مسؤولون أميركيون: قضية سائق في دنفر الأكثر خطورة منذ الهجمات الإرهابية

مهاجر شرعي من أفغانستان اشترى مواد كيميائية تستخدم في عمل قنابل

TT

منذ الهجمات الإرهابية التي وقعت في الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) 2001، أعلن مسؤولون حكوميون بارزون عن العشرات من قضايا الإرهاب، تبين من فحص دقيق لها أنها لا تتضمن تهديدات حقيقية كما كان متوقعا. لكن تشير الأدلة المتراكمة ضد سائق بمطار في دنفر إلى أن قضيته ربما تكون مختلفة، ويقول بعض المحققين، إن قضيته ربما الأكثر خطورة منذ أعوام. وتقول الوثائق التي رفعت أمام محكمة ببروكلين ضد السائق نجيب الله زازي، إنه اشترى مواد كيميائية تستخدم في عمل قنابل، حيث اشترى بروكسيد هيدروجين وانسيتون وأسيد هيدروكلوريك، وأنه كان يقوم بخطوة هامة قام بها أشخاص آخرون قلة اشتبه في ضلوعهم في أعمال إرهابية. وإذا تم تصديق المزاعم الحكومية فإن زازي، وهو مهاجر شرعي من أفغانستان، كان يجهز بحرص لهجوم إرهابي. وقد حضر زازي في معسكر تدريب تابع للقاعدة في باكستان وتدرب على استخدام المتفجرات، واحتفظ على جهاز كومبيوتر محمول بتسع صفحات تتضمن إرشادات حول صنع القنابل من نفس نوعية المواد التي اشتراها. وعلى الرغم من أن الكثير من الحقائق الهامة لا تزال غير معروفة، فإن هذه المزاعم وحدها سوف تجعل زازي مختلفا عن جميع الآخرين داخل الولايات المتحدة الذين اتهموا في قضايا إرهاب خلال الأعوام الأخيرة. ففي الكثير من الحالات كان يبدو المتهمون شبابا يحدوهم الحماس وتثيرهم خطب أسامة بن لادن أو مساعديه. وكان البعض خطرين ويتصرفون عن قصد، فيما كان عدد قليل ساخطين من دون مهارات مهنية أو تنظيمية أو من دون تمويل يجعلهم يمثلون تهديدا. وفي بعض الحالات، كان هناك دور لمخبرين أو عملاء سريين تعهدوا بتقديم السلاح أو شاركوا في جزء من التخطيط. وفي قضيتين غير ذي صلة بزازي أعلنت التهم فيهما يوم الخميس كان هناك دور كبير لعملاء سريين. وتقول كارن غرينبرغ، المديرة التنفيذية لمركز القانون والأمن في كلية القانون بجامعة نيويورك، إن قضية زازي «تبدو في الواقع مثل القضية التي تزعم الحكومة أنها لم تقم بمثلها أبدا». ويذكر أن مركزها قام بدراسة جميع الدعاوى القضائية الخاصة بجرائم ذات صلة بالإرهاب منذ 2001، وتقول، إن الكثير منها تبين أنها «قضايا وهمية» كان التهديد الذي تضمنه متواضعا أو غير موجود. وتضيف غرينبرغ، أنه في هذه المرة «تعد المكونات مروعة إلى حد ما» ولم تتضمن بيانات الحكومة الكلام المنمق والمبالغة التي صحبت بعض الإعلانات السابقة عن عمليات مداهمة. ويقول جاريت برتشمان، مؤلف كتاب «الجهادية العالمية» ومستشار الحكومة المختص بشؤون الإرهاب، إن بعض التفاصيل، مثل من هم الأشخاص الذين قاموا بتدريب زازي في باكستان، غير معروفة. لكنه قال، إن القضية «تعد من أخطر المؤامرات التي حيكت لتنفيذ هجوم إرهابي داخل الولايات المتحدة»، حيث انها تشبه هجمات النقل العام في لندن خلال يوليو (تموز) 2005. ويقول الدكتور براتشمان: «أنت لا تصنع متفجرات كيميائية محليا ما لم تكن تسعى إلى قتل مواطنين وإلى تدمير بنية تحتية»، في إشارة إلى مجموعة من المواد الكيميائية التي يقال إنها ضمن مؤامرة زازي. وفي بعض التحقيقات السابقة، عثر مسؤولون فيدراليون على ما كان ينظر إليه على نطاق واسع على أنها قضايا هامشية في محاولة واضحة لإظهار النتائج وتبرير الإجراءات العدائية التي تتخذ في إطار الحملة ضد الإرهاب. ونتيجة لذلك، أصبحت هناك شكوك لدى أشخاص داخل وخارج الحكومة بخصوص التأكيد على أن أي مجموعة معينة من المتهمين يمثلون خطرا كبيرا. ويقر بعض المحققين في قضايا الإرهاب، الذين يرون أن قضية زازي قضية ذات مغزى كبير، على أن بعض الحقائق الهامة لا تزال غير معروفة، فمن غير الواضح ما إذا كان زازي قد اختار هدفا أو وقتا للقيام بتفجير أو هل استعان بآخرين وطلب مساعدتهم. وعلاوة على ذلك، لا يفهم بالكامل ما إذا كان قد صنع قنبلة، حسب ما قاله مسؤولون على اطلاع بالقضية. ومن غير المعروف لماذا بعد شراء العديد من المتفجرات في كولورادو، انتقل زازي إلى نيويورك من دون مواد كيميائية أو معدات. وقد كان لبعض العملاء الإرهابيين السابقين الذين ألقي القبض عليهم بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) علاقات مباشرة مع تنظيم القاعدة وخالد شيخ محمد، الذي يعد المخطط الرئيس لهجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول). لكن، خلال الأعوام الأخيرة، تضمنت المؤامرات التي أحبطت أشخاصا غير ذوي خبرة ينظر إليهم على أنهم غير قادرين على تنفيذ هجوم كبير. وفي بعض القضايا، كان يلعب دور القاعدة مخبر أو عميل سري لوكالة الاستخبارات الفيدرالية يبدو أنه كان يشجع على القيام بالمؤامرات. وعلى سبيل المثال، اتهم مدعون في ولاية إلينوي رجلا يبلغ من العمر 29 بمحاولة قتل موظفين فيدراليين عن طريق تفجير سيارة داخل المبنى الفيدرالي في سبيرغفيلد. وحاول أن ينفذ الهجوم في صحبة ضابط سري في مكتب التحقيقات الفيدرالي، حسب ما أفادت به وثائق قانونية حكومية. وقدم مكتب التحقيقات الفيدرالي السيارة ووضع داخلها أداة تفجير زائفة. وفي قضية أخرى تم الكشف عنها يوم الخميس، ألقى عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي بولاية تكساس القبض على مهاجر غير شرعي يبلغ من العمر 19 عاما من الأردن واتهمته بمحاولة تفجير برج مكتبي به 60 طابقا في دالاس. ومرة أخرى ظهر العملاء السريّون التابعون لمكتب التحقيقات الفيدرالي كأعضاء بخلية نائمة تتبع تنظيم القاعدة يتقابلون مع الرجل لمدة أشهر ويقدمون سيارة فورد إكسبلورر بها مادة غير فعالة تشبه قنبلة. وفي عام 2006، أمد مخبر مجموعة من الرجال القادمين من هايتي بميامي الذين تحدثوا عن محاولة للهجوم على برج سيرز بشيكاغو بأموال وكاميرات فيديو وأحذية. ولم تفلح المحاولتان الأول لمحاكمة الرجال، لكن أدين الرجال الخمسة في مايو (أيار) في القضية بعد محاكمة ثالثة. ويقول مسؤولون بمكتب التحقيقات الفيدرالي، إن مثل هذه القضايا متطلع إليها وليس عملية. لكن يشيرون إلى أنه إذا تم فهم خاطفي الطائرات في الحادي عشر من سبتمبر (أيلول)، الذين كان البعض منهم أفرادا جددا غير ذي خبرة وصلوا أخيرا إلى الولايات المتحدة، في وقت مبكر ربما كان ينظر إليهم على أنهم هواة، ويمكن أن يحولوا الطائرات إلى صواريخ بعيدة المنال.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ «الشرق الأوسط»