فلسطينيون قضوا العيد بين زيارة السجون الإسرائيلية والفلسطينية

اتهامات لحماس بمنع زيارة معتقلي فتح.. واحتجاز المئات منهم في سجون سرية

TT

تعود الفلسطينيون على أن يبدأوا أعيادهم بزيارة مقابر «الشهداء»، وتلك «سُنّة» يتبعها حتى القادة السياسيون في بلد مليء بقبور الضحايا، ونصبهم التذكارية، أما الذين يعتبرون أنفسهم أكثر حظا، فإنهم يقضون يوما كاملا في الطريق لزيارة أبنائهم المعتقلين في السجون الإسرائيلية، أينما وجدت، وكل ذلك ما زال يشكل لتلك العائلات مثار اعتزاز.

لكن منذ الانقسام الفلسطيني، قبل 3 أعوام، أصبح البعض مضطرا لأن يذهب لزيارة أبنائه في المعتقلات الفلسطينية، كذلك، بدل الإسرائيلية، سواء في الضفة أو في غزة، بيد أن مثل هذه الزيارات لا تبعث على الفخر بقدر ما تترك كثيرا من الألم. وتعتقل السلطة الفلسطينية المئات من أنصار حماس في الضفة الغربية، وكذلك تفعل حماس في قطاع غزة. وتدافع السلطتان عن هذه الاعتقالات باتهام المعتقلين بأنهم متورطون في قضايا أمنية. بيد أن كلا من فتح وحماس تتبادلان في الوقت نفسه الاتهامات بممارسة الاعتقال السياسي.

وبينما تمكن أهالي معتقلي حماس في الضفة من زيارة أبنائهم بشكل أفضل في العيد، لم يتمكن أهالي معتقلي فتح في غزة من ذلك، بدعوى أن السجون هناك سرية. وعلى مدار 3 أيام، كان أبو محمد يذهب كل يوم لزيارة ابنه في أحد معتقلات السلطة، في الضفة، وقال لـ«الشرق الأوسط» «سمحوا لنا في العيد بزيارته (محمد) لمدة 3 أيام من الثامنة صباحا حتى الثالثة عصرا، كانت هذه فرصة جيدة لنراه، وقضينا العيد بصحبته».

واعتقل محمد في النصف الثاني من رمضان، وهو ناشط سابق في حماس، وقال أبو محمد إنه ذهب قبل ذلك لزيارة ابنه في المعتقلات الإسرائيلية، وكانت معنوياته عاليه، بعكس ما شعر به خلال هذا العيد.

وأضاف «هناك كنت أشعر بالفخر، وهذه المرة شعرت بمرارة كبيرة، زيارة ابني في سجن إسرائيلي (بترفع الراس)، وفي سجن فلسطيني، شيء مؤلم». وتابع أبو محمد منفعلا «هناك كان متهما، ولديه تهمة واضحة، أما هنا فهو معتقل بدون تهمة».

واستغل أمجد ذلك، وذهب لزيارة بعض أقاربه المحسوبين على حماس، أما والدته فذهبت لزيارة ابنها في السجون الإسرائيلية، وقال لـ«الشرق الأوسط» «توزعنا في العيد، البعض ذهب إلى السجون الإسرائيلية والبعض إلى سجون السلطة. شيء محزن للغاية أن نقضي العيد بين سجنين».

ووصف أمجد معاملة الأمن الفلسطيني بأنها كانت جيدة، لكنه قال إن ذلك لا ينفي أنهم يعتقلون أبناء شعبهم لأسباب سياسية.

وتقول السلطة إنه لا يوجد لديها معتقلون سياسيون، وإنما تعتقل متورطين في قضايا أمنية، وقال مصدر أمني، لـ«الشرق الأوسط» «نحن لا نعتقل حسب الانتماء السياسي، فكل قيادة حماس لم تعتقل، والآلاف من أنصارها لم يستدعوا، نحن نعتقل متورطين في حيازة أسلحة والتدريب عليها ومتهمين بغسيل أموال».

وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس أمر بإطلاق سراح العشرات من معتقلي حماس بمناسبة عيد الفطر، وقبل ذلك أمر بإطلاق سراح 200 معتقل بمناسبة رمضان، ومثله فعلت حماس. لكن بعض هؤلاء، سواء في الضفة الغربية أو غزة، أخبروا بأنه يمكنهم قضاء إجازة العيد مع عائلاتهم على أن يعودوا بعد اليوم الثالث. وقال المصدر الأمني ذاته «هؤلاء لم ينته التحقيق معهم، أما من أطلق سراحه نهائيا فهم لا يشكلون خطرا».

ويقول ضباط التحقيق في الضفة إنهم لا يمارسون أساليب التعذيب ضد المعتقلين لديهم، وذلك ردا على اتهامات من حماس مفادها أن بعض أنصارها قتلوا تحت التعذيب. ويتهم هؤلاء الضباط حماس بممارسة أقسى أنواع التعذيب ضد عناصر فتح في غزة. واتهم فيصل أبو شهلا، عضو المجلس الثوري في فتح، من غزة، حكومة حماس بأنها لم تسمح لأهالي المعتقلين، من فتح، بزيارة أبنائهم في العيد. وقال لـ«لشرق الأوسط» «لدينا مئات المعتقلين من عناصر فتح، ولم يسمح بزيارتهم، ولا نعرف أين هم».

وأكد صلاح عبد العاطي، محام، مدير مكتب الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان في غزة، إن الأمن الداخلي التابع لحكومة حماس يعتقل ناشطي فتح في أماكن سرية ولا يسمح بزيارتهم.

وقال عبد العاطي لـ«الشرق الأوسط» «سمحوا للبعض قبل العيد بزيارة أبنائهم لفترة قصيرة وضمن ترتيبات صعبة، ونحن مثلا لم يسمحوا لنا بالزيارة، كما فعلوا مع آخرين».

واعتبر عبد العاطي أن حكومة حماس تخرق القانون الفلسطيني، الذي ينص على ضمان حرية زيارة المحامي لأي معتقل وقتما شاء، كما ينص على ضمان زيارة الأهل لأبنائهم في مدة لا تزيد على شهر أو بانتهاء التحقيق، بالإضافة إلى أن عدم معرفة الأهل لمكان اعتقال أبنائهم خرق آخر للقانون وحقوق الإنسان».

وقالت خلود الصرفندي، من غزة، إنها تمكنت من زيارة زوجها زياد قبل العيد بيومين، مدة عشر دقائق فقط، وهي ثاني زيارة تقوم بها له منذ اعتقاله قبل أربعة شهور، بعد أن سمحوا لها مرة أخرى بذلك في بداية رمضان فقط.