارامكو» كان لدى «سعودي اوجيه» فريق متكامل على ارض المشروع، إضافة إلى الفرق الأخرى المنتشرة حول العالم لدراسة وتصميم وتنفيذ المشروع، اضافة الى المتابعة مع المصمم الرئيسي التابع لشركة أرامكو مدير المشروع، حتى يتم الاتفاق علي التصميم.

وأكد أن ما يقارب 45 «كرين» يعمل على أرض المشروع خلال أشهر قليلة، وهذا ما يعكس التحضيرات التي عملت عليها شركة «سعودي اوجيه».

ويعود أيمن الحريري هنا ليشير إلى أن الشركة تملك عنصر التنفيذ السريع من خلال التحضيرات والدراسات التي تعمل عليها الشركة قبل تنفيذ اي مشروع، ووصف بدء المشاريع عند «سعودي اوجيه» بـ«كبسة المفتاح»، وثم تنطلق الاعمال كل وفق ما خطط له. واشار الحريري الى أن الشركة عملت على دراسة نوعية مواد البناء المستخدمة، واكد أن «ارامكو» أعطت «سعودي اوجيه» مسؤولية تصميم وتنفيذ الفكرة، وهي المسوؤلية التي اكد انها كبيرة، مؤكداً ان ذلك حمل الشركة جهوداً كبيرة للوصول الى المستوى المرجو من ارامكو لتنفيذ المشروع، وأكد أن عنصر المزيج بين «سعودي اوجيه» وشركة «ارامكو» لتكوين فريق واحد، ساعد كثيرا في تجنب الكثير من المعوقات لتنفيذ المشروع، وذلك لتحقيق الهدف.

وأرجع المهندس فريد نجاح المشروع الى الفريق الواحد بين شركة «ارامكو» وشركة «سعودي اوجيه»، وهو ما عجل على تنفيذ المشروع لكون اصحاب القرار في نفس الفريق. وأكد ايمن أنه تم الاتفاق مع شركة «ارامكو» قبل بدء المشروع ان يكونوا جنباً الى جنب، وذلك لسرعة تنفيذ القرار، وهو ما يساعد في المشاريع سريعة التنفيذ، وهو ما وفر الكثير من الوقت في حال لو تمت مراسلات بين الطرفين، وهو ما ساعد على انجاز المشروع في الوقت المحدد. ولفت إلى أن وجود بعض القرارات التي تم اتخاذها بين اعضاء الفريق المكون من «سعودي أوجيه» و«أرامكو» كان له الأثر الأكبر في تنفيذ المشروع، مشيراً الى أنه في حال لم يكن هذا الفريق فمن الممكن ان يكون هناك عوائق بين المشاريع. ووصف نائب المدير العام لشركة «سعودي اوجيه» أن ابرز تحد واجهته الشركة في بناء جامعة الملك عبد الله هو «الوقت»، مؤكداً أن فكرة جامعة الملك عبد الله لم تكن مجرد جامعة عادية للدراسة، وإنما هي مركز للتطوير والابحاث، وهو الامر الذي كان يجب ان يراعى في بناء الجامعة، إضافة إلى حاجتها إلى تصاميم خاصة، وتجهيز المختبرات، وهو ما احتاج لمعرفة ما هي المعدات التي ستكون ضمن تلك المراكز، إضافة إلى ما هي الطاقة التي تحتاجها تلك المراكز، ومعرفة وزن المعدات وغيرها من الامور التي تحتاجها مراكز الابحاث والتطوير، وهو ما يحتاج إلى مواكبة تلك المتطلبات.

وأكد ان التصميم يتطور مع التنفيذ، وهو الامر الذي يحتاج الى مراعاة ذلك في بناء المشروع. من جهته أكد بلال أنصاري مدير قطاع الانشاءات في شركة «سعودي اوجيه»، أن الموقع الجغرافي كان ايضاً من التحديات التي واجهت فريق العمل، فالموقع لم يكن بالقرب من المدينة مما كان يتطلب مجهوداً في نقل المواد، مما دعا الى بناء مجمع سكني للعاملين في المشروع، وهم الذين يقاربون نحو 14 الف عامل، وهذه كانت من الامور التي ساعدت على بناء المشروع. واضاف ايضاً أن نوعية تربة ارض المشروع، تحتاج إلى تصاميم خاصة.

وهنا يفصح أيمن الحريري عن استخدام تقنيات جديدة في بناء المشروع، وهي ما تتواكب مع متطلبات البيئة، مؤكدا أن طريقة التنفيذ راعت جميع تلك التقنيات، إضافة إلى إعادة تدوير مخلفات البناء، وهو الأمر الذي ساهم في المحافظة على محيط البيئة في موقع العمل.

وبين أن نوعية مواد البناء تم انتقاؤها بعناية، وهي التي تطلبت تجهيزها منذ وقت مبكر، من خلال موردين محدودين حول العالم. وأشار الحريري إلى أن مشروع جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية يعتبر واحدا من أكبر المشاريع في العالم الصديقة للبيئة، ومرشحا ليكون واحدا من أفضلها، عطفا على المواد المستخدمة في تنفيذه، لافتا إلى أن فريق العمل راعى أن يستخدم كافة المواد الصديقة للبيئة من أكبرها وحتى أصغر التفاصيل فيها.

وبحسب المهندس فريد ان حجم فريق العمل المنفذ لجامعة الملك عبد الله بلغ نحو 21 ألف شخص، منهم 16 الف شخص على أرض المشروع، و5 الاف شخص خارج المشروع، مؤكداً أن الفريق كان يعمل مثل خلية النحل، حيث المتابعة والتنفيذ كل بوقته.

وفي هذا الشأن قال أيمن إن استراتيجية عمل شركة «سعودي اوجيه» تعمل على استراتيجية توزيع المهام والاداور على الاشخاص واعطاء جدول زمني لتنفيذ المشروع، وذلك للتقليل من المفاجآت المتوقعة في تنفيذ اي مشروع.

وأكد أن مشروع جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية حقق قيمة إضافة لشركة «سعودي أوجيه»، حيث أعطى الشركة اختبارا حقيقيا لإمكانياتها، خاصة في الاحتكاك مع شركة ضخمة منظمة مثل شركة «ارامكو».