الحريري يسأل النواب في الاستشارات النيابية: أي وطن نريد قبل أن نبحث أي حكومة نريد؟

حزب الله لا يريد «تضييع الوقت» ويرفض انطلاق مساعي الرئيس المكلف من الصفر

رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري لدى لقائه النائب سليمان فرنجية والوفد المرافق له في مقر البرلمان (تصوير: دالاتي ونهرا)
TT

واصل الرئيس المكلف تأليف الحكومة اللبنانية سعد الحريري، استشاراته النيابية غير الملزمة حول شكل الحكومة التي لم تدخل في عمق «التفاصيل» الحكومية، كما أكد بعض من التقاهم الحريري أمس، علما أن هذه الاستشارات التي تعتبر الأطول في تاريخ لبنان، سوف تتوقف اليوم على أن يستأنفها يومي غد وبعد غد.

ولم تخرج الاستشارات في يومها الثالث عن أجواء «الانفتاح» التي يعتمدها الرئيس المكلف وإصغائه باهتمام لما أدلى به النواب أمامه وتدوين ملاحظاته. وعلمت «الشرق الأوسط» أن الرئيس المكلف سيعقد اجتماعات لاحقة مع رؤساء الكتل النيابية قبل استئناف استشاراته لبحث ما قالت مصادر شاركت في اللقاءات «الهواجس التي طرحت والتي تخطت مسألة شكل الحكومة إلى كل المواضيع والقضايا والمشكلات التي تعاني منها البلاد والعباد، من أزمة الثقة إلى أزمة النظام والتصور حول «كيفية الشراكة الحقيقية» وكيفية إدارة البلاد إلى اللامركزية الإدارية وقانون الانتخاب إلى مشكلة المديونية العامة، فضلا عن معالجة موضوع سلاح حزب الله، والسلاح الفلسطيني داخل وخارج المخيمات».

وكان الحريري استأنف استشاراته، فالتقى وفد كتلة نواب «وحدة الجبل» المعارضة التي ضمت الوزير طلال أرسلان الذي أشار إلى أن الرئيس الحريري طرح مواضيع أساسية عدة تتعلق بهذا الموضوع، تتعلق باتجاه البلد وباتجاه أي بلد نريد وأي وطن نريد قبل أن نبحث عن أي حكومة نريد، وبكيفية مقاربة هذه المواضيع، التي منها العدوان الإسرائيلي والتعديات الإسرائيلية على لبنان، وكيفية مواجهتها، إلى موضوع تشكيل الحكومة بتفاصيلها، إلى مسألة تتعلق ببعض بنود الدستور وتطبيقه»، وقال: «نحن كان موقفنا واضحا وصريحا ككتلة وحدة الجبل وأبلغنا الرئيس المكلف أن هذه المواضيع بهذا الحجم مطلوب طرحها في الحكومة المقبلة، ولأن لبنان ما زال يتعرض يوميا للتهديدات الإسرائيلية اليومية على أرضه ومياهه وجوه وعلى بناه التحتية لأن هذه المواضيع مجموعة تتطلب وحدة، تتطلب حكومة وحدة وطنية وشراكة حقيقية مثلما كان موقفنا في الاستشارات الماضية الأولى، تتطلب انفتاحا على الجميع، تتطلب ألا يكون لدينا فيتو على أحد، على أي شخصية لبنانية سياسية، المطلوب ضم كل اللبنانيين إلى حكومة وحدة وطنية أساسية، لمواجهة كل هذه الأخطار، وكل هذه التساؤلات التي يمكن أن تواجهنا في المرحلة المقبلة». وإذ أوضح أن الحريري لم يتكلم في صيغة تقاسم الحكومة بين المعارضة والموالاة ورئيس الجمهورية، قال أرسلان «إن انفتاح الرئيس المكلف على الحوار مع الكتل النيابية كافة في هذا الشكل مريح ويعطي مقاربة أفضل لحوار دائم بين كل الكتل النيابية وبين اللبنانيين والرئيس المكلف». ثم استقبل الرئيس المكلف وفد كتلة نواب «لبنان الحر الموحد» برئاسة النائب سليمان فرنجية الذي أكد أنه حتى إذا حصل الاتفاق السوري ـ السعودي الـ«س ـ س» فالمعارضة لديها مطالب وهي لن تتراجع عن مواقفها. ولفت إلى أنه لمس في اللقاء أن خطوة حكومة الوفاق الوطني مرغوبة من الحريري، معتبرا أن موضوع الحقائب يجب أن يسير خطوة خطوة والأشخاص كذلك «وأهم شيء لمسنا نية حوار ونقاش مع كل كتلة على حدة، ولم يكن هناك أي نية مضيعة للوقت»، مجددا التشديد على موقفه بأنه لا يريد وزراء من دون حقيبة، لافتا إلى أن هذا الموضوع لم نناقشه مع الحريري ولكن نتكلم حوله مع حلفائنا. وعن صيغة «15+10+5»، قال فرنجية: «لم نبحث في الصيغة بل في مبدأ حكومة وفاق وطني، كانت هناك عقبات موجودة في المرة الماضية خاصة عند التيار «الوطني الحر» نحن إلى جانبه وإذا تخطينا هذه العقبات ستسير الأمور وإذا لم نتخطاها لن تسير الأمور». إلى ذلك رأى وزير الدولة وائل أبو فاعور المقرب من النائب وليد جنبلاط «أن الرئيس المكلف أطلق أسلوبا جديدا في الاستشارات النيابية وأخرجها من الطابع البروتوكولي وفتح المجال لنقاش جدي، ما يؤدي إلى الوصول إلى مساحة لالتقاء اللبنانيين». وشدد على «أن ما يحصل ليس بديلا من طاولة الحوار التي تحتاج إلى إعادة صياغة وترتيب»، ولفت إلى «أن لا مصلحة في وضع الحوار الذي يقوده الحريري مقابل طاولة الحوار، لأن زيادة المساحات الحوارية تزيد من إمكانيات التوافق». ووصف معادلة 15 ـ 10 ـ 5 بـ«صيغة أفضل الممكن وبالمعادلة الثابتة التي يجب التعامل معها كمكسب لأنها لصالح الجميع، وما من صيغة أفضل». وأكد «أن نقاش رئيس المجلس النيابي نبيه بري، والنائب وليد جنبلاط، لتسهيل تشكيل الحكومة»، وأشار إلى «أن ما نحاول القيام به هو إيجاد الدفع الداخلي اللبناني المرافق للـ«س ـ س» ليس على قاعدة تخلينا عن الحريري، ولا تخلي بري عن حلفائه في «8 آذار»، معتبرا «أن ما يقوم به بري وجنبلاط سيساعد رئيس الحكومة المكلف في تشكيل الحكومة»، مشددا على «أن لا أحد خصوصا جنبلاط يود فرض أي شيء على الرئيس المكلف». وأعلن رئيس حزب الكتائب الرئيس أمين الجميل، أن «كتلة نواب الكتائب لم تثر مع الرئيس المكلف أمس موضوع الأسماء ولا موضوع الحقائب، إنما حرصت على تذكير الرئيس المكلف بضرورة أن يكون التمثيل الكتائبي في أي تشكيل حكومي مقبل أساسيا وفاعلا ووازنا نظرا إلى الدور الوطني الذي تضطلع به الكتائب من جهة، وانتشارها على الأراضي اللبنانية. وعن صيغة 15 ـ 10 ـ 5 قال: «منذ البداية لم نشجع المعادلات التي حكي عنها، لكن إذا اقتضت التطورات تسوية من هذا النوع لن نمانع، إذ لدينا ثقة بالحريري، لكن لا يمكن القول إن هناك حكومة تكنوقراط لأن الجميع مسيس في لبنان. نريد حكومة موحدة حول بيان وزاري واضح، وليس لدينا مانع في حال وصولنا إلى حائط مسدود الوصول إلى حكومة إنقاذ وطني». وأبدى رئيس كتلة نواب حزب الله النائب محمد رعد، «الإصرار على حكومة وحدة وطنية تتحقق فيها الشراكة على قاعدة 15 ـ 10 ـ 5 التي بذلنا جهدا ووقتا من أجل التوافق عليها ولاقت ترحيبا من كل أوساط اللبنانيين». وقال: «لا يجدر بنا أن نهدر الوقت والجهد ونعود وننطلق من الصفر، بل علينا أن نبدأ من حيث انتهينا، وأن نتعاون مع بعضنا من أجل إعادة ترسيم الحقائب والأسماء».