جامعة الملك عبد الله تعالج تحديات تواجهها السعودية بتقنيات «النانو»

تضم أحدث الأجهزة والباحثين المؤهلين

جولة في جامعة الملك عبد الله بثول (تصوير: غازي مهدي)
TT

يسابق أكثر من 100 باحث وعالم وفني هذه الأيام الزمن في مختبراتهم الخاصة الواقعة داخل حرم جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية، في إطار أبحاث تعنى بتطبيقات النانو وتقنياته، بهدف الوصول إلى نتائج بحثية تحقق اقتصاد معرفي واستثماري تتطلع إليهما الجامعة.

ويعمل الباحثون بدأب لتحقيق إنجازات علمية في مجالاتهم البحثية، بعد أن وصل معظمهم إلى جامعة الملك عبدالله في ثول، إذ بدأ كل منهم منذ لحظة وصوله إلى المملكة في تصميم وإعداد مختبره الخاص بحسب متطلبات عمله البحثي.

وتركز الدراسات البحثية المستخدمة لتقنيات النانو في مراكز الجامعة، والتي تدعمها المرافق الأساسية التابعة لها، تركز على مجالات الحفز، وعلم الأحياء الحسابي، والنمذجة الهندسية، والتصور العلمي، والغشائيات، وعلم وهندسة الطاقة الشمسية، والطاقة البديلة، وعلم هندسة البحر الأحمر، والاشتعال النقي، وتحلية المياه وإعادة استخدامها.

وبادرت جامعة الملك عبدالله بشراكات وتحالفات متميزة مع جامعات وجهات محلية وعالمية مرموقة، تقع في إطارها مشاريع وتطبيقات بحثية مهمة في تقنية النانو ضمن مشاريع الباحثين التي تطبق في أكثر من 20 مختبراً بحثياً خاصاً بكل باحث.

واختارت الجامعة منها سبعة موضوعات رئيسية متعلقة بتقنية النانو في مجالات تكييف النبات، تحلية المياه، الحوافز، البتروكيماويات، صفائح الطاقة الشمسية، والمركبات الكيميائية ذات استخدامات متقدمة، وكذلك في مجال تصفية مشتقات ثاني أكسيد الكربون من الجو نتيجة احتراق النفط. وتتماشى أهداف مراكز أبحاث الجامعة التي تعمل في إطار أبحاث تكنولوجيا النانو مع أهداف التنمية الاقتصادية في السعودية، من حيث إيجاد وسائل وأساليب تسهم في تنويع مصادر الاقتصاد الوطني، وتحويل المجتمع إلى مجتمع معرفي ومعلوماتي، بالتركيز على أهداف استراتيجية ترتبط بالصحة العامة للمجتمع، وتطوير قطاع الزراعة في المملكة بالتمكين من الزراعة في ظروف قاسية، والتركيز على هندسة المواد الخام المتوفرة بشكل كبير في المملكة، ومنها معادن والسيلكون وغير ذلك، وأيضاً التركيز على علوم الأحياء الدقيقة الطبية والحيوية. وبدأ إعداد وتنظيم مراكز البحوث والمرافق المركزية لحظة الإعلان عن الجامعة، ذلك أن التجهيزات والإعدادات مرت بعدة مراحل قبل الوصول إلى هذه المرحلة الراهنة، وهي مرحلة إنهاء الاستعدادات اللازمة لإقامة المراكز والمرافق البحثية.

وقسمت مراكز أبحاث تطبيقات النانو على ثلاث مستويات تضم أولاً مراكز بحثية تضطلع بتنفيذ المشاريع البحثية الكبرى المتعلقة بأبحاث تطبيقات النانو، وثانياً مختبرات متخصصة يتم تشغيلها من قبل باحثين في مجالات وحقول متخصصة على الصعيد العالمي، وثالثاً مختبرات ومرافق تقدم خدمات لوجستية وبحثية مساندة للمراكز البحثية.

فيما يؤدي المرفق المركزي لأبحاث التصنيع المتقدم متناهي الصغر دوراً حيوياً ومهماً في مجال تقديم الخدمات البحثية في الجامعة، إذ تم تصميمه كهمزة وصل في تقديم خدمات أساسية وتكميلية لبقية المراكز والمختبرات المصممة وفق أحدث المعايير والمواصفات العالمية، بتنفيذ وإشراف من قبل خبراء متميزين ينتمون إلى اعرق الجامعات والمراكز العالمية التي تتقدمها جامعة بيركلي وكلية امبيريال، كما ستتم الاستفادة من ذلك المرفق من قبل جهات وجامعات محلية وجهات دولية أيضاً.

ويتوفر في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية أحدث جهازي رنين مغناطيسي نووي في تطبيقات تقنية النانو، يستخدمان للمرة الأولى عالمياً في تحليل وتوصيف جزيئات الذرة ضمن 10 أجهزة رنين مغناطيسي نووي متطورة في تطبيقات تقنية النانو، ما سيضع الجامعة في مرتبة متقدمة بين جامعات العالم في أبحاث النانو وتقنياته المتطورة.

ويؤكد كثير من الخبراء والباحثين أن اجتماع كل هذه الأجهزة تحت سقف واحد أمر نادر الحدوث في جامعات العالم، وهو ما يميز جامعة الملك عبدالله عالمياً، ويمثل نقلة نوعية في أبحاث تقنيات النانو في مختلف المجالات العلمية والبحثية والريادة في مراقبة وتوصيف جزيئات الذرة وفك شفراتها علميا.

كما أن اجتماع علماء وباحثين ومتميزين على مستوى عالمي ومن خلفيات متنوعة في مجالات أبحاث تقنية النانو يؤسس لقاعدة متقدمة وصلبة للوصول إلى نتائج ومبتكرات بحثية ذات توجهات علمية تخدم مختلف التقنيات والتطبيقات المتعلقة بالنانو، لاسيما في إطار تعدد المفاهيم والدراسات والمشاريع البحثية الممولة في سياق تقنية النانو التي تعد أحد العلوم المتطورة جدا.

ومن المعروف لدى الباحثين المتخصصين فإن مقياس النانو- الذي يعادل واحد في البليون من المتر- يمكن العلماء والباحثين من إعادة تشكيل وصياغة التركيبة البنائية للمركبات والمواد على المستوى الجزيئي في مجالات مهمة كالطاقة والمياه وغيرها من المجالات البحثية المتطورة كالنفط والبتروكيماويات والزراعة والحوسبة والكيمياء والفيزياء والعلوم الطبية والحيوية.

وجامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية أول من استقطب هذين الجهازين في العالم بين حوالي ثلاثة آلاف جهاز تحليل وتوصيف وفصل تعمل بمقياس النانو في مراكز ومختبرات ومرافق الجامعة، مع توافر أكثر من 18 جهاز مجهري متقدم وضخم للمسح والتوصيف تقوم بخدمة مراكز الأبحاث والمرافق المركزية الأساسية، إضافة إلى أجهزة متطورة في تقنية الرنين المغناطيسي، تقوم بتوصيف وتحليل وتحديد جزيئات المواد العضوية وغير العضوية بقوة حقول مغناطيسية تتراوح بين (950MHz ) و (MHz 400)، بهدف تغطية الأبحاث البيولوجية والمواد والتحاليل الكيميائية على حد سواء.

وتوفر أجهزة أبحاث تقنية النانو بالجامعة جميع الاحتياجات الأساسية المستخدمة في مجالات أبحاث عدة ترتبط بالنانو لدى كل من المرافق البحثية المشتركة والمنفردة، ما يسهم في تحقيق الأهداف المنشودة من إجراء الأبحاث العلمية في إطار هذه التقنية.

وتنقسم المجاهر العملاقة في هذا المرفق إلى أنواع عدة، أهمها: مجهر النفاذ الإلكتروني، ومجهر المسح الإلكتروني، ومجهر المسح الإلكتروني ثنائي الإشعاع.

ويقتصر المرفق المركزي للتصنيع المتناهي الصغر لتقنية النانو على تقديم خدماته للمراكز البحثية الأساسية السابقة، فيما توجد مراكز بحثية مستقلة ومراكز بحثية أخرى مشتركة، خصصت آلية عمل لها مع مرافق الأبحاث والمراكز، للتمكن من الاستفادة منها جميعها ضمن شبكة بحثية مترابطة.

وتتلخص وظيفة المرفق المركزي في توفير الأدوات والأجهزة اللازمة لتصميم وتصنيع وقياس المواد والأجهزة في نطاق المايكرو والنانو، وتقديم هذه الخدمات للباحثين في المجالين الأكاديمي والصناعي بمختلف التخصصات الهندسية والهندسة الكهربائية والهندسة الميكانيكية والعلوم الأساسية، كالفيزياء، والكيمياء، والأحياء، والعلوم الطبية، ويدعم هذا المرفق مشاريع بحثية في مجالات: المايكرو والنانو الكترونيات، والبصريات والضوئيات، ونظم المايكرو والنانو الكهروميكانيكية، والبيولوجيا والكيمياء، والتطبيقات البحثية غير التقليدية. وزود هذا المرفق بأحدث الأدوات والأجهزة المتطورة للقيام بهذه الوظائف على أكمل وجه، وسيساند هذا المرفق الحيوي مرافق أخرى من أهمها المرفق المركزي للتصوير والتوصيف والمرفق المركزي لمطيافية الرنين المغناطيسي النووي.

كما أعد المرفق في غرف نقية خاصة تم التخلص فيها من معظم الشوائب والعوالق في الهواء الذي يغذي هذه الغرف، وأهمية هذه العملية تكمن في أن حجم المواد والأجهزة المصنعة قريبة من أحجام العوالق والشوائب الهوائية المتواجدة في البيئة المحيطة، والتي عادةً لا يمكن رؤيتها بالعين المجردة، وبالتالي فإن المواد والأجهزة المصنعة قد تفسد في حال وقعت هذه العوالق الهوائية عليها.

وسيسهم تطبيق أساليب تقنيات متطورة بمقياس النانو في إنتاج مواد وتطبيقات عالية الجودة والكفاءة في التصنيع النانوني، وهو أحد الأهداف الرئيسية لجامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية، ومن خلال إعداد مرافق ومراكز ومعامل ضمن شبكة مترابطة بتجهيزات متقدمة، يمكن الحصول على مرفق ذي مواصفات عالمية متطورة في التجهيزات ويحاكي ثلاثة من أعرق الجامعات في العالم بل ويتقدمها من حيث تلافي السلبيات الموجودة بتلك المرافق.

وعند تصميم المرافق المركزية، تمت استشارة خبراء من جامعة كاليفورنيا-بيركلي وجامعة كورنيل في الولايات المتحدة الأمريكية وجامعة امبيريال في بريطانيا، وجامعة سنغافورة الوطنية، وجامعة هونج كونج للعلوم والتقنية، كما كلفت ذات الشركة التي قامت بتصميم المرافق المماثلة في كل من جامعة هارفارد وجامعة دوك في الولايات المتحدة الأمريكية إضافة إلى جامعات أخرى، بعملية التصميم النهائي والإشراف على التنفيذ.