من داخل الجامعة.. باحث كندي يسعى لاستحداث «طاقة منخفضة التكاليف»

السعودية تستقبل طاقة شمسية تكفي لتلبية احتياج العالم من الطاقة الكهربائية

TT

ينحصر اهتمام الدكتور إدوارد هارتلي سارجنت باحث جامعة الملك عبد الله وأستاذ كرسي مؤسسة كندا للبحوث في تقنية النانو في جامعة تورينتو باستحداث طاقة منخفضة التكاليف، وآخر ما يفكر فيه هو استحداث خلايا على شكل طلاء تحول أشعة الشمس إلى كهرباء.

وسيعمل الدكتور سارجنت بوصفه باحثاً في جامعة الملك عبد الله على حل معضلة التضارب بين أن تكون الخلايا الشمسية فعالة وبين أن تكون منخفضة التكاليف، وحضر إلى الجامعة ليحل هذه المشكلة التي تعاني منها البشرية، فمهمته هي ذات طابع عالمي، ووجد في جامعة الملك عبد الله مرافق وإمكانات سيجري من خلالها بحثه الهادف إلى حل هذه المعضلة، أي اختراع خلايا شمسية فعالة ومنخفضة الكلفة.

ومنذ شبابه انشغل الباحث الكندي في حل المعضلات من خلال الرياضيات والأفكار الفيزيائية، وهو ما دفعه إلى دراسة الهندسة والفيزياء للحصول على البكالوريوس من جامعة كوينز، ودرجة الدكتوراه في الهندسة الكهربائية وهندسة الحاسوب "علم الطاقة الضوئية" من جامعة تورينتو.

ومثل جميع الباحثين في جامعة الملك عبد الله، يتصف بحث الدكتور سارجنت بأنه متعدد التخصصات بطبيعته، ويشمل بحثه كيمياء المواد، وصنع الأجهزة وتحسينها، والتوصيف البصري الإلكتروني الدقيق، بل والفحص الطيفي فائق السرعة.

ويعتقد الدكتور سارجنت أن تقنية النانو تحول العلوم الرائعة والحيوية التقنية إلى تطبيقات واقعية يمكنها أن تغير حياة الناس، ويراهن على إمكانية إحداث ثورة تقنية في الجمع بين الكفاءة العالية للطاقة الشمسية والتكلفة المنخفضة، وهو ينظر إلى موقع المملكة العربية السعودية باعتبارها تمتلك موارد هائلة ليس فقط في النفط، بل وفي الطاقة الشمسية، حيث تتلقى أرضها كمية من الطاقة الشمسية تكفي لتلبية احتياج العالم كله من الطاقة الكهربائية مرات عديدة، وهنا يكمن التحدي الذي يحمله الدكتور سارجنت الذي ابتكر مع فريقه في جامعة تورينتو خلايا شمسية من البلاستيك استخدم فيها تقنية النانو لتحويل الطاقة الشمسية إلى طاقة كهربائية بكفاءة عالية.

ويتحدث عن هذا الإنجاز بقوله "إنه إنجاز يمثل خطوة تأسيسية نحو تقنية حديثة أفضل، فهذه التقنية هي تطوير الخلايا الشمسية المتقدمة، المنخفضة التكاليف، والتي يمكنها امتصاص الأشعة دون الحمراء التي تقرن بالخلايا الفولطائية الضوئية لتجميع أشعة الشمس، وقد تأكدنا أنها تقنية فعالة ومجدية اقتصادياً".

ويضيف الدكتور سارجنت "إن هذه التقنية تشمل تطبيقات واسعة، مثل أن يحمل الشخص طاقة كهربائية معززة بالبطاريات يمكن ارتداؤها، وصولاً إلى تحويل الطاقة الشمسية على نطاق واسع، بحيث يمكن أن تساهم في الطاقة الرئيسية، وفكرتي الرئيسية تقوم على إمكانية أن طيف الشمس بأكمله يستحق أن يجمع بكفاءة.

وعن ما يجعل جامعة الملك عبد الله مناسبة لإجراء هذه البحوث، إضافة إلى توافر الطاقة الشمسية، يشير الباحث الكندي إلى وجود ثلاثة أسباب تجعل من جامعة الملك عبد الله مهمة لإجراء هذه التطبيقات، أولها المرافق المتميزة، بما فيها التركيز على منشآت البحث والتطوير في مجال الطاقة الشمسية على نطاق واسع تتجاوز النماذج الصغيرة المتوفرة في الجامعات الأخرى، والثاني هو أن هيئة التدريس والطلاب تم اختيارهم من جميع أنحاء العالم، لأنهم متفوقون ومتميزون.

أما السبب الثالث فهو أن الهيكل المؤسسي للجامعة يمزج المجالات العلمية والهندسية الأساسية، مع المراكز الموجهة للمشاريع، وهذا نموذج مثالي للبحوث المتعددة التخصصات التي ترتبط بالخلايا الضوئية.

ويؤكد الباحث أن هذه التقنيات يجب أن تكون ذات مردود على المجتمعات الإنسانية، وأولها هي الطاقة الكهربائية المحمولة، وتتمثل فائدتها في وجود حل دائم لاحتياجات العالم من الطاقة، بدلاً من الاعتماد على إمدادات الطاقة المخزونة.

وحول الدور الذي يسهم به التركيز على الطاقة الشمسية في جامعة الملك عبد الله في المجتمع العالمي للبحوث والتطوير الذي يعمل على هذا التخصص، قال الدكتور سارجنت "إن لمركز الطاقة في جامعة الملك عبدالله دور مهم وفريد، إذ سيجمع بين العلوم الرائدة في العالم، والتي ستبحث الظواهر الفيزيائية والمواد الجديدة وبين البحوث الهندسية المتميزة، من خلال مرفق للبحوث والتطوير في مجال الطاقة الشمسية على نطاق واسع، وإضافة إلى ذلك، سيكون مجهزاً بأفضل المعدات للحكم على الابتكارات الجديدة في مجال الطاقة الشمسية على أساس متكافئ".

ويرى الباحث أن التعاون بين جامعة الملك عبد الله وبين جامعة تورينتو يتعزز يومياً، إذ تساعد الجامعة الكندية نظيرتها السعودية في اختيار أعضاء هيئة التدريس والزملاء بعد الدكتوراه، وطلاب الدراسات العليا، وتقدم المقترحات في شأن كيفية الاستفادة من الموارد الاستثنائية لجامعة الملك عبد الله، واستخدامها لإنشاء بنية تحتية عالمية المستوى فريدة من نوعها، ونبني علاقات أقوى من خلال تبادل الأفراد، بما في ذلك قضاء عدة أسابيع من العام في حرم جامعة الملك عبدالله.

ويشرح الدكتور سارجنت حجم الفوائد التي تعود على العلم من خلال الأبحاث التي تجريها جامعة الملك عبد الله، ويقول: "إن الإمكانات المتوافرة في الجامعة تتيح لنا المزيد من الاكتشافات العلمية، ونحن نعمل على من خلال تقنية النانو على أن تؤدي أجهزة الاستشعار البيولوجية القائمة على هذه التقنية للكشف عن الأمراض وتصنيفها في مرحلة مبكرة وبدقة تامة".

وبشر الباحث بأن الأبحاث أدت إلى تقدم في أجهزة كشف الضوء عالية الحساسية القائمة على الجسيمات النانوية بسرعة فائقة، وهي تقترب من مرحلة التسويق، وفي جامعة الملك عبد الله كما في جامعة تورنتو وفي جميع أنحاء العالم يتم العمل بسرعة لإنتاج خلايا شمسية عالية الكفاءة ومنخفضة التكاليف.