الألمان يتجهون إلى التجديد لميركل.. والأنظار على طبيعة الائتلاف الحكومي المقبل

5 أحزاب تتنافس على 62 مليون صوت وتتباين حول الاقتصاد ودور الجيش وكاميرات المراقبة

TT

يتوجه الألمان إلى صناديق الاقتراع اليوم للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات التشريعية. وفيما ترجح نتائج الاستطلاع بقوة فوز الحزب الديمقراطي المسيحي، بقيادة المستشارة انجيلا ميركل، فإنها تتأرجح بشأن الأحزاب الاخرى، وبالتالي بشأن التحالف الحكومي الذي سينبثق عن الاقتراع. وتشير الاستطلاعات إلى تقارب معسكر المسيحيين والليبراليين، مع معسكر الاشتراكيين والخضر.

ويتقدم الحزب الديمقراطي المسيحي، بقيادة ميركل، بفارق 8 نقاط على منافسه الديمقراطي الاشتراكي، الأمر الذي يعني أن ميركل ستحتفظ بمنصبها لدورة ثانية. ويجمع المراقبون السياسيون على أن وزير الخارجية الاشتراكي فرانك فالتر شتاينماير لا حظ له في منافسة المستشارة من معسكر المحافظين، لكن أمله كبير في الاحتفاظ بمنصبه في حال العودة إلى خيار التحالف العريض بين الحزبين الرئيسيين.

ويتنافس على حيازة أصوات الناخبين (62.2 دعوا الى الاقتراع) 27 حزبا من مختلف الاتجاهات، إلا أن الأحزاب المؤهلة لتجاوز حاجز الـ5%، وبالتالي الصعود إلى البرلمان، هي 5 أحزاب فقط، وهي التحالف المسيحي بين الحزب الديمقراطي المسيحي وشقيقه البافاري الاتحاد الاجتماعي المسيحي، والحزب الديمقراطي الاشتراكي، والحزب الديمقراطي الحر (الليبرالي)، وحزب الخضر، وحزب اليسار. وكان صعود حزب اليسار، القوة الخامسة في البرلمان، العامل الحاسم الذي أدى إلى ترجيح شكل التحالف العريض بعد أن سرق نسبة 8% من الاصوات في الانتخابات السابقة، وأخل بأغلبية التحالف التقليدية السابقة بين المحافظين والليبراليين أو بين الاشتراكيين والخضر.

وعبر الحزب الليبرالي، على لسان زعيمه جيدو فيستر فيللة، عن رفضه التحالف مع الاشتراكي والخضر لتشكيل حكومة. كما رفض حزب الخضر الدخول في تحالف مع المحافظين والليبراليين لتشكيل حكومة، ورفض الحزب الاشتراكي سلفا التعامل مع منافسه الحزب اليساري الذي يتزعمه الاشتراكي المنشق اوسكار لافونتين. ولا يبقى، في ظل التقديرات الأخيرة، التي اعلنت قبل يومين من الانتخابات، غير خيار التحالف العريض أو تحالف المحافظين مع الليبراليين.

ويخوض التحالف المسيحي الانتخابات بشعارات تركز على تحسين الوضع الاقتصادي للخروج من الأزمة الاقتصادية وتحسين البيئة، فالمستشارة ميركل تخاطب جمهور حماة البيئة بشعارات تقترب من شعارات حزب الخضر وتدعو إلى رفع حصة الطاقة البديلة حتى عام 2020 إلى 30% من مجموع الطاقة المستهلكة في ألمانيا. وإذ يتعهد الحزب بخفض إطلاق ثاني أوكسيد الكربون بنسبة 40% حتى عام 2020 فإنه يرفض تحديد سقف زمني لغلق المفاعلات النووية. ويرى البرنامج خفض ضريبة الدخل من 14% إلى 12% وفرض الضريبة القصوى 43% على المداخيل التي تزيد عن 60 ألف يورو في السنة.

ويخطط الحزب في المرحلة القادمة لتعزيز وتجهيز قوى الأمن الداخلي، واستخدام الجيش في فرض الأمن الداخلي ضد الإرهاب، وتسهيل رقابة الكاميرات على الحياة اليومية ومنح قوى الأمن تراخيص اختراق الشبكات والصفحات الإلكترونية. ويرى في السياسة الخارجية مواصلة اشراك الجيش في المهمات الدولية الخارجية وتشديد الحرب ضد القرصنة.

من ناحيته يدعو الحزب الديمقراطي الاشتراكي إلى التخلي تماما عن الطاقة النووية حتى 2021 وعدم تمديد إجازات عمل المفاعلات النووية القديمة. ويرفع الحزب حاجز الطاقة البديلة بنسبة 10% عن المحافظين، مطالبا بطاقة بديلة تشكل 50% من مجموع الطاقة المستهلكة حتى 2030. كما يزايد الحزب على خطط المحافظين لخفض الضرائب فيدعو إلى خفض ضريبة الدخل إلى 10% وفرض ضريبة قصوى قدرها 47% على ذوي الدخول التي تتجاوز 125 ألف يورو في السنة.

ويرفض الاشتراكيون الإجراءات المتشددة التي تفرض «حكما رقابيا» على الشعب باسم محاربة الإرهاب. ويدعون إلى إبعاد الجيش عن الشأن الداخلي واستبدال الخدمة العسكرية الإلزامية بالجيش المحترف. ويطالب الحزب بمنع «الحزب القومي الألماني» اليميني المتطرف ووضع قانون متشدد ضد حيازة وبيع الأسلحة. ويبدو برنامج الحزب الاشتراكي جذابا في الناحية الاجتماعية لأنه يطالب برفع الحد الأدنى للأجور، ورفع مخصصات رعاية الأطفال، وتخفيف العبء الضريبي على العاطلين وإشراك شركات التأمين الصحي الخاصة ماليا في دعم شركات التأمين الرسمية.

وينص البرنامج البيئي الليبرالي على ضرورة فرض ضريبة إضافية بنسبة 7% على مصادر الطاقة التقليدية، واستمرار المحطات النووية في العمل كمرحلة انتقالية إلى مجتمع الطاقة البديلة، وفرض شروط بيئية على المفاعلات العاملة بالفحم. ويرى الحزب فرض ضريبة الدخل على ثلاثة مستويات، 10% على الدخول التي تزيد عن 20 ألفا سنويا، و25% على الدخول أقل من 50 ألفا، و35% على الدخول ما فوق 50 ألفا. ويتفق الليبراليون مع الاشتراكيين في رفض تعميم إجراءات الرقابة باسم الحرب ضد الإرهاب ويدعون الولايات المتحدة إلى سحب كافة أسلحتها النووية من ألمانيا.

وانطلاقا من مبادئ حماية البيئة التي يؤمن بها حزب الخضر فإنه يدعو إلى تسجيل«حماية الطقس» في الدستور الألماني. ويدعو الخضر إلى اغلاق كافة المفاعلات النووية والفحمية فورا والتحول تدريجيا إلى الطاقة البديلة، وتقليل إطلاق غاز ثاني أوكسيد الكربون بنسبة 40% حتى 2020. وحسب وجهة نظر حماة البيئة ينبغي فرض الضرائب بنسبة 45% على الأثرياء من دخول تتجاوز 80 ألف يورو في السنة، ورفع ضريبة الميراث وتقليل الاستقطاعات من العاطلين ومتلقي المساعدات الاجتماعية. ويرفض الخضر في السياسة الداخلية استخدام الجيش في الشأن الداخلي، ويحبذون تشكيل جيش وطني من المتطوعين ويرفضون تشديد إجراءات الرقابة باسم الحرب على الإرهاب. ويدعون في السياسة الخارجية إلى زيادة دور ألمانيا المدني في أفغانستان وسحب القوات العسكرية من هناك بالتدريج.

وبرأي اوسكار لافونتين، زعيم حزب اليسار، أن من الضرورة توسيع مصادر الطاقة البديلة إلى أقصى حد مع توظيف 2,5 مليار يورو إضافية في السكك الحديد، تشجيعا للناس على التخلي عن السيارات الملوثة للبيئة. ويدعو الحزب إلى تأميم شركات انتاج الطاقة وسد المفاعلات النووية في الحال. وهو الحزب الوحيد الذي يطرح ضرورة تحديد السرعة على الطرقات السريعة، وهو المقترح الذي تقف ضده شركات السيارات الكبرى.

ويدعو الحزب إلى تقليل الضرائب على الفقراء ورفعها إلى 53% على ذوي الدخول العالية. فرض ضريبة عقار إضافية وضرائب على البورصة وزيادة ضرائب الميراث. ويشير البرنامج الانتخابي إلى ضرورة الغاء التجنيد الإلزامي وحل أجهزة المخابرات الخارجية. ويدعو البرنامج إلى الانسحاب من أفغانستان وخروج ألمانيا من حلف شمال الأطلسي.