تجنيد إمام مسجد في تحقيقات الإرهاب بأميركا يشعل جدلا بين الشرطة و«إف بي آي»

إمام كوينز يواجه تهمة خيانة الشرطة بعد تحذير المشتبه فيهم بأنهم مراقبون

TT

ارتد قرار تجنيد إمام مسجد كوينز لجمع معلومات حول مشتبهين في الإرهاب على التحقيقات التي تجري منذ شهور في الولايات المتحدة حول هذه القضية. وفي الواقع فقد وجه المدّعون الفيدراليون إلى الإمام، الذي عمل من قبل كمصدر للمعلومات لإدارة شرطة نيويورك، تهمة خيانة الشرطة عن عمد عبر تحذير المشتبه به والكذب بشأنه وأنه قد يكون درّّبه على ما يدلي إذا ما تم استجوابه.

وأوضح العديد من مسؤولي تطبيق القانون أن المعلومات التي قدمها الإمام أعاقتهم عن إجراء تحقيق حسّاس للغاية حول مؤامرة محتملة للقاعدة، وهو ما تركهم حيارى بين شن غارة وإلقاء القبض على المشتبه به في أسرع ما يمكن خشية حدوث تطور يمكن أن يصعّب إمكانية التعرف على المتورطين الآخرين في القضية وتأكيد الأدلة ضدهم.

وقال العديد من المسؤولين ـ الذين تحدث غالبيتهم شريطة عدم ذكر أسمائهم بسبب سرية التحقيقات ـ إن التحقيق الذي كان يجري منذ شهور «قد يستمر لفترة أطول حيث سنقوم بتعقب اتصالات واجتماعات وخطط وأصدقاء زازي المشتبه به، البالغ من العمر 24 عاما».

وقال أحد المسؤولين إن الطبيعة العامة للمرحلة الجديدة من التحقيقات قد تتطلب على الأرجح المزيد من العمل والمزيد من الموارد لتحديد المدى الذي وصلت إليه الخطة في تحديد أهدافها والعناصر النشطة المتورطة فيها.

كما أوضح مسؤولون سابقون في الشرطة ومسؤولون فيدراليون أن الطريقة التي انتهجت مع الإمام والفوضى التي نتجت عنها تضيف إلى التاريخ الطويل من التوتر والتنافسية بين شرطة نيويورك ومكتب المباحث الفيدرالي الذي أحدث نوعا من الصدام بين وحدتي مكافحة الإرهاب داخل إدارة الشرطة.

وقد أدت تلك التوترات بحسب مسؤولين في الشرطة والمباحث الفيدرالية إلى مشكلات في الاتصالات والتنسيق بين وحدات الشرطة و«إف بي آي». أما الوحدة الأخرى المتمثلة في مكتب مكافحة الإرهاب الذي فقامت بتخصيص 100 عميل سري للعمل مع مكتب المباحث الفيدرالي في قوة العمل المشتركة في محاربة الإرهاب.

وألمح مسؤولون من الشرطة العملاء الفيدراليين السابقين إلى أن تجنيد الإمام أحمد ويس أفضلي تولاها عملاء من قسم الاستخبارات وعرضوا عليه صورا للمشتبه به الرئيسي وثلاثة رجال آخرين. وخلال الساعات التالية قام أفضلي بالتحدث مع زازي، سائق الحافلة والمشتبه الرئيسي فيها ووالده. وتشير أوراق القضية إلى أن الإمام أخبر الابن الذين كان يقود حافلة بين كولورادو وكوينز في التاسع والعاشر من سبتمبر (أيلول) أن السلطات تراقبه». ولم يجب أي من رايموند كيلي، مفوض الشرطة أو جوزيف ديمارست المدير المساعد المسؤول عن مكتب الشرطة الفيدرالية في نيويورك عن الأسئلة حول ما جرى مع الإمام، لكن الرجلين أصدرا بيانا مشتركا ليلة الثلاثاء جاء فيه: «إن مكتب المباحث الفيدرالي وإدارة شرطة نيويورك أجريا تحقيقا مشتركا عملا جنبا إلى جنب في قوة العمل طوال الوقت، فهناك شراكة وثيقة بين مكتب المباحث الفيدرالي ومكتب مكافحة الإرهاب وإدارة الاستخبارات التابعين لشرطة نيويورك، ويأتي هذا التعاون كجزء هامّ في المساعدة في حماية مدينة نيويورك من هجمة إرهابية أخرى.

وقد أدى ذلك التعاون بالفعل إلى عدد من النجاحات تم الكشف عن بعضها فيما لم يتم الكشف عن البعض الآخر.

وكان كيلي قد قام في أعقاب توليه مسؤولية إدارة شرطة نيويورك، بعد ثلاثة أشهر من تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول)، بتوسعات كبيرة في كل من إدارتي الاستخبارات ومكافحة الإرهاب، حيث قامت إدارة الاستخبارات التي يقودها ديفيد كوهين، أحد مستشاري كيلي والمسؤول البارز السابق في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، بتشكيل شبكة من المخبرين السريين في المدينة وأرسلوا عملاء لهم إلى الخارج وقاموا بعمليات تحقيق مستقلة عن مكتب المباحث الفيدرالي وتم تعيين عملاء سريين للشرطة في قوة العمل المشتركة الخاص بمكافحة الإرهاب. بيد أن بعض الصدامات بين الوحدتين كانت دائما ما تطفو على السطح، حيث شكا محققو الشرطة في الأعوام السابقة من أن مكتب المباحث الفيدرالي يقوم بحجب المعلومات، وأن الوصول إلى المعلومات البالغة السرية يتم عبر وكلاء مكتب المباحث الفيدرالي وقوة العمل المشتركة.

ومع استمرار التحقيقات، بدا من غير الواضح السبب الذي دفع إدارة الاستخبارات إلى تجنيد الإمام.

ولم يشر أحد إلى أن العملاء السريين الذين عملوا على تجنيد أفضلي كانوا يقومون بخلاف ما يريده رؤساؤهم. فأشار العديد من المسؤولين الفيدراليين والشرطة إلى أن كوهين الذي يحمل تاريخا طويلا من العلاقات المتوترة مع مكتب المباحث الفيدرالي، يدير الوحدة بإحكام وهو لا يخفي شعوره بالازدراء نحو مكتب المباحث الفيدرالي.

وأوضح مسؤولون حاليون في الشرطة و«إف بي آي» أن أهم أعمال التحقيق في هذه القضية تم إنجازها خلال الأيام العشرة الأخيرة، فقد أجريت الاعتقالات وتم جمع معلومات حيوية. وصرح كيلي يوم الثلاثاء أن التحقيقات قد تكون بدأت بالفعل، حيث أوضح أن المحققين يركزون على عدد من أصدقاء زازي وأنه قد تجري الشرطة المزيد من الاعتقالات.

وأشار أحد المسؤولين الحكوميين إلى أن بعض الأشخاص الموجودين رهن التحقيق كانوا يتعاونون مع السلطات على عكس البعض منهم وأن التحقيقات مرحلة حاسمة.

ووصف المسؤول هذه النوع من التحقيقات بقوله: «نحن في مرحلة حرجة يجب على الأفراد فيها أن يتقدموا ويقولوا الحقيقة».

وينبع إيمان كيلي بضرورة تعزيز برنامج مكافحة الإرهاب في المدينة من قناعته بأن الكومة الفيدرالية فشلت في حماية نيويورك من هجمات سبتمبر (أيلول) 2001، وقد نالت مبادراته العدوانية والمستقلة استحسانا كبيرا واسع النطاق. وقال بول براون، المتحدث باسم إدارة الشرطة، مشيرا إلى أن فردين آخرين أحدهما الإمام أفضلي تم إلقاء القبض عليهما: «تم اعتقال الشاب القاطن في كولورادو والذي سافر إلى معسكرات التدريب في باكستان».

وكان زازي ووالده البالغ من العمر 53 عاما قد ألقي القبض عليهما السبت الماضي في دنفر على خلفية الاتهامات بتقديمهما إفادات كاذبة خلال التحقيقات بشأن الإرهاب، فيما ألقي القبض على أفضلي يوم الأحد في دنفر في كوينز. وينتظر زازي الابن وأفضلي جلسة استماع للإفراج عنهما بكفالة تعقد يوم الخميس فيما تقرر الإفراج عن الأب بكفالة قدرها 50.000 دولار.

وقال رونالد كوبي، محامي أفضلي، يوم الاثنين إن موكله لم يكذب على السلطات الفيدرالية وإنهم ضخموا التحقيقات ويحاولون الآن إلصاق التهمة بموكله.

* شارك ديفيد جونستون في كتابة هذا التقرير من واشنطن.

* خدمة «نيويورك تايمز»