دبلوماسي غربي: حضور واشنطن المباشر في الحوار النووي يضغط على طهران

دبلوماسية أميركية محمومة في الأمم المتحدة حول إيران

TT

في أروقة الأمم المتحدة لن تتجه الأنظار إلى احتمال أن يلتقي الرئيسان الأميركي باراك أوباما والإيراني محمود أحمدي نجاد صدفة، أو أن يتبادلا مصافحة عابرة أو انحناءة رأس. فجدول أعمال الجمعية العامة وضع كلمة أوباما في بداية الجلسة الصباحية، فيما كلمة الرئيس الإيراني في نهاية الجلسة المسائية، وهي جلسة لا يتوقع أن يشارك فيها أوباما بنفسه بسبب جدول أعمال مزدحم بمقابلات رؤساء وقادة على هامش اجتماعات الجمعية العامة. لكن الوفد الأميركي سيستمع بدقة إلى كلمة الرئيس الإيراني والتي يعتقد مسؤولون بالإدارة انه فيما لا ينبغي التعويل عليها كثيرا أو أخذها كمقياس لما سيحدث في المفاوضات المستقبلية بين الطرفين، إلا أن الاستماع لها قد يعطي فكرة عما يمكن توقعه. وفيما تتجه الأنظار إلى اجتماع جنيف المقرر في 1 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل بين دول 5 +1 وإيران لبحث الملف النووي والمقترحات الإيرانية التي تم تقديمها مطلع سبتمبر (أيلول) الجاري، لا يتوقع المسؤولون الغربيون تحقيق اختراق سريع أو تقدم لافت من جولة التفاوض الأولى. إلا أن مسؤولا غربيا قريبا من التحضيرات لاجتماع جنيف قال لـ«الشرق الأوسط» انه لا أحد في دول 5 زائد 1 يريد مفاوضات طويلة مع الإيرانيين، موضحا «نحن والإيرانيون نعرف بعضنا البعض جيدا. لا نريد مباحثات تطول أطول من اللازم. نريد أن نتقدم بسرعة أكبر مما تقدمنا بها في العامين الماضيين». ويعتقد المسؤول الأوروبي أن مشاركة أميركا في المفاوضات بشكل مباشر لأول مرة يضع ضغوطا على الإيرانيين، موضحا: «كانت حجة الإيرانيين خلال العامين الماضيين أن الكثير من الحوافز التي تضمنتها سلة الحوافز الغربية لإيران تشمل حوافز أميركية وانه طالما أميركا ليست حاضرة بشكل مباشر في التفاوض، فكيف يمكن ضمان الوفاء بهذه التعهدات. أميركا ستكون حاضرة من الآن فصاعدا في المباحثات النووية ولدينا أمل أن نتحرك أسرع». وبالرغم من أن إيران عبرت خلال الأيام الماضية عن اعتقادها أن المفاوضات المقبلة مهمة بالنسبة لها وأنها تأخذها بجدية، ولا تعتبرها طريقة لإضاعة الوقت، إلا أن الدبلوماسيين الغربيين في الأمم المتحدة يتخوفون من صعوبة الحوار في جنيف إذا كان الحوار سيدور حول مقترحات 5 زائد 1 وسلة الأفكار الإيرانية. ويوضح الدبلوماسي الغربي لـ«الشرق الأوسط»: «ليس هناك الكثير من الأشياء المشتركة بين المقترحين. الأفكار الإيرانية تحتاج إلى أشهر لبلورتها في نقاط أو مبادئ محددة قابلة للنقاش، ناهيك عن التنفيذ. هناك أفكار حول العدالة في النظام العالمي والاقتصاد الدولي وإصلاح مجلس الأمن.. السؤال الذي ينبغي طرحه هو: ماذا نريد نحن من المفاوضات؟ وماذا يريد الإيرانيون؟ نحن نريد من المفاوضات هدفا أساسيا وهو التأكد من أن إيران لن تطور سلاحا نوويا. ماذا يريد الإيرانيون؟ هذه هي المشكلة. فإذا استغلوا التفاوض للحوار حول النظام الدولي فلن نصل إلى شيء». وفي إطار المشاورات الأميركية، عقدت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون أمس مباحثات على هامش اجتماعات الأمم المتحدة مع نظيريها الصيني والروسي من أجل بحث الملف الإيراني. وتقريب وجهات النظر حول مسألة العقوبات، وتوضيح الحد الأدنى الذي يمكن الاتفاق عليه في ما يتعلق بالموقف من إيران إذا فشلت المفاوضات أو تعثرت أو لم تتعاون إيران بما يكفي.

كما بحث الرئيس الأميركي باراك أوباما الملف الإيراني مع نظيره الروسي ديمتري ميدفيديف والصيني زهو جينتاو. فالتوجه في واشنطن هو أن يتم فرض عقوبات مشددة على إيران بشكل سريع إذا لم تظهر رغبة في تقديم تطمينات حول برنامجها النووي، وإذا لم تسمح لوكالة الطاقة الذرية بالتأكد من طبيعة كل الأنشطة الإيرانية، وتقدم طهران ردودا ذات معنى حول الأبحاث العسكرية المزعومة التي تقول واشنطن إن طهران أجرتها سرا في إطار شق عسكري للبرنامج النووي الإيراني. لكن بالرغم من تفهم روسيا والصين لأسباب القلق الغربي من عدم تعاون إيران مع المجتمع الدولي حول برنامجها النووي، إلا أن بكين وموسكو لا يدعمان بالضرورة عقوبات قد ينظرها مجلس الأمن خلال نحو شهرين إذا فشلت جهود التواصل مع إيران. وليس من المعروف بعد ما إذا كان المبعوث الأميركي لمحادثات جنيف مساعد وزير الخارجية وليام بيرنز سيتحدث مع مسؤول الملف النووي الإيراني سعيد جليلي بشكل ثنائي. وليست هذه هي المرة الأولى التي يلتقي فيها الطرفان، فقد التقى جليلي وبيرنز في اجتماع مماثل في جنيف عام 2008، إلا أنه لم يحدث لقاء ثنائي، كما لم يتحدث بيرنز خلال ذلك اللقاء مع جليلي، إذ كانت مشاركته بمثابة مراقب، إلا أن الأمر مختلف في اجتماع الأول من أكتوبر لأن ويليام بيرنز يحضر بصفة رسمية ممثلا عن أميركا بعدما قررت الانخراط المباشر في الحوار مع إيران. وسيكشف اجتماع أكتوبر ما إذا كان الحضور الأميركي المباشر سيسرع وتيرة التعاون أم لا. وأمام الإدارة الأميركية حتى نهاية العام كي تقرر ما إذا التفاوض مع إيران مثمر أم لا وما إذا كانت التطمينات حول الملف النووي كافية أم لا. ويقول الدبلوماسي الغربي في هذا الصدد «يمكن للإيرانيين أن يقولوا ما يرغبون فيه. ما نريده نحن كهدف فوري من المفاوضات هو أن نمنع إيران من امتلاك المعرفة والقدرات النووية العسكرية.. وأرجو أن يكونوا معنا في نفس الصفحة».