أوباما: اكتشاف الموقع الجديد يظهر عدم رغبة إيران في الالتزام بواجباتها الدولية

القادة الغربيون يلوحون بعقوبات أشد على طهران ويتهمونها بأكاذيب متكررة

TT

خطفت إيران الأضواء من الأزمة الاقتصادية في قمة العشرين التي اختتمت أمس، مع الإعلان عن موقع نووي إيراني جديد عشية اجتماعات قادة الدول العشرين. وتأجل بدء أعمال القمة، صباح أمس، ليعقد الرئيس الأميركي، باراك أوباما، ورئيس الوزراء البريطاني، غوردن براون، والرئيس الفرنسي، نيكولا ساركوزي، مؤتمرا صحافيا للإعلان عن موعد نهائي لإيران للكشف عن برنامجها النووي أمام المجتمع الدولي. وطالب القادة بإجراء وكالة الطاقة الذرية الدولية تفتيشا كاملا لمواقع إيران النووية وبشكل فوري. وأفاد مسؤولون من البيت الأبيض، أمس، بأن الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا على استعداد لفرض الضغوط الضرورية على إيران لدفعها للتعاون مع المجتمع الدولي. وكان الإعلان عن المنشأة على مسرح اجتماعات قمة العشرين واحتشاد صحافيين من حول العالم في بيتسبرغ ضمن جهود واشنطن ولندن وباريس الضغط على إيران قبل اجتماع الأول من أكتوبر. وتعتبر الدول الثلاث أن الكشف عن الخطط الإيرانية لإنشاء منشأة جديدة تعرقل من جهود طهران لتوسيع نشاطها النووي ومنعها من الحصول على أسلحة نووية مع تسليط الضوء على عملها وتفتيش الوكالة الدولية لمواقعها.

وصرح أوباما بأن الكشف عن موقع نووي إيراني جديد بالقرب من مدينة قم، تم إنشاؤه منذ سنوات «يظهر عدم رغبة إيران في الالتزام بواجباتها الدولية». وأضاف أوباما: «نتوقع من وكالة الطاقة الذرية الدولية أن تفتش المواقع»، موضحا: «كما يعلم الجميع، هذه ليست المرة الأولى التي تخفي فيها إيران معلومات حول برنامجها النووي.. وحجم وشكل هذه المعلومات غير متماشٍ مع الأهداف السلمية» للطاقة النووية.

واعتبر أوباما أن «الوقت حان لتعمل إيران فورا لإعادة ثقة المجتمع الدولي» فيها، موضحا أن الدول الدائمة العضوية وألمانيا ما زالت ملتزمة بـ«حوار ذي معنى» مع إيران. وقال أوباما إن الدول الست، التي من المرتقب أن يلتقي ممثلوها مع موفد إيراني يوم 1 من أكتوبر، تريد أن «تظهر أن القانون الدولي ليس فقط وعدا فارغا». وشدد أوباما وبراون وساركوزي، الذين وقفوا صفا واحدا في قراءة بياناتهم حول إيران، على أهمية اجتماع 1 أكتوبر المزمع عقده في جنيف. وقال القادة الثلاثة إن المعلومات الجديدة التي قدمتها الدول الثلاث إلى وكالة الطاقة الذرية تزيد من ضرورة اجتماع 1 أكتوبر، الذي اعتبر الموعد النهائي لإظهار إيران رغبتها في التعاون مع المجتمع الدولي والالتزام بقرارات مجلس الأمن. وحذر أوباما من أن «على إيران أن تظهر من خلال أفعالها التزامها (بالقانون الدولي) أو أن تكون ملزمة بموجب المستويات الدولية والقانون الدولي». وأكد مسؤولون أميركيون أن إيران ملزمة بتبليغ الوكالة الدولية للطاقة الذرية العمل على أي منشأة نووية، حتى وإن لم يتم استخدامها بعد.

وبدوره، تحدث ساركوزي عن «كل محاولات التفاوض التي مرت من دون أي نجاح»، مذكرا بأن بناء إيران منشأة نووية جديدة يشكل «خرقا مباشرا للقانون الدولي». ولفت ساركوزي إلى أن العالم يعاني من «أزمة ثقة مع إيران»، لتتفاقم هذه الأزمة مجددا. ومن أجل معالجة هذه الأزمة، قال ساركوزي إن على إيران الكشف عن كامل تفاصيل برنامجها النووي، قائلا: «يجب وضع كل شيء، كل شيء، على الطاولة»، مكررا كلمة «كل شيء». وأكد ساركوزي أن في حال فشلت إيران في تقديم تلك المعلومات، ورؤية «تغيير صلب سيكون علينا فرض العقوبات».

وكرر براون التهديد نفسه، موضحا أن «نحن لن نسمح بترك هذه القضية، ونحن مستعدون لفرض عقوبات أشد» على إيران. وأضاف براون أن إيران تقوم بـ«أكاذيب متكررة على مدار سنوات كثيرة» في تعاملها مع الملف النووي مما يستدعي الضغط على إيران للتعامل بشفافية مع الملف النووي. وحذر أوباما من أنه في حال ترفض إيران التعاون مع المجتمع الدولي «ستزيد عزلتها». واختتم براون التصريحات للصحافيين بالقول: «يجب أن تكون الرسالة للعالم واضحة: على إيران أن تتخلى عن أي طموحات عسكرية لبرنامجها النووي».

ويذكر أن الولايات المتحدة، وفرنسا، والمملكة المتحدة، قامت بجمع المعلومات حول المنشأة الإيرانية السرية، وقدمت المعلومات إلى ألمانيا، والصين، وروسيا، خلال اليومين الماضيين. وتعتبر هذه خطوة غير مسبوقة بالنسبة لتقديم الولايات المتحدة معلومات استخباراتية لروسيا والصين في ما يخص إيران، ولكن أفاد مسؤولون من البيت الأبيض تحدثوا مع مجموعة من الصحافيين، أمس، شريطة عدم ذكر اسمهم، أن أهمية المعلومات والتعامل بشكل جماعي مع إيران جعل من الضروري الكشف عن هذه المعلومات.

وأكد مسؤولون بأن المعلومات حول المنشأة قدمت للروس هذا الأسبوع، وقد بحث أوباما مع نظيره الروسي ديمتري ميدفيديف هذه القضية خلال اجتماعهم الثنائي في نيويورك. وبينما تم إعلام ميدفيديف بوجود المنشأة النووية خلال اجتماع، أول من أمس، في نيويورك، لم يتم تقديم المعلومات إلى الرئيس الصيني جينتاو هو. وكان مسؤولون أميركيون يتشاورون مع نظرائهم في بيتسبرغ، مساء أول أمس، ويوم أمس، حول هذه المعلومات وطريقة التعامل مع إيران. وأضاف مسؤولون أميركيون أن المجتمع الدولي أكثر اتحادا من أي وقت مضى حول إيران، وأن في المرحلة الحالية ستشهد انتظار تحقيق وكالة الطاقة الذرية الدولية. ويذكر أن إسرائيل على علم بالمنشأة الجديدة ولكن امتنع المسؤولون الأميركيون عن الخوض في تفاصيل التشاور مع إسرائيل حول هذه القضية. ورفض البيت الأبيض توضيح من هي الدولة الأولى، من بين الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، وفرنسا، التي كشفت عن المنشأة، مشددا على أن الدول الثلاث تعاونوا في الحصول على تلك المعلومات التي تعود إلى ما فترة ما قبل 2007.

* معلومات حول تخصيب اليورانيوم

* أوضحت إيران في رسالتها إلى وكالة الطاقة يوم الاثنين، أن التخصيب في المنشأة الجديدة لن يتجاوز نسبة 5%، في حين يلزم 90% من اليورانيوم 235 (القابل للانشطار النووي) لتصنيع سلاح ذري. واليورانيوم الطبيعي مؤلف من 99.3% من اليورانيوم 238 (غير القابل للانشطار النووي). ولا يمثل الجزء القابل للانشطار النووي، أي اليورانيوم 235، سوى 0.7% من المعدن في حالته الطبيعية. وبهدف تصنيع محروقات لمحطة نووية، يتعين تحويل اليورانيوم أولا إلى «هكزوفلورايد اليورانيوم» (يو إف 6) (سادس فلورايد اليورانيوم) ثم تخصيبه في أجهزة طرد مركزي، مما يسمح برفع معدل اليورانيوم 235 إلى ما بين 3 و5%.

وبحسب اتيان بوشون، مدير الأمن ومنع الانتشار النووي في مفوضية الطاقة الذرية، فإنه ينبغي عندئذ «إعادة تحويل (هكزوفلورايد اليورانيوم) إلى (أوكسيد اليورانيوم)، (آي يو أو 2)، الذي يضغط إلى أقراص يتم إدخالها في أنابيب مجموعة ضمن رزم، وموضوعة داخل مفاعل». وكانت إيران أعلنت في أبريل (نيسان) أنها تجاوزت هذه المرحلة مع تدشين مصنع أصفهان، حيث كانت تنتج مادة «يو إف 6». وأعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية في نهاية أغسطس (آب) أن إيران نصبت 8308 أجهزة طرد مركزي، أي بزيادة ألف جهاز عما كان عليه العدد في يونيو (حزيران). لكن الوكالة الذرية أضافت أن 4592 جهاز طرد مركزي فقط، تعمل مقابل 4920 في يونيو. وأعلنت إيران الثلاثاء أن لديها جيلا جديدا من أجهزة الطرد المركزي أفضل أداء. ويتطلب تصنيع قنبلة ذرية وقودا مؤلفا حتى 90% من اليورانيوم 235 القابل للانشطار النووي.

وأعلن بوشون في أبريل الماضي: «إذا قررت إيران جعل التخصيب عند 20% أو 90% في وقت لاحق، فسنرى ذلك. وفي منشأة هناك آثار صغيرة». وأكد هذا الاختصاصي أن «الوكالة الدولية للطاقة الذرية تمتلك حق العبور كل 15 يوما إلى (مصنع التخصيب) في نطنز. وسيكشف تحليل الآثار الصغيرة تخصيبا بمعدل أعلى».

من جهة أخرى، أعلن الرئيس الإيراني، محمود أحمدي نجاد، الخميس، للصحافة الأميركية أن بلاده قد تشتري اليورانيوم المخصب لأغراض طبية من الولايات المتحدة. وإنتاج النظير المشع ذي الاستخدام الطبي أو الصناعي في مفاعل الأبحاث الإيراني الذي يعمل بالمياه الثقيلة في اراك، يقلق الغربيين لأنه قد يتحول، بعد إجراء تعديلات طفيفة، إلى إنتاج البلوتونيوم ذي الاستخدام العسكري.