أوباما يدعو العالم لتوحيد جهوده.. ويشدد على «عدم شرعية» مواصلة الاستيطان الإسرائيلي

تعهد بالسعي لإخلاء العالم من السلاح النووي.. وحذر من «خطر» البرنامجين الإيراني والكوري

الرئيس الأميركي باراك أوباما يصافح الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بعد القاء كلمته في الدورة الرابعة والستين للجمعية العامة في نيويورك أمس (أ.ف.ب)
TT

دعا الرئيس الأميركي باراك أوباما أمس أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى «عهد جديد من التعاون المتعدد الأطراف» لمواجهة تحديات الكوكب، وشدد على عدم شرعية مواصلة الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية. واعتبر أيضاً أن برامج كوريا الشمالية وإيران النووية تهدد بأخذ العالم إلى «منحدر خطر»، ودعا إلى فرض عقوبات على الدول التي ترفض الوفاء بتعهداتها بشأن عدم الانتشار النووي. وقال أوباما بعد تصفيق حار من قادة نحو 120 دولة وحكومة «إن من كانوا ينتقدون الولايات المتحدة بسبب عملها لوحدها في العالم لا يمكنهم الآن الوقوف والتفرج على الولايات المتحدة وهي تحل مشاكل العالم لوحدها». وأضاف أن «الوقت قد حان للعالم للتحرك في اتجاه جديد، وعلينا أن ندخل في حقبة جديدة من المشاركة تقوم على المصالح المتبادلة والاحترام المتبادل، ويجب أن يبدأ عملنا الآن». وشدد على أن «الخطابات المنعزلة لن تحل مشاكلنا»، قبل أن يشير إلى أن «الأمم والشعوب كانت لديها مصالح مشتركة في عام 2009 أكثر من أي وقت مضى في تاريخ الإنسانية». واعتبر أن استياء البعض مما يرونه سياسة متفردة من قبل الولايات المتحدة أدى إلى «عداء شبه تلقائي للأميركيين» ومثل في كثير من الأحيان مبررا للتقاعس الجماعي عن العمل. وخلص إلى أن «أعمالنا ليست على مستوى حجم التحديات التي نواجهها».

وكان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون قد افتتح مناقشات الجمعية العامة ودعا إلى القيام بعمل مشترك «حقيقي» لمعالجة التغير المناخي والفقر في العالم والدفع من أجل نزع الأسلحة النووية. إلا أن كل العيون كانت على أوباما، الذي خاطب الجمعية العامة لأول مرة، وتعهد بإقامة شراكة وثيقة مع الأمم المتحدة بعد الاتهامات لإدارة سلفه جورج بوش بتجاهل المنظمة الدولية. ووجه أوباما انتقادات للأمم المتحدة وقال إنه «مما يدعو إلى الحزن ولكن ليس إلى الدهشة، أن هذه المنظمة تحولت في كثير من الأوقات إلى منبر لزرع الخلاف بدلا من بناء أرضيات مشتركة». وأضاف «من السهل الحضور إلى هذا المنبر والإشارة بأصابع الاتهام والتحريض على الفرقة. لا شيء أسهل من إلقاء اللوم في مشاكلنا على الآخرين، وإخلاء أنفسنا من مسؤولية خياراتنا وأعمالنا».

وفي خطابه الطويل، استعاد أوباما كل قراراته منذ توليه السلطة في يناير (كانون الثاني) الماضي من قرار حظر تعذيب معتقلين إلى التزامه تشجيع السلام في الشرق الأوسط بين الإسرائيليين والفلسطينيين مرورا بالتزامه سحب القوات الأميركية من العراق.

وبشأن الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية، قال أوباما: «نواصل التأكيد أن الولايات المتحدة لا تقبل بشرعية مواصلة الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية». وجاءت تصريحات الرئيس الأميركي هذه بعد يوم من اللقاء الذي ضمه مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الفلسطيني محمود عباس في نيويورك دون أن يؤدي إلى نتائج. ودعا أوباما أول من أمس كلا من عباس ونتنياهو إلى بدء محادثات بهدف التوصل إلى اتفاق شامل لوقف «الحلقة المفرغة» للنزاع والمعاناة. وتطالب إدارة أوباما منذ فترة بتجميد تام للمستوطنات اليهودية في الضفة الغربية والقدس الشرقية، إلا أن إسرائيل ترفض ذلك حتى الآن. وأكد أوباما أنه «سيواصل» السعي «من أجل إحلال سلام عادل ودائم بين إسرائيل وفلسطين والعالم العربي»، مشيرا إلى «تقدم» في اللقاء الثلاثي أول من أمس. وأضاف «لقد آن الأوان لإعادة إطلاق، وبدون شروط، محادثات الوضع النهائي التي تشمل أمن الإسرائيليين والفلسطينيين والحدود واللاجئين ومدينة القدس». وتابع أوباما «الهدف واضح: دولتان تعيشان في سلام وأمن جنبا إلى جنب. دولة إسرائيل يهودية تحفظ أمن كل الإسرائيليين، ودولة فلسطينية قابلة للحياة مستقلة ومتواصلة جغرافيا مما يضع حدا للاحتلال الإسرائيلي الذي بدأ في عام 1967».

ورحبت السلطة الفلسطينية بهذه التصريحات، إذ أعلن كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات لوكالة الصحافة الفرنسية في نيويورك «نحن نقدر تصريحات الرئيس أوباما حول عدم شرعية المستوطنات وحول الدعوة لوقف الاحتلال الذي بدأ في عام 1967».

ولكن في غزة، قال طاهر النونو الناطق باسم الحكومة الفلسطينية المقالة، حسبما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية، إن «حديث الرئيس أوباما عن يهودية الدولة إسقاط لحق العودة»، مضيفا أن «خطاب أوباما أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة يؤكد أنه لا تغيير ملموسا في سياسة إدارته».

وفي ملف آخر، جدد أوباما تعهده بالعمل من أجل عالم خال من الأسلحة النووية، وقال إن جميع الدول ستكون أقل أمنا إذا تجنب بعضها عمليات التفتيش الدولية. وأضاف أن «حكومتي كوريا الشمالية وإيران، بأفعالهما حتى اليوم، تهددان بأخذ العالم إلى هذا المنحدر الخطر». وتابع أن الشهور الاثني عشر القادمة ستكون حاسمة بالنسبة إلى جهود تعزيز معاهدة حظر الانتشار النووي. وأكد أوباما أنه سيسعى للتوصل إلى اتفاق جديد مع روسيا بشأن خفض الأسلحة النووية، قبل أن يضيف أن الدول التي ترفض الوفاء بتعهداتها بشأن عدم الانتشار النووي يجب أن تواجه عواقب ذلك. وتعهد بالسعي نحو إخلاء العالم من الأسلحة النووية.