إيران تختبر صاروخا يصل مداه لإسرائيل.. وواشنطن تهدد بعقوبات قاسية وطويلة الأمد

وزير الدفاع الأميركي: لا يوجد خيار عسكري.. والتمرد بين الشباب وداخل القيادة الإيرانية سيستمر ويضعف النظام

صورة وزعتها وكالة فارس الإيرانية لعملية إطلاق صاروخ قصير المدى أجرته قوات الحرس الثوري أمس بالقرب من مدينة قم (أ.ف ب)
TT

تستعد إيران اليوم لاختبار صاروخ يقول خبراء دفاع إن مداه يمكن أن يصل إلى إسرائيل والقواعد الأميركية في منطقة الخليج، في اليوم الثاني من المناورات الصاروخية التي بدأها الحرس الثوري الإيراني أمس، باختبار 5 صواريخ قصيرة المدى، في محاولة لإظهار استعداده للرد على أي تهديد عسكري، قبل أيام من موعد الخميس، حيث تجري محادثات نادرة في جنيف مع القوى العالمية الكبرى القلقة من طموحات طهران النووية. وتتزامن المناورات مع تزايد التوتر في النزاع النووي بين إيران والغرب، بعد أن كشفت طهران الجمعة الماضي أنها تبني منشأة ثانية لتخصيب اليورانيوم. وقال وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس، إن اكتشاف المصنع النووي السري في إيران يمكن أن يكون سببا في فرض المزيد من العقوبات الاقتصادية القاسية طويلة الأمد، لكنه قلل من احتمال ضربة عسكرية على الموقع، في وقت تظهر فيه انقسامات في صفوف القيادة الإيرانية وتمرد بين الشباب.

وأعلن قائد سلاح الجو في الحرس الثوري الإيراني الجنرال حسين سلامي، أن إيران ستقوم اليوم بإطلاق صواريخ شهاب بعيدة المدى في إطار مناوراتها العسكرية، مشيرا إلى إطلاق 5 صواريخ أمس، هي «زلزال، وتوندار، وفاتح ـ 110 (قصيرة المدى ويصل مداها ثلاثة ما بين 150 و200 كلم.. وتعمل بالوقود الصلب)، وشهاب ـ 1 وشهاب ـ 2 (متوسطة المدى)»، وأكد أن قواته ستطلق اليوم صواريخ شهاب 3 بعيدة المدى.

وأضاف المسؤول العسكري الإيراني أن الحرس الثوري أجرى تجربة على «منصة صواريخ متعددة لأول مرة»، إلا أنه لم يدل بمزيد من التفاصيل. ووصف سلامي المناورات الصاروخية بأنها «مؤشر» على أن «إرادة إيران القوية للدفاع عن مبادئنا وأهدافنا». وأوضح «لقد رفعنا مستوى دقة صواريخنا.. ونأمل في أن تساهم هذه التجارب الصاروخية في قدراتنا الردعية والدفاعية». وأكد سلامي أن الحرس الثوري لن يطلب أي أنواع جديدة من الصواريخ خلال المناورات التي يتوقع أن تستمر عدة أيام، إلا أنه أضاف أن إيران «رفعت عدد الصواريخ ويمكنها احتواء نزاعات تستخدم فيها صواريخ بعيدة المدى». وقال الجنرال سلامي إن قوة النيران الصاروخية الإيرانية «تعطينا إمكانية مواجهة أي نوع من التهديد بردع دفاعي دائم». وأضاف «الرسالة التي نريد أن نبعث بها لبعض الدول المتسلطة التي تعتزم نشر الخوف عبر هذه المناورة هي أننا قادرون على الخروج برد متناسب على عدائهم يتسم بالسرعة والدقة الفائقين».

وفي واشنطن قال روبرت غيتس، وزير الدفاع الأميركي، إن اكتشاف المصنع النووي السري في إيران يمكن أن يكون سببا في فرض المزيد من العقوبات الاقتصادية، لكنه قلل من احتمال توجيه ضربة عسكرية على الموقع.

وقال في مقابلة مع تلفزيون «اي بي سي» الأميركي أمس إن العقوبات ستؤثر كثيرا «خلال ما بين سنة وثلاث سنوات»، وركز على أهمية الاجتماع القادم في جنيف الخميس المقبل، لمعرفة وجهة النظر الإيرانية الرسمية. وقال «سيكون مهما جدا أن تقنع الدول الكبرى إيران بأن جهودها للحصول على أسلحة نووية يهدد أمن هذه الدول». وقال غيتس، أيضا أمس، في مقابلة مع تلفزيون «سي إن إن»: «الحقيقة هي أنه لا يوجد خيار عسكري يفعل أي شيء غير كسب الوقت». وأضاف أن القوة العسكرية هي لكسب الوقت فقط ولكنها لن تقنع الإيرانيين بالتخلي عن سعيهم لامتلاك أسلحة نووية. وتابع «الآن، يجد الإيرانيون أنفسهم في وضع سيئ بسبب الخدعة التي مارسوها فيما يهم الدول الكبرى. وتوجد، في وضوح، فرصة عقوبات إضافية قاسية».

وفي إجابة عن سؤال عن إمكانية استخدام الصين للفيتو لمنع مجلس الأمن من فرض عقوبات إضافية على إيران، وذلك بسبب اعتمادها على نفط إيران، قال غيتس: «مشاركة الصين ضرورية جدا». وركز غيتس على العقوبات، وقال إنها تقدر على تغيير سياسة إيران النووية، وذلك لأن إيران، فعلا، تواجهه عقوبات كثيرة منذ سنوات طويلة. وربط ذلك بالمظاهرات والاضطرابات أخيرا في إيران. وقال إنها لم تنته، وإنها تستمر تشتعل «على نار هادئة». وإن نسبة العطالة في إيران وصلت إلى 40% وسط الشباب. وقال: «صار واضحا بعد الانتخابات أن هناك تمردا في المجتمع الإيراني وفي السياسة الإيرانية، بل وربما حتى في القيادة. بصراحة، هذا واحد من الأسباب التي تجعلني أقول إن مزيدا من العقوبات الاقتصادية يقدر على أحداث آثار حقيقية». وأضاف: «نشاهد تغييرات أو انقسامات في القيادة الإيرانية لم نر مثلها خلال الثلاثين سنة منذ الثورة».

من جهتها قالت هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأميركية إن إيران يجب أن تقدم «أدلة مقنعة» في اجتماع الخميس مع الدول الكبرى. وقالت في مقابلة بثتها شبكة «سي.بي.إس»، أمس، «سنضعهم تحت الاختبار في الأول من أكتوبر». وأضافت «يمكنهم فتح نظامهم بالكامل للفحص الموسع الذي تقتضيه الحقائق».

من جهته حذر مسؤول إيراني من أن «الجلبة الغربية المصطنعة» بشأن منشأة ثانية لتخصيب اليورانيوم في الجمهورية الإسلامية ستؤثر بالسلب على المحادثات التي تريد خلالها القوى الست من إيران أن توافق على فتح منشآتها أمام التفتيش لإثبات أن برنامجها يهدف إلى إنتاج الطاقة لا الأسلحة النووية. وقال علي أصغر سلطانية سفير إيران لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة «سيكون لهذا النهج الغربي أثر سلبي على مفاوضات إيران مع دول «5 + 1» في إشارة إلى القوى الست وهي الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن إضافة إلى ألمانيا. من جهته أكد رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية علي أكبر صالحي أمس، أن إيران ستبقي على مستوى تخصيب اليورانيوم عند 5% أي أقل بكثير من المستوى اللازم لإنتاج قنبلة نووية. ونقلت الوكالة العمالية للأنباء (ايلنا) عن صالحي قوله «لا نريد تغيير تخصيب اليورانيوم عن نسبة 5% لإنتاج ما بين 150 إلى 300 كلغ فقط من الوقود المخصب بنسبة 20%». وقال إن إيران تحتاج إلى وقود مخصب بنسبة 20% لمفاعلها المخصص للأبحاث في طهران، وستطلب استيراد وقود مخصب بهذه النسبة عندما تلتقي القوى العالمية الكبرى في جنيف في الأول من أكتوبر (تشرين الأول) لإجراء محادثات حول برنامجها النووي.